أكد علماء دين واقتصاديون أن للزكاة دورا هاما وبارزا في إنعاش اقتصاد المجتمع من خلال إنعاش الحياة الاقتصادية وتحريك عجلة التنمية كما أنها علاج للقضاء على الركود الاقتصادي الناجم عن اكتناز الأموال وادخارها . وأشاروا إلى أن فريضة الزكاة تسهم في تنمية موارد المجتمع وتحقيق النهضة الاقتصادية وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وأن أموال الزكاة كفيلة بإحداث سيولة في أي مجتمع وتساعد على النهوض بالجوانب التنموية وتحسين مستوى توفير الخدمات والاحتياجات اللازمة للمواطنين . ولفتوا إلى أن الزكاة تعد إحدى خاصيات الاقتصاد الإسلامي ودعائمه الأساسية ولها علاقة وتأثير مباشر على الأزمات الاقتصادية ، حيث يعد الاقتصاد الإسلامي من وجهة نظر الشعوب المنقذ للبشرية كونه يركز على تحقيق العدالة والتنمية وتشغيل الأيدي العاملة ويتيح آفاق ومجالات استثمارية عديدة . الشيخ الداعية أمين سيف سعيد نمران عضو جمعية علماء اليمن أشار إلى أن الاقتصاد الإسلامي ينفرد بمزايا عديدة أبرزها أنه لا ينظر إلى الربح بدرجة رئيسية بقدر ما يسعى لتوسيع دائرة حركة المال ومن ثم تشغيل اليد العاطلة وتحفيز النمو الاقتصادي.. منوها بأن الاقتصاد الإسلامي أصبح محور إشادة من قبل الغرب لأنه يحقق العدالة الاجتماعية، الأمر الذي دفع بهم لفتح ما يسمى بالنوافذ الإسلامية في البنوك الربوية بالتعامل الإسلامي. وشدد على ضرورة الالتزام بأداء فريضة الزكاة كاملة دون التهاون فيها .. مبينا أن الزكاة فريضة من فرائض الإسلام وأحد أركانه وأهمها بعد الشهادتين والصلاة، كما تعد جزاء رئيسيا من النظام الاقتصادي الإسلامي، الذي يهدف بشكل أساسي إلى تحقيق التنمية الشاملة، في المجتمع . وهو ما أكدته دراسات اقتصادية حديثة في تقديمها لفوائد الزكاة وتأثيراتها على الاستثمارات وتحريك العملية الإنتاجية نحو النمو والازدهار ، فضلا عن إسهامها في الاستقرار الاقتصادي من خلال البيئة الاجتماعية التي توفرها . ويفيد أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة صنعاء الدكتور علي العسلي بأن الأبحاث العلمية أثبتت أن للزكاة دور هام وفاعل في معالجة معظم المشاكل الاقتصادية التي تواجهها العديد من دول العالم الإسلامي.. مبينا أن الزكاة لا تقف عند باب الصدقة الثابتة ولكنها تتعدى ذلك وتدخل باب المسار التنموي المتحرك عبر إعانة المحتاجين على تنشئة موارد رزق ثابتة ، ولذلك فإذا حدثت أزمات في ظل تطبيق اقتصادي إسلامي، فإن معالجتها ستكون سريعة وسيكون لمؤسسة الزكاة دور بارز في تجاوزها . ونوه إلى الدور التوجيهي للزكاة في الجانب الاقتصادي، وأن من أهم اهتمامات السلطات الاقتصادية أنها تتمحور حول كيف يمكنها التدخل عن طريق آليات معينة لتصحيح الاختلال وتوجيه الاقتصاد باعتبار الزكاة آلية توجيهية . ويبرز ذلك الأثر التوجيهي للزكاة في متغيرين أحدهما الاستثمار والآخر توطين المشاريع، ففي مجال الاستثمار تقوم الزكاة بدور تخصيص الموارد بين الاستهلاك الترفيهي والاستثمار إذ نجد أن بعض الأفراد يقومون باقتناء أدوات الزينة والرفاه من المعادن الثمينة، وهذا يعتبر اقتصاديا تجميدا وتعطيلا للأموال واكتناز غير مباشر لها . فعمل الإسلام على معالجة هذه المسألة على فرض الزكاة على مثل هذه المدخرات إذا كانت ذهبا أو فضة ، وعليه فإن الأفراد لا يستطيعون على المدى الطويل تحمل الإخراج المستمر للزكاة عن تلك المدخرات والأموال المكتسبة وهي مجمدة لا تدرّ أي عائد الأمر الذي يدفعهم إلى إخراجها واستغلالها في مجال الاستثمار حتى تحقق عائدا مجزيا يكفي على الأقل لتسديد نفقات الزكاة . أما دور الزكاة في توطين المشاريع وفقا للدراسات فإنها لا تؤثر على توطين المشاريع من خلال التأثير على المعدل أو السعر وإنما تتدخل بطريقة توجيهية أخرى تمثل التحكم في حصيلة الزكاة، بحيث لا يسمح لها بالخروج من مكان تحصيلها إلى مكان آخر. كما أن الزكاة من ناحية أخرى تدفع إلى توطين المشاريع الزراعية في المناطق النائية والصعبة من خلال تخفيف معدل الزكاة بالنصف عنه في المناطق الأخرى ذات العيون والأمطار. ويرى خبراء الاقتصاد أن قدرة أفراد المجتمع على الاستثمار تتوقف على مستوى ادخار الفرد والحكومة بصورة عامة وفي هذا الجانب فإن الزكاة تعلب دورا هاما في زيادة العمل ما يؤثر إيجابا على زيادة عمليات الادخار. كما يؤكدون أن التنمية الاقتصادية الشاملة في المجتمع تتطلب توفر التمويل لإشباع الحاجات الأساسية للفقراء ونظرا لتكلفتها المالية العالية على الدولة فإن الزكاة تعمل على تمويل هذه الاحتياجات، ما يتيح للدولة مواجهة تمويل مشاريع البنية التحتية الكبيرة وهنا يتأكد دور الزكاة في عملية الاستثمار الذي يؤدي إلى زيادة المال والذي بدوره يؤدي إلى زيادة جباية الزكاة أي أنها عملية طردية فكلما زاد جني المال من قبل الأفراد زادت أموال الزكاة التي توزع على الفقراء وبالتالي تحقيق الفائدة للجميع. ومن هذا المنطلق تأتي أهمية الزكاة، فهي فضلا عن أهميتها كشعيرة دينية، تعد أداة اقتصادية، وركيزة من ركائز النظام الاقتصادي الإسلامي كونها تحد من رغبة البعض في اكتناز الأموال، لأن الزكاة تعمل على إعادة تدوير الأموال وتدفع بها إلى مجالات التنمية والاستثمار. ويرى عدد من فقهاء الدين الإسلامي جواز استثمار جزء من أموال الزكاة في مشاريع يستفيد منها الفقراء وتوفر فرص وظيفية للعاطلين عن العمل خاصة أن الشريعة الإسلامية تقدم ميزة أيضا في هذا الجانب كونها تعفي الآلات المستخدمة في الصناعة من الزكاة، وهو ما يشجع على الاستثمار الذي بدوره يوفر فرص عمل للشباب ما يؤكد أن الزكاة أداة فعالة لمساعدة العاطلين وبواسطة ذلك تساهم تدريجيا في الحد من البطالة وتحويل المستفيدين إلى منتجين بعد أن كانوا عبئا على المجتمع.