تتميز زكاة الفطر عن غيرها من أنواع الزكاة بميزات وخصائص محددة ولحكم عديدة أبرزها أنها فرضت لتطهير النفس البشرية بعيدا عن المال وحساباته وأوجبها الشرع على كل نفس مسلمة كبيرا أو صغيرا، غنيا أو فقيرا شرط أن يمتلك قوت يومه. وحدد توقيت هذا النوع من الزكاة في ختام صيام شهر رمضان، تطهيرًا للصائم مما قد كدَّر صيامه أو شابه من شوائب حيث روي عن النبي صلى الله عليه سلم "صوم شهر رمضان مُعلق بين السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر". وبحسب الحديث الشريف، فالصوم لايتم قبوله إلا بإخراج زكاة الفطر فهي طُهرة للصائم من ناحية، ومن ناحية أخرى هي طُعمة للمساكين. حكمتها وعن حكمة فرض هذه الزكاة يقول فضيلة العلامة محمد إسماعيل العمراني مفتي اليمن في حديث لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن الحكمة من مشروعية زكاة الفطر تبرز في أنها تغني الفقير يوم العيد ويكون للناس جميعهم قوت في يوم العيد. واستدل العلامة العمراني بحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي قال فيه "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل صلاة العيد فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات". في السياق ذاته قال إمام وخطيب مسجد النصر في عدن فضيلة الشيخ علي محمد علي الزيدي في حديث مماثل ل(سبأ) إن الحكمة من فرض زكاة الفطر هو الإحسان إلى الفقراء وكفهم عن السؤال في أيام العيد ليشاركوا الأغنياء فرحهم وسرورهم ويكون عيدا للجميع وتطهيرا للصائم مما يحصل في صيامه من لغو وإثم. وأكد أن من حكمة فرض زكاة الفطر ما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم"، ما يجعل المسلم يحرص على أن لا يدع المسكين مهما بلغ فقره، واشتدَّت حاجته، يمدُّ يده لسؤال الناس في يوم العيد. مقدارها وأشار إمام وخطيب مسجد النصر في عدن إلى أن زكاة الفطر تخرج صاع من طعام الناس من تمر أو بر أو أرز أو زبيب وغيرها من طعام بني آدم أو من غالب قوت أهل البلد، مستدلا في ذلك بما ورد في الصحيحين من حديث ابن عمر قال "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير وكان الشعير يومئذ من طعامهم"، مبينا أن مقدار زكاة الفطرة صاع بصاع النبي ووزنه اثنين كيلو وأربعين جراما. على مَن تجب؟ تجب هذه الزكاة على مَن ملك مقدارا فاضلا عن قوت يوم العيد وليلته لأنها تختلف عن زكاة المال، يشترط فيها النصاب، بل هي تلزم المسلم بشرطها السالف الذكر، وهو أن يفضُل لديه مقدار الزكاة زائدًا عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، لأن الإسلام يريد منها معنًى جميلا، هو أن يتعوَّد المسلم البذل وأن يتدرَّب على الإعطاء والإنفاق، حتى الفقير، يتعوَّد يوما من الدهر أن تكون يده هي العليا فيعطي ولا بأس بأن يُعطِى ويُعطَى وأن يُنفِق ويُنفَق عليه. ولفت الشيخ الزيدي إلى أنه لا يجب إخراجها عن الجنين في بطن أمه إلا إذا كان تطوعا، مشيرا إلى أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان كان يخرجها عن الحمل. ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "زكاة الفطر صاع من بُرّ على كل إنسان، صغير أو كبير، حُر أو مملوك، غني أو فقير"، كما قال عليه الصلاة والسلام: "أما غنيُّكم فيزكِّيه الله تعالى، وأما فقيركم فيردُّ الله عليه أكثر مما أعطى"، فهو يُعطي من هنا، وتجيئه صدقات وزكوات من هناك، ويعوِّضه الله خيرًا مما آتى. ويحث الدين الإسلامي المسلمين على أن يُشركوا إخوانهم الفقراء في مسرَّات هذا يوم العيد، ولهذا وجبت هذه الزكاة، تُعطى للفقير قبل أن يسأل، وقبل أن يُريق ماء وجهه، وقبل أن يمدَّ يده. مكان أداءها يخرج المسلم زكاة فطره في البلد الذي يدركه فيه أول ليلة من شوال (ليلة العيد) ؛ لأن هذه الزكاة ليس سببها الصيام وإنما سببها الفطر ولهذا أضيفت إليه وسميت زكاة الفطر ولهذا لو مات إنسان قبل مغرب اليوم الأخير من رمضان لم تكن زكاة الفطر واجبة عليه، وإن صام سائر أيام رمضان، ولو ولد مولود بعد مغرب آخر يوم من رمضان أي في الليلة الأولى لدخول شهر شوال كان من الواجب إخراج زكاة الفطر عنه وفقا لإجماع العلماء باعتبارها زكاة مرتبطة بالعيد وبتعميم الفرحة به بحيث تشمل الفقراء والمساكين، وذلك بحسب ما جاء في الحديث الشريف: "أغنوهم في هذا اليوم". وقت إخراجها ووقت هذه الزكاة -كما سلف- يجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان، إلى ما قبل صلاة العيد، وتعتبر صدقة لمن أخَّرها بعد صلاة العيد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومَن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"، أي أن من أخَّرها عن وقتها يأثم، ولكنها لا تسقُط عنه على كل حال بالتأخير حتى يؤدِّيها، الأمر الذي حتم على المسلم الحرص على أدائها في وقتها، قبل صلاة العيد. كما أجاز العلماء تأديتها قبل العيد بيوم أو يومين، كما جاء عن ابن عمر: أنهم كانوا يؤدون صدقة الفطر، قبل العيد بيوم أو يومين، بل أجاز الإمام الشافعي، أن تُخرج من أول رمضان، وأجاز الحنابلة أن تخرج من منتصف رمضان، وفي هذا تيسير على الناس، وتوسعة عليهم. لكن الأولى والأرجح أن تخرج قبيل العيد، لتظلَّ في مناسبتها، كونها شُرعت لهذا الغرض، إشراك الفقراء في مسرَّة العيد، فكلما كانت أقرب إلى العيد أدَّت هذا المعنى وحقَّقت الغرض. زكاة الفطر في القانون ووفقا للقانون اليمني، نصت المادة 22 الفصل العاشر من القانون بخصوص زكاة الفطر على مراعاة ما ورد في المادة 23 التي اشترطت وجوب زكاة الفطر على الشخص المسلم الذي يملك معها قوت يومه وليلته وقوت من تلزمه نفقته كذلك، وما عدا ذلك أوجبت المادة 22 زكاة الفطر على كل مسلم ومسلمة كبيراً أو صغيراً يدفعها الشخص عن نفسه ومن يعولهم ممن تلزمه نفقته ويجوز تحصيلها خلال النصف الأخير من شهر رمضان على أن يكون نهاية صرفها للفقراء قبل صلاة العيد. وحددت المادة 24 من القانون مقدار زكاة الفطر بصاع من غالب قوت أهل البلد، ويجوز دفع القيمة نقداً إن كانت المصلحة تقضي بذلك وتحدد المصلحة سعر الصاع حسب سعر السوق في حينه.