تتواصل التصريحات الأمريكية المتفائلة بشأن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ استئنافها برعاية أمريكية في يوليو الماضي مع استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تهدد عملية السلام في الشرق الأوسط بالفشل. ففي باريس اعلن وزير الخارجية الامريكي جون كيري أمس الاثنين ان المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين تتكثف وان جميع "المشاكل الاساسية" مطروحة على الطاولة. واشار بعد لقاء مع ممثلي الجامعة الجامعة العربية الى ان الاسرائيليين والفلسطينيين التقوا 13 مرة منذ استئناف مفاوضات السلام في يوليو الماضي بينها ثلاثة اجتماعات خلال الايام الاربعة الماضية. واكد كيري ان "وتيرة المفاوضات تصاعدت وان جميع المشاكل الاساسية مطروحة على الطاولة وقد التقوا بوتيرة متصاعدة". والاثنين بدأ جون كيري الذي يعتبر مهندس الحوار المباشر بين الاسرائيليين والفلسطينيين بعد توقف استمر ثلاث سنوات تقريبا، سلسلة لقاءات في اوروبا. والتقى في باريس وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ولجنة المتابعة العربية لعملية السلام. وسيجري محادثات غدا الاربعاء مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو. ويرعى الاميركيون منذ نهاية يوليو المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين. وقال كيري "ليس سرا على احد ان العملية صعبة"، موضحا ان "للاسرائيليين والفلسطينيين قادة يدركون التحدي جيدا وقد خاطروا بحمل الاطراف الى طاولة" المفاوضات. وفي برلين أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاسبوع الماضي في اطار جولتة الأوروبية في مؤتمر صحفي مع المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل بناء إسرائيل مستوطنات في الأراضي المحتلة، معتبرا أن ذلك أمر غير قانوني، وطالب الحكومة الإسرائيلية بوقف بناء المستوطنات. وعن محادثات السلام الجارية حاليا بشأن قضية الشرق الأوسط، قال عباس "يجب علينا انتهاز الفرصة التاريخية حتى نجد حلا للشعبين"، وأكد أن الفلسطينيين ملتزمون جديا بإنجاح المفاوضات. ويحاول وزير الخارجية الأميركي في آطار جولة الأوروبية التي تستغرق اربعة ايام التي ستقوده إلى فرنسا وبريطانيا وإيطاليا, حيث سيلتقي عددا من المسؤولين الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين إعطاء دفع جديد لمفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية التي استؤنفت في يوليو الماضي برعاية أميركية بعد انقطاع طويل قبل أن تتعثر مجددا. وشددت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية جين بساكي على أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية جدية وهي مستمرة على خلاف ما تتحدث عنه بعض التقارير الصحفية من توقف هذه المفاوضات أو التشكيك في انعقادها. وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات اتهم الخميس الماضي الحكومة الإسرائيلية ب"تدمير عملية السلام" من خلال مواصلة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية, تعليقا على تقرير منظمة "السلام الآن" الذي قال إن عمليات بناء المستوطنات الإسرائيلية الجديدة زادت بنسبة 70%. وقالت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية إن عمليات بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربيةوالقدس الشرقية زادت بنسبة 70% خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من 2012، وأشارت المنظمة نفسها إلى أن الأشهر الستة الأولى من 2013 عرفت البدء ببناء 1708 وحدات سكنية في الضفة الغربية مقابل 995 وحدة في المرحلة نفسها من 2012. واعتبر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، تعقيباً على هذه الإحصائيات، بأن مواصلة إسرائيل للاستيطان "تدمر عملية السلام". وأشارت المنظمة الإسرائيلية المناهضة للاستيطان إلى أن 44% من المستوطنات الجديدة تقع في الجهة الشرقية لجدار الفصل الذي أقامته تل أبيب ويلتهم مساحات من الضفة الغربية. وأضافت أنه من بين الوحدات السكنية الاستيطانية الجديدة 180 وحدة تعد عشوائية، أي لم تحصل على التراخيص الضرورية من السلطات الإسرائيلية. من جانب آخر، قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن غابي كادوش مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشؤون الاستيطان وضع مخططا يقضي بتنفيذ أعمال بناء في المستوطنات من دون نشر أي شيء عنها، ومن خلال منح إعفاء بنشر عطاءات بناء هذه المستوطنات، وذلك بهدف التخفيف من الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب البناء الاستيطاني، حيث أن المجتمع الدولي يرفض النشاط الاستيطاني الإسرائيلي. وقالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن مستشاراً لرئيس الوزراء وضع مخططاً يقضي بتنفيذ أعمال بناء في المستوطنات من دون نشر أي شيء عنها وأضافت الصحيفة أن أحد مخططات البناء الذي يسعى كادوش إلى الدفع بها هو مخطط لبناء 290 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة إلكناه، غير أن هذا المخطط لم ينفذ بسبب تحسّب نتنياهو من الإعلان عنه والتعرض لانتقادات دولية في الفترة التي تجري فيها مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وفي ظل إعلان الاتحاد الأوروبي عن فرض عقوبات على المستوطنات. وقد أكدت مصادر فلسطينية في الأيام القليلة الماضية وجود أزمة حقيقية في مفاوضات السلام مع الاحتلال بسبب إصرار الإسرائيليين على وضع شروط تتضمن إبقاء سيطرة الاحتلال على أجواء الدولة الفلسطينية الموعودة ومعابرها، وإصرار نتنياهو على اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة إسرائيل. وأوردت صحيفة معاريف أن إسرائيل تدرس اقتراحاً يقضي بأن تعرض على الفلسطينيين تسلم منطقة واسعة نسبياً في منطقة مدينة نابلس بالضفة الغربية مقابل موافقة الفلسطينيين على ضم الكتلة الاستيطانية غوش عتصيون، الواقعة بين القدس الشرقية ومدينة الخليل، إلى إسرائيل.