أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأربعاء، أبواب المسجد الأقصى المبارك أمام كافة المواطنين الفلسطينيين بحجة أعياد "رأس السنة العبرية" ولم تسمح إلا بدخول موظفي المسجد.. كما سمحت لمجموعات من المتطرفين اليهود من دخوله. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن طفل فلسطيني أصيب برصاص مطاطي في الكتف واختنقت مجموعة من النساء المرابطات داخل المسجد بحالات اختناق، جراء رشهن بغاز الفلفل السام، خلال مواجهات اندلعت بين قوات الاحتلال الإسرائيلية والمصلين، إثر اقتحام عدد من المستوطنين باحات المسجد الأقصى منذ الساعات الأولى لفجر اليوم. وقال شهود عيان من داخل الأقصى، إن حوالي 49 مستوطنا اقتحموا حتى الآن الأقصى عبر مجموعات صغيرة. يشار إلى أن عناصر من الوحدات الخاصة بشرطة الاحتلال اقتحمت المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة لملاحقة المصلين الذين تصدوا لمجموعة من المستوطنين التي اقتحمت الأقصى فجرا بالحجارة وبالتكبيرات. وكانت جماعات يهودية متطرفة دعت مؤخرا إلى اقتحامات جماعية للأقصى اليوم، إحياءً لما يسمى ب"رأس السنة العبرية" عند اليهود.. وقررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي، إغلاق الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، ومنع المسلمين من الوصول إليه يومي الخميس والجمعة المقبلين. هذا وحمّلت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، على لسان مديرها العام الشيخ عزام الخطيب التميمي، شرطة الاحتلال مسؤولية الأحداث في الأقصى.. لافتاً إلى أن شرطة الاحتلال "لم تستجب لطلب الأوقاف بإغلاق باب المغاربة اليوم أمام المستوطنين الذين أعلنوا صراحة استهدافهم للمسجد الأقصى اليوم وفي أعيادهم التي تبدأ مساء الليلة". وما زالت أجواء شديدة التوتر تسود المسجد الأقصى ومحيطه ومحيط البلدة القديمة. وفي تطور لاحق اليوم، منعت قوات الاحتلال المفتى العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، الشيخ محمد حسين وعدد من شخصيات دينية واعتبارية أخرى من دخول المسجد، واحتجزتهم على مدخل باب حطة، تزامناً مع تسهيلها عملية اقتحام حرمات المسجد وساحاته من قبل المتطرفين اليهود. وشجبت دار الإفتاء في بيان صحفي، هذه الإجراءات التعسفية، وناشدت المصلين من أهل القدس وأراضي عام 1948، وكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى تكثيف شد الرحال إليه، مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإيقاف القيود التي تحول دون وصول المصلين إليه. ودعت دار الإفتاء جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والزعماء العرب والمسلمين وقادة العالم المبادرة إلى عمل جاد تجاه الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الفلسطينية، والسماح لأصحابها بممارسة شعائرهم وعباداتهم بحرية. إلى ذلك استنكر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس الوفد الفلسطيني لمفاوضات الوضع النهائي صائب عريقات، خلال لقائه شخصيات سياسية دولية اليوم الأربعاء، الممارسات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى اليوم والتي تخللها اقتحام مجموعات من المستوطنين باحاته وإغلاق بواباته في وجه المواطنين. وحمل عريقات الحكومة الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة لنتائج وتبعات هذه الجريمة التي تضاف إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية من تكثيف لعمليات القتل بدم بارد، وهدم البيوت، وتهجير السكان، وتكثيف النشاطات الاستيطانية". وشدد على أن هذه الممارسات الإسرائيلية "تهدف إلى تدمير الجهود المبذولة لإنجاح عملية السلام والتوصل إلى تحقيق مبدأ الدولتين على حدود 1967، وحل قضايا الوضع النهائي دون استثناء وعلى رأسها القدس واللاجئين والأسرى، استناداً لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة". من جهته قال مدير أوقاف الخليل تيسير أبو اسنينة اليوم، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أبدت نيتها وبإلحاح غير مسبوق السيطرة على الغرفة الواقعة بمنطقة العنبر في "القسم المغتصب" من الحرم الإبراهيمي الشريف. وأوضح "أن الغرفة ذات قيمة وموقع استراتيجي هام بالنسبة للمسلمين كما هو الحال لجميع أجزاء الحرم، وهي تستخدم في تخزين المواد والأغراض المستهلكة الخاصة به منذ سنوات طويلة، وهي مطلة على أجزاء هامة منه، ويقصدها المسلمون في جميع الأوقات".. مضيفاً "سلطات الاحتلال حاولت وبإلحاح كبير السيطرة عليها، بدعوى أنها تريد وضع بوابات إلكترونية موجودة في القسم المغتصب من الحرم بداخلها". من جهة أخرى طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية اليوم، دول العالم كافة، خاصة الرباعية الدولية، باتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، الذي يهدد بتقويض مفاوضات السلام الجارية بين الطرفين. ودعت الوزارة في بيان صحفي، العالمين العربي والإسلامي للتحرك العاجل من أجل حماية الأقصى والمقدسات، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في دفاعه عن القدس ومقدساتها، وهويتها السياسية والدينية والثقافية. كما دعت المنظمات الأممية المختصة للقيام بمسؤولياتها وواجباتها تجاه القدس والمقدسات، خاصة المسجد الأقصى المبارك، وملاحقة المسئولين عن هذا العدوان ومحاسبتهم. وأدانت وزارة الخارجية بشدة هذا العدوان المتواصل ضد المسجد الأقصى المبارك، وحمّلت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان وتداعياته. وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح ديمتري دلياني: "إن حكومة الاحتلال ومن خلال إجراءاتها العسكرية المتوافقة مع اعتداءات مواطنيها تسعى إلى تصعيد التوتر في الحرم القدسي الشريف، بهدف اختبار ردود الأفعال العربية والإسلامية وصولاً إلى فرض أمر واقع يقضي بتقسيم الحرم مكانياً وزمانياً بين المسلمين واليهود". ودعا رئيس المحكمة العليا الشرعية رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الشيخ يوسف ادعيس، في بيان له، أبناء مدينة القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 التوجه إلى المسجد الأقصى لفك الحصار عن المرابطين الذين احتجزتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل المسجد بعد إغلاق أبوابه بالسلاسل. ونبه إلى أن "دولة الاحتلال تحاول استغلال الظروف الإقليمية التي تمر بها المنطقة معتبرة أنها اللحظة المناسبة للانقضاض على المقدسات الإسلامية والمسيحية خاصة المسجد الأقصى المبارك لمحاولة فرض سياسة أمر واقع للوصول إلى الهدف المنشود وهو تقسيم الأقصى على غرار الحرم الإبراهيمي تمهيدا لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه". وحذرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات من مواصلة السياسة الإسرائيلية القائمة على المساس بحرمة المسجد المبارك والاعتداء على المصلين وطلاب العلم داخله، منددة باستمرار الاقتحامات اليومية الاستفزازية لباحات المسجد وتأدية الطقوس والرقصات التلمودية. ودعا أمين عام الهيئة حنا عيسى المواطنين المقدسيين وكل من يستطيع الوصول إلى مدينة القدسالمحتلة التوجه إلى المسجد الأقصى المبارك "لحمايته من اعتداءات جنود الاحتلال وغطرسة مستوطنيه". وأدان المتحدث باسم حركة فتح أحمد عساف بشدة محاولات الجماعات اليهودية المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى المبارك وساحاته، مؤكداً أن هذه المحاولات "تمثل عدواناً مبيتاً على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين باعتبارها جزءً من المخطط الإسرائيلي الإجرامي لتهويد القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وتغيير طابعها التاريخي والحضاري العربي". وحذر عساف في بيان صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة من أن يؤدي هذا "العدوان وهذه الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة والمتمثلة بالاستيطان والتهويد لنسف كل الجهود الدولية المبذولة لدفع المفاوضات والتوصل لسلام حقيقي يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال وينسف مبدأ حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو1967 الذي أجمع عليه العالم". ودعا المجتمع الدولي وخاصة الدول العربية إلى "العمل الجاد من أجل وقف الانتهاكات الإسرائيلية ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني المشروعة للاحتلال وسياساته التوسعية، وإلى العمل من أجل تكريس الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف". وحذر عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون القدس أحمد قريع "أبو علاء" من توالي الهجمات الشرسة التي تقوم قطعان المستوطنين بحماية سلطات الاحتلال الإسرائيلية على المسجد الأقصى. واعتبر قريع في تصريحات صحفية اليوم "أن ما يحدث في المسجد الأقصى المبارك من سلسلة اقتحامات وانتهاكات واستباحة متواصلة من قبل عصابات المستوطنين المتطرفين تحت حماية وغطاء من شرطة الاحتلال والاعتداء على المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى المبارك، تستدعي التصدي بكل الإمكانيات لصد هذه الانتهاكات والخروقات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية وقطعان المستوطنين الذين يعيثون في الأقصى فسادا". في السياق ذاته، أدانت جبهة النضال الشعبي الفلسطينية محاولات الاحتلال ومستوطنيه اقتحام المسجد الأقصى وساحاته، واحتجاز المواطنين داخل المسجد الأقصى المبارك وإغلاق أبوابه بالسلاسل، مشيرةً إلى أنه عمل استفزازي وخطير، وحلقة في مسلسل التهويد والأطماع الاستيطانية التي تسعى حكومة الاحتلال لفرضها على ارض الواقع. وأكدت رفضها لهذه المحاولات الممنهجة والخطيرة للمجموعات الإسرائيلية المتطرفة التي تشاركهم شخصيات حزبية وسياسية وأعضاء في الكنيست الإسرائيلية والذين يعدون علناً إلى اقتحام باحات المسجد تحت مزاعم مغلوطة تتنافى مع الحقائق والوقائع التاريخية لشعبنا الفلسطيني والتراث العربي الإسلامي للحرم الشريف بهدف تقسيمه بذريعة وجود أماكن يهودية مقدسة فيه.