تتزايد نذر المواجهة بين المسلحين والقوات الأوكرانية في شبه جزيرة القرم وسط تحذيرات دولية من أن استمرار تصعيد الوضع في أوكرانيا يغلق الباب أمام الدبلوماسية بشأن هذه الأزمة المتصاعدة منذ أكثر من شهرين. فبعد مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف أمس السبت أعلن مسئول في الخارجية الأميركية أن كيري قال للافروف إن "استمرار التصعيد العسكري والاستفزاز في القرم.. والإجراءات الروسية الرامية إلى ضم القرم، من شأنها أن تغلق الباب أمام الدبلوماسية". وأضاف المسئول الأميركي في رسالة إلكترونية أن كيري طالب لافروف بأن تمارس روسيا "أعلى درجات ضبط النفس"..مؤكدا له "جاهزية الولاياتالمتحدة للعمل مع شركائها وحلفائها في سبيل تسهيل إجراء حوار مباشر بين أوكرانياوروسيا". وبحسب المصدر نفسه فقد اتفق الوزيران على التحاور مجددا في الأيام المقبلة، في وقت زادت حدة التوتر على نحو ملحوظ، منذ أن أعلنت القيادة الموالية لموسكو في القرم أن الإقليم الآن جزء من روسيا وأنها ستجري استفتاء في ال16 من مارس لتأكيد ذلك. وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت في وقت سابق أن الوزيرين ناقشا عبر الهاتف الوضع في أوكرانيا، وأن الاتصال تم بمبادرة من كيري، واتفق المسئولان "على متابعة اتصالاتهما المكثفة لإفساح المجال أمام التوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية". وشهدت الأزمة في أوكرانيا تصعيدا خطيرا مع دخول قوات روسية إلى منطقة القرم حسب ما تقول كييف، وإعلان السلطات فيها عن استفتاء في السادس عشر من هذا الشهر لبت ضمها إلى روسيا أو منحها مزيدا من الحكم الذاتي داخل أوكرانيا. وعلقت الولاياتالمتحدة قبل أيام تعاونها العسكري مع روسيا، ونشرت مرسوما يتيح تجميد أصول أشخاص أو كيانات "تتعارض أنشطتهم مع العملية الديمقراطية والمؤسسات في أوكرانيا، ويهددون السلام والأمن والاستقرار" في هذا البلد. بدوره عبر الرئيس الأميركي باراك أوباما والقادة الأوروبيون الذين تباحث معهم هاتفيا أمس السبت حول الوضع في أوكرانيا مجددا عن "قلقهم الشديد إزاء تطورات الأوضاع في منطقة القرم. في المقابل تنفي موسكو أن تكون القوات، التي لا تضع أي شارات وطنية تحت إمرتها وهو ما ترفضه واشنطن وتصفه بأنه من "خيال بوتين". ميدانيا ورغم أن المواجهة بين القوات التي تسيطر على القرم والقوات الأوكرانية المحاصرة لا تزال غير دامية وقعت سلسلة من الحوادث التي تعكس تصاعد التوتر بين طرفي النزاع في الإقليم. فقد أطلق مسلحون الرصاص لتحذير فريق مراقين دوليين، في حين قالت قوات حرس الحدود الأوكرانية إن طائرة دورية تابعة لها تعرضت لإطلاق النار أثناء تحليقها على ارتفاع نحو ألف متر قرب الحدود الإدارية مع القرم. وأفادت الأنباء أن سلطات القرم الموالية لموسكو أمرت جميع الكتائب العسكرية الأوكرانية الباقية في الإقليم، بتسليم أسلحتها والاستسلام لكن القوات في بعض المواقع رفضت الانصياع لهذه الأوامر. ويراقب نحو 100 روسي مسلح الأوكرانيين في القاعدة البحرية، وقال نائب القائد الأوكراني في القاعدة فاديم فيليبنكو "الأمور صعبة والأجواء ازدادت سوءا في المنطقة التي تشهد توتراً متصاعداً." وقال مصدر في وزارة الدفاع الأوكرانية إنها تقوم بتعبئة عتادها لإجراء مناورة مقررة سلفا، في حين ذكرت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء أن الجيش الأوكراني الذي يبلغ قوامه 130 ألف جندي لا يقوى على مواجهة الجيش الروسي. وفي ردود الفعل على هذه التطورات تظاهر مئات الأشخاص في مدينة تورنتو الكندية ضد موقف روسيا من الأوضاع في أوكرانيا، ووجودها العسكري في شبه جزير القرم. وكانت القيادة السياسية في شبه جزيرة القرم قد أعلنت أنها ستعجل بالانضمام إلى الاتحاد الروسي وذلك قبل أسبوع من إجراء الاستفتاء المثير للجدل على هذا الأمر بين سكان شبه الجزيرة. وقال رئيس برلمان شبه الجزيرة الموالى لروسيا فلاديمير كونستانتينوف "إن العملية الانتقالية إلى الوضع القانوني الجديد لشبه الجزيرة مسألة معقدة. لكننا على قناعة بأن جميع الإجراءات ستتخذ خلال مارس الجاري". يأتي هذا فيما لا تزال مساعي حل الأزمة الأوكرانية تسير ببطء على ضوء الاتهام الروسي للولايات المتحدة ب"دعم المتمردين" فيما تواجه أوكرانيا منذ أكثر من شهرين أزمة غير مسبوقة وتوالت الوساطات الدولية من أجل حل الأزمة الأوكرانية، فالولاياتالمتحدةوروسيا أصبحتا على خط المفاوضات المباشرة في أوكرانيا، إذ تحاول كل منهما تسجيل نقاط على الآخر في السياسة العالمية كما يرى مراقبون.