لا شك في أن إسرائيل كعادتها تحاول منذ بدء المفاوضات مع الفلسطينيين مطلع العام الماضي عرقلة عملية السلام في الشرق الأوسط من خلال استمرارها في بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإصرارها على استلاب الحقوق الفلسطينية بالرغم من الآمال الأمريكية بإمكان نجاح جهود إدارة الرئيس باراك أوباما للتوصل إلى اتفاق سلام بين الجانبين. ويزور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأردن حاليا بعد أسابيع من زيارته السابقة للمنطقة التي انتهت بعدم رضى الفلسطينيين عن الأفكار الأمنية التي طرحتها أمريكا بشأن تبادل أراض نظير السلام. وأجرى وزير الخارجية الأمريكي يوم أمس مع العاهل الأردني الملك عبد الله محادثات على مدى ساعتين خلال زيارة لما يعلن عنها مسبقا إلى العقبة بشأن مساعي التوصل لإطار عمل لاتفاق سلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بحلول نهاية الشهر المقبل. ويحاول كيري التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين حول إطار اتفاق السلام بحلول أواخر أبريل رغم أنه قال إن الاتفاق النهائي يمكن ان يستغرق تسعة أشهر أخرى. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو إن إسرائيل ستتخلى عن "بعض المستوطنات" في الأراضي الفلسطينية المحتلة للمساعدة في التوصل إلى اتفاق سلام لكنه سيعمل على تقليص عدد الجيوب الاستيطانية التي سيتم تفكيكها إلى أقل عدد ممكن. والمستوطنات قضية رئيسية في محادثات السلام التي استؤنفت في يوليو برعاية واشنطن بعد توقف دام ثلاث سنوات. ولم يعلن عن إحراز تقدم يذكر رغم أن وزير الخارجية الأمريكي قال إنه يأمل في أن يعلن قريبا عن إطار عمل لاتفاق. وقال نتيناهو "من الواضح أن الاتفاق لن يشمل بعض المستوطنات.. بعضها.. ذلك واضح. الكل يدرك ذلك. سأضمن أن يكون العدد أقل ما يمكن .. بقدر الإمكان .. إذا وصلنا إلى هذه المرحلة." والمستوطنات التي بنيت على الأرض التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 غير شرعية وفقا للقانون الدولي ونددت بها معظم الحكومات. وكثفت إسرائيل بناء المستوطنات العام الماضي رغم مفاوضات السلام. وأوضحت بيانات نشرها المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي أن عدد مشاريع البناء الجديدة في المستوطنات زاد بأكثر من الضعف إلى 2534 في العام 2013 من 1133 في العام 2012 . وتصريحات نتنياهو للقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي هي أول تصريحات باللغة العبرية يوجهها لمشاهدين إسرائيليين تشير إلى أنه سيتخلى عن مستوطنات في مقابل السلام رغم أنه أدلى بتصريح مماثل في كلمة بالإنجليزية في عام 2011 أمام الكونجرس الأمريكي. وجرى تسجيل هذه التصريحات خلال زيارته للولايات المتحدة التي استمرت خمسة أيام وعاد منها يوم الجمعة وأجرى خلالها محادثات في البيت الأبيض مع أوباما يوم الاثنين حول المشكلات التي تؤخر التوصل إلى اتفاق للسلام. وينتقد أوباما بناء المستوطنات ودعا في عام 2009 إلى تجميد البناء فيها. وكان نتنياهو قال في مايو عام 2011 للمرة الأولى إنه مستعد للتخلي عن مستوطنات من أجل السلام لكن الفلسطينيين رفضوا الشروط الأخرى التي وضعتها إسرائيل لاستئناف المفاوضات. ورغم احجام المسؤولين الأمريكيين عن الكشف عما قد يتضمنه هذا الإطار فمن المرجح أن يشمل خطوطا عريضة لاتفاقات محتملة بشأن القضايا الأساسية مثل الحدود والأمن ومصير اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس. وقال نتنياهو في واشنطن هذا الأسبوع إنه يريد التوصل إلى اتفاق لكنه قال إن التوصل إليه يتطلب من الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وهو ما يرفضه الفلسطينيون منذ وقت طويل. ويقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن استمرار إسرائيل في البناء في المستوطنات بالضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين يقوض أي فرصة للتوصل لاتفاق لإقامة دولة فلسطينية.