بدأت اليوم في العاصمة النمساوية فيينا مفاوضات إيران والدول الست الكبرى بشأن نقاط حساسة في البرنامج النووي الايراني المثير للجدل وسط تصريحات حذرة بشأن التوصل لحل يرضي الطرفين. ومن المنتظر أن يبدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومسؤولون من الاتحاد الاوربي والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولاياتالمتحدة محادثات اليوم بشأن الحد من البرنامج النووي الإيراني لمنع طهران من صنع قنبلة ذرية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدائمة عنها. وكان الطرفان توصلا لاتفاق مرحلي في نوفمبر الماضي وافقت طهران بمقتضاه على وقف بعض عمليات تخصيب اليورانيوم لمدة ستة أشهر، مقابل تخفيف بعض العقوبات المفروضة عليها. وسيعمل المتفاوضون على تحويل خطة العمل التي دخلت حيز التنفيذ في يناير الماضي تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى اتفاق شامل يضمن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني بشكل لا يترك مجالا للشك. ويعتبر الرهان كبيرا خلف هذه المفاوضات لأن التوصل لاتفاق نهائي بشأن الملف النووي سيسمح بتطبيع العلاقات بين طهرانوواشنطن المقطوعة منذ 35 عاما، وسيبعد الخيار العسكري الذي لوح به مؤخرا من جديد وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وأعلن الزعيم الاعلى الايراني علي خامنئي مرة اخرى امس الاثنين ان المحادثات بين طهران والقوى العالمية الست "لن تؤدي إلى شيء" لكنه قال مجددا انه لا يعارض هذه الجهود الدبلوماسية الحساسة. وبعد ساعات قلل مسؤول رفيع بالادارة الامريكية أيضا من سقف التوقعات وقال للصحفيين في العاصمة النمساوية انها ستكون "عملية معقدة وصعبة وطويلة" وان "احتمال عدم التوصل الى اتفاق هو بنفس قدر احتمال التوصل الى اتفاق." وهذه أول جولة مفاوضات تجري على مستوى عال منذ التوصل الى اتفاق مؤقت يوم 24 نوفمبر وافقت بموجبه طهران على تقييد بعض أنشطتها النووية لمدة ستة أشهر مقابل تخفيف محدود للعقوبات للسماح بوقت للتوصل الى اتفاق طويل الاجل. وإذا نجحت المفاوضات فانها قد تساعد في انهاء سنوات من العداء بين ايران والغرب وتقليل مخاطر نشوب حرب جديدة في الشرق الاوسط وفتح فرص هائلة للنشاط التجاري للغرب. وبدأت المحادثات - التي يتوقع ان تستمر يومين أو ثلاثة أيام -اليوم الثلاثاء في مجمع الاممالمتحدة في فيينا. وقال متحدث باسم كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوربي التي تشرف على المحادثات نيابة عن القوى العالمية ان الاجتماعات الثنائية بين الوفدين تجري حاليا. وقال مسؤولون غربيون ان المحادثات تهدف الى الاتفاق على كيفية المضي قدما في المفاوضات في الاشهر القادمة والموضوعات التي يجب بحثها. وقال المسؤول الامريكي الرفيع "اننا نعد بصفة أساسية للمفاوضات." وقال مايكل مان المتحدث باسم اشتون للصحفيين "لا أحد يتوقع اتفاقا نهائيا في هذه الجولة لكننا نأمل في احراز تقدم ... الهدف هو اعداد اطار عمل للمفاوضات في المستقبل. وعلى مدى عقد من المفاوضات التي جرت بشكل متقطع مع القوى العالمية رفضت ايران مزاعم دول غربية بأنها تسعى لامتلاك قدرات تسلح نووي. وتقول ان نشاطها النووي موجه الى توليد الكهرباء والاغراض الطبية. وتحدت طهران مطالب مجلس الامن التابع للامم المتحدة بأن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم والانشطة الحساسة الاخرى مما ادى الى عقوبات من الولاياتالمتحدةوالاممالمتحدة أضرت بشدة باقتصاد الدولة المنتجة للنفط. وهناك عامل رئيسي آخر وهو ان اختيار الايرانيين في انتخابات العام الماضي للرئيس المعتدل حسن روحاني الذي يستهدف تخفيف العزلة الدولية المفروضة على طهران. ومن أجل تحقيق هذا الهدف يقول خبراء ودبلوماسيون ان ايران سيتعين عليها قصر تخصيب اليورانيوم على تركيز انشطاري منخفض ووقف تشغيل معظم أجهزة الطرد المركزي المستخدمة الان في هذا العمل والحد من الابحاث النووية والاذعان لعملية مراقبة صارمة من جانب مفتشي الاممالمتحدة. واشار مسؤولون ايرانيون آخرون مرارا الى ان مثل هذا الخفض في القدرات النووية سيكون أمرا غير مقبول. وتراجعت الحكومات الغربية فيما يبدو عن هذه الفكرة التي وردت في سلسلة قرارات لمجلس الامن التابع للامم المتحدة منذ عام 2006 التي تنص على ضرورة ان توقف ايران بالكامل كل أنشطتها التي تتعلق بتخصيب اليورانيوم وانتاج البلوتونيوم. وفي محادثات فيينا يجتمع مسؤولون كبار من القوى الست مع وفد ايران الذي يرأسه وزير الخارجية محمد جواد ظريف ونائبه عباس عراقجي. وستكون هذه المحادثات هي الاولى فيما يتوقع أن تكون سلسلة من الجولات في الشهور القادمة. وأشار مسؤول أمريكي إلى ان المحادثات ستستغرق وقتا وقال إن واشنطن لا تريد لها ان تستمر بعد مهلة الستة أشهر التي تمت الموافقة عليها في اتفاق نوفمبر. وهذه المهلة التي تنتهي أواخر يوليو تموز يمكن تمديدها نصف عام آخر بموافقة الطرفين.