وصلت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية إلى طريق مسدود ومرحلة حرجة فما كادت أن تبدأ هذا العام بعد توقفها لفترة لثلاث سنوات حتى أنتقلت إلى مأزق حقيقي بسبب تعنت الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تعمل ليل نهار لهدم هذه المفاوضات والسير بها نحو الفشل بإصرارها على ممارسة سياسة الاستيطان واستلاب الأرض الفلسطينية. وكالعادة وجه رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو أمس اتهاما للفلسطينيين باثارة "ازمات مصطنعة" حول محادثات السلام قبيل اجتماعه بوزير الخارجية الامريكي جون كيري في القدس لنحو ثلاث ساعات. لكن كيري أكد رفض الولاياتالمتحدةالامريكية للبناء الاستيطاني واصفا الاستيطان بانه "غير شرعي"، وذلك بعد هذا الاتهام حول الموضوع. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، الليلة الماضية، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أكد لوزير الخارجية الأمريكي خلال لقائمها ببيت لحم، أن الاستيطان كله غير شرعي. وأضاف أبو ردينة في تصريح صحفي أن الرئيس عباس وكيري ناقشا ما جرى خلال جولات المفاوضات، وأن الرئيس الفلسطيني أكد أن المفاوضات مستمرة، والتزام الجانب الفلسطيني بمفاوضات تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وقال كيري بعد لقائه الرئيس محمود عباس في بيت لحم: ''نعتبر ولطالما اعتبرنا الاستيطان غير شرعي'. وأضاف أن الرئيس عباس ملتزم بعملية السلام. واضاف الوزير الاميركي "في ما يتعلق بالعودة الى المحادثات، اود ان يكون من الواضح للغاية ان الفلسطينيين لم يوافقوا في اي وقت من الاوقات وباي شكل من الاشكال على قبول الاستيطان". وتابع "هذا لا يعني انهم لم يكونوا هم على علم - او لم نكن نحن على علم - بانه سيكون هناك بناء" استيطاني. وتأتي تصريحات كيري ردا على ادعاءات مسؤولين اسرائيليين بان العطاءات الاستيطانية تأتي بعد "تفاهمات" بين الطرفين تتعلق باطلاق سراح 26 اسيرا فلسطينيا من اسرى ما قبل العام 1993 الاسبوع الماضي. ونفى المسؤولون الفلسطينيون بشكل قاطع هذه الادعاءات. وقال كيري "الفلسطينيون يرون ان المستوطنات غير قانونية. وتواصل الولاياتالمتحدة الاعتقاد ان المستوطنات لا تساعد". واستأنف الاسرائيليون والفلسطينيون مفاوضات السلام المباشرة في اواخر تموز/يوليو الماضي عقب ضغوط كبيرة من واشنطن، بعد تعثرها لثلاثة اعوام. واعلن مسؤول فلسطيني كبير ليل الثلاثاء "عقدت الليلة جلسة مفاوضات فلسطينية - اسرائيلية بوجود الطرف الاميركي لكن الجلسة كانت متوترة جدا وانفجرت بسبب التعنت الاسرائيلي". واشار المسؤول الى ان الفلسطينيين غاضبون من الادعاءات الاسرائيلية التي تقول بان العطاءات الاستيطانية جاءت "كتفاهمات" بين الجانبين عقب اطلاق سراح 26 اسيرا فلسطينيا منذ وقت طويل، الاسبوع الماضي. واوضح المسؤول "اسرائيل تدعي انه يوجد صفقة لاستمرار الاستيطان مقابل اطلاق سراح الدفعة الاخيرة من الاسرى، وهذا غير صحيح على الاطلاق". واضاف "اوضح الوفد الفلسطيني امام الطرف الاميركي رفضه لهذه الادعاءات بشكل مطلق ولكن الجانب الاسرائيلي مصر على استمرار الاستيطان ونحن لا نستطيع الاستمرار في المفاوضات في ظل هذه الهجمة الاستيطانية غير المسبوقة". واعلن كيري في بيت لحم عن استثمار اميركي اضافي بقيمة 75 مليون دولار في مشاريع البنى التحتية الفلسطينية الصغيرة في الضفة الغربية كشق طرق ومدارس وعيادات ومراكز مجتمعية. واوضح قائلا "علينا تطوير الاقتصاد لنظهر للشعبين ان للسلام فوائد، الفرص الاقتصادية والرخاء وتحسين نوعية الحياة". وعقدت حتى الان حوالى 20 جلسة تفاوضية في غضون الاشهر الثلاثة هذه، وفي حال لم يلق الوسيط الاميركي بثقله فان المفاوضات آيلة الى الفشل، كما حذر مسؤولون فلسطينيون ووسائل اعلام اسرائيلية. وحدد المفاوضون الاسرائيليون والفلسطينيون لانفسهم هدفا يقضي بالتوصل الى اتفاق سلام نهائي خلال تسعة اشهر. وقبيل زيارة كيري، طرحت اسرائيل الاحد عطاءات لبناء 1859 وحدة سكنية استيطانية جديدة في الضفة الغربيةوالقدس الشرقية المحتلتين. ويطالب المفاوضون الفلسطينيون بان تعقد المفاوضات على اساس حدود ما قبل الاحتلال الاسرائيلي للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة في يونيو 1967 مع تبادل اراض متماثلة. اما الاسرائيليون فاقترحوا كقاعدة للمفاوضات خط الجدار الذي بنته اسرائيل في الضفة الغربية وليس حدود 1967 كما يطالب الفلسطينيون، بحسب وسائل اعلام اسرائيلية. وعلاوة على ذلك تطالب اسرائيل بالابقاء على وجود عسكري طويل الامد في غور الاردن وان يكون تبادل الاراضي على اساس حاجاتها الامنية، بحسب ما قال مصدر فلسطيني قريب من الملف لوكالة فرانس برس. إلى ذلك أكدت جامعة الدول العربية أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الجارية تمر بمأزق حقيقي بسبب تعنت الحكومة الإسرائيلية الحالية مشددة علي أنها تراقب موقف إسرائيل التي تعمل ليل نهار لهدم هذه المفاوضات وتحميل مسؤولية فشل نتائجها للجانب العربي. وقال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة السفير محمد صبيح في تصريحات صحفية يوم أمس إن الجانب العربي أعطى هذه المفاوضات والإدارة الأمريكية فرصاً ومواقف إيجابية كثيرة لكن إسرائيل لم تتجاوب مع أي خطوة إيجابية لتحقيق أدنى درجات السلام ،لافتا إلى أنه في هذه الساعات هناك أخبار رسمية عن بناء حوالي 5000 وحدة استيطانية وهذا معناه تخريب للمفاوضات. وأضاف أن الشعب الفلسطيني يتفاوض على سيادة الأرض وقيام دولة على حدود الرابع من يونيو 67 وعاصمة هذه الدولة القدس الشريف مذكراً بالقرارات الدولية في هذا الخصوص. وأوضح أن وزير الخارجية الأمريكي الذي حصل على الدعم العربي للتحرك عليه مسؤولية كبيرة جداً وقد تكون هذه الفرصة الأخيرة للحديث عن السلام لأن المفاوضات استمرت لأكثر من 20 عاماً وتعطلها إسرائيل لافتا إلى أنه بمجرد أن تبدأ المفاوضات تزداد وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية.