يعقد مجلس الأمن اليوم السبت، جلسة طارئة للتصويت على مشروع قرار غربي يندد بالاستفتاء المقرر إجراؤه غدا الاحد في القرم جنوبي اوكرانيا حول الالتحاق بروسيا عقب اخفاق اتفاق الولاياتالمتحدةوروسيا في الاتفاق على كيفية حل الأزمة هناك. وقال مصدر دبلوماسي إن الاجتماع سيعقد بناء على طلب من الولاياتالمتحدة، فيما يتوقع دبلوماسيون أن تستخدم روسيا حق النقض (الفيتو) لمنع إصدار هذا القرار بعد ان دافع رئيسها فلاديمير يوتين خلال اتصال اجراه مع الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس عن حق مواطني شبه جزيرة القرم في اجراء الاستفتاء وتقرير المصير باعتبار ذلك ينسجم مع قواعد القانون الدولي. ووسط مخاوف من بدء حرب باردة بين روسياوالولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين تعهدت موسكو التي تحكم قبضتها العسكرية على القرم باحترام نتيجة التصويت فيما اعتبرت واشنطن الاقتراع "غير قانوني". وأفاد دبلوماسي غربي أن موقف الصين غير معروف بعد؛ لأن “الصينيين محرجون” حسب قوله، والمعلوم أن الصين كانت دائما تصوت إلى جانب روسيا بالنسبة للملف السوري. ومن المقرر أن يدلي الناخبون في شبه جزيرة القرم التي كانت جزءا من روسيا حتى عام 1954 بأصواتهم في الاستفتاء غدا للاختيار بين البقاء جزءا من اوكرانيا او الانضمام الى روسيا. وفي ظل الجهود لاحتواء الازمة الاوكرانية فشل اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية الامريكي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في العاصمة البريطانية لندن امس في التوصل الى اتفاق واضح لإنهاء الازمة في اوكرانيا. واعترف لافروف في مؤتمر صحافي عقب اللقاء ان اجتماعه مع كيري "لم يفض الى ردم هوة الخلافات بين البلدين بشأن الازمة الاوكرانية" بيد انه وصف اللقاء بأنه "مفيد" لفهم مواقف الاطراف المعنية بالأزمة. وشدد لافروف على ضرورة احترام قرار برلمان القرم بشأن تنظيم استفتاء لتقرير مصير المنطقة مشيرا الى ان "روسيا تحترم هذا القرار وتحترم نتائج الاستفتاء". ووجه لافروف تحذيرا الى الدول الغربية من ان العقوبات ضد بلاده "لن تكون مثمرة" و"لن تجدي نفعا" موضحا ان العقوبات ستكون لها نتائج عكسية وستؤثر على الجميع وخاصة في المجال الاقتصادي. واكد مجددا ان بلاده لا تتحمل اي مسؤولية فيما حدث في اوكرانيا وما تبعه من احداث في شبه جزيرة القرم مشددا على ان "روسيا لن تتدخل في مناطق شرق اوكرانيا". وتدخلت روسيا عسكريا في القرم عقب سقوط نظام حكم الرئيس فيكتور يانوكوفيتش المؤيد لموسكو في 22 فبراير الماضي. وقال لافروف ان المحادثات بين روسياواوكرانيا لا تحتاج الى اي تنسيق او تنظيم من جانب الدول الغربية لافتا في هذا السياق الى تاريخ البلدين وعمق علاقاتهما الثنائية. وذكر ان رفض بلاده لمشروع مجموعة الاتصال الدولية لرعاية المفاوضات بين موسكو وكييف يأتي من منطلق اصرار الغرب على تحميل روسيا مسؤولية الازمة الاوكرانية. وقال ان الاتصالات مع المسؤولين الاوكرانيين لم تنقطع ابدا حتى في ذروة الازمة الحالية مبينا ان روسيا اقترحت اجتماعا لنائبي وزيري خارجية البلدين في (منسك) الا ان اوكرانيا تمسكت بلقاء وزيري خارجية البلدين في كييف. من جهته حذر وزير الخارجية الامريكي الحكومة الروسية من مواجهة "عواقب اكبر" اذا اصرت على تصعيد التوتر ضد اوكرانيا وانتهاك سيادتها ووحدة اراضيها. وقال في مؤتمر صحافي عقب اللقاء ان لافروف ابلغه بان موسكو لا يمكنها الرد على اي مقترح غربي حتى ظهور نتائج الاستفتاء المزمع اجراؤه غدا لتقرير مصير منطقة القرم. واوضح انه قدم لنظيره الروسي عدة خيارات ومقترحات "بناءة ومفيدة" سواء على المستوى الثنائي او المتعدد الاطراف او على مستوى الاممالمتحدة... مضيفا ان من بين المقترحات سحب جميع القوات الروسية من الحدود الشرقية لأوكرانيا ومن منطقة القرم بهدف دعم الجهود الدبلوماسية الدولية. واكد على رغبة المجموعة الدولية في رؤية افعال من جانب موسكو لا مجرد اقوال ...مؤكدا ان "احترام روسيا لسيادة واراضي اوكرانيا لن يقلل من الاحترام والاعتراف بمصالح روسيا". واعرب كيري عن امله في الا يعتبر الرئيس الروسي التحركات الغربية لحماية حقوق الشعب الاوكراني تهديدا مباشرا ضد بلاده لكنه حذر من ان الدول الغربية ستجد نفسها مضطرة لتنفيذ عقوبات مباشرة ضد موسكو ستكون لها تأثيرات سلبية مباشرة على اقتصاد روسيا. وجدد مواقف الدول الغربية من ان الاستفتاء الذي تدعمه موسكو لتقرير مصير شبه جزيرة القرم "غير شرعي ومخالف للقانون الدولي ودستور اوكرانيا ولن يتم الاعتراف بنتائجه". ويعتبر لقاء وزيري الولاياتالمتحدةوروسيا في لندن بمثابة اخر محاولة دبلوماسية لدفع موسكو الى تغيير موقفها من الازمة الاوكرانية قبل تنفيذ محتمل لحزمة عقوبات مباشرة ضدها يتوقع ان يعلن عنها وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي باجتماعهم في بروكسل الاثنين المقبل. وفي سياق متصل دعت بريطانيا دول الاتحاد الاوروبي الى اتخاذ مواقف موحدة وصارمة خلال اجتماع وزراء خارجيتها في بروكسل ردا على رفض موسكو المقترحات الغربية لحل الازمة الأوكرانية. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان عقب اعلان فشل مفاوضات كيري لافروف ان الوقت حان لاعتماد اجراءات عقابية صارمة ضد روسيا... محذرا من ان اوروبا لن تقف مكتوبة الأيدي امام "الخرق الفاضح" لسيادة ووحدة أراضي اوكرانيا. واعرب عن خيبة أمله في فشل المفاوضات بين كيري ولافروف في لندن محملا موسكو مسؤولية الفشل بسبب إصرارها على دعم الاستفتاء "غير الشرعي وغير الدستوري" في القرم. لكنه اكد ان أبواب الدبلوماسية والحوار مع روسيا لا تزال مفتوحة داعيا روسيا الى اتخاذ خطوات ميدانية من اجل تخفيف حدة التوتر والدخول في محادثات مباشرة مع اوكرانيا. وكان كبار المسؤولين في بريطانيا قد حذروا روسيا من أن فشل اللقاء مع كيري سيعني بداية تنفيذ عقوبات غربية ضدها ما لم تتخذ خطوات حقيقية لتخفيف حدة التوتر في القرم. لكن لاتزال موسكو مصرة على التمسك بموقفها بشأن شبه جزيرة القرم مؤكدة انها تحتفظ بحق الدفاع عن المواطنين الروس في اوكرانيا في وجه "الاعتداءات" التي يتعرضون لها هناك. وقالت الحكومة الروسية في بيان امس انها تدرك مسؤوليتها في ضمان سلامة الروس في اوكرانيا لاسيما بعد حادثة مقتل واصابة متظاهرين مؤيدين لروسيا بمدينة دونيتسك شرقي أوكرانيا على يد جماعات موالية للسلطات الجديدة في كييف. وكانت روسيا قد اعربت عن امتعاضها ازاء اعمال العنف التي يتعرض لها المواطنون في الاقاليم الشرقية بأوكرانيا متهمة سلطات الامن بالتواطؤ مع مسلحين للاعتداء على المواطنين هناك. وبالنسبة للمواقف الاوروبية انتقدت موسكو قرارا اتخذه البرلمان الاوروبي حول اوكرانيا واعتبرته "معاديا لروسيا بشكل سافر ودليلا جديدا على عدم الرغبة في الاستناد الى المنطق والحقائق الموضوعية المتعلقة بالنزاع في اوكرانيا". وكان البرلمان الاوروبي قد دعا في قراره الذي صادق عليه النواب الأوروبيون بأغلبية ساحقة روسيا الى سحب قواتها فورا من اوكرانيا كما دان تدخل قواتها في منطقة شبه جزيرة القرم واعتبرته مخالفا للقانون الدولي. وجاء في القرار "إن روسيا تمثل تهديدا لأمن الاتحاد الأوروبي وتبريراتها لدخول القرم لا أساس لها من الصحة تماما". وفي المانيا هددت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل مجددا امس روسيا بفرض عقوبات اقتصادية في حال رفضت قبول دعوات للحوار بشأن الازمة الأوكرانية. وبينما قللت الحكومة الالمانية من فرص استجابة روسيا للمطالب الغربية بالتخلي عن اجراء استفتاء في شبه جزيرة القرم قالت المستشارة ميركل ان باب الحوار مع روسيا لا يزال مفتوحا باعتباره الطريقة الافضل للخروج من الازمة. بدوره حذر مساعد الامين العام للأمم المتحدة يان الياسون في فيينا من تداعيات فشل الجهود الدبلوماسية لحل الازمة الاوكرانية معربا عن مخاوفه من مواجهة وضع خطير للغاية يتجاوز حدود اوكرانيا ويهدد العالم باسره. وقال الياسون ان الاجتماعات المتكررة لمجلس الامن لم تسفر حتى الان عن ايجاد حل لازمة اوكرانيا معربا عن الامل في التوصل الى تسوية للازمة الاوكرانية عن طريق الحوار. واكد ان الاستفتاء في القرم لن يسهم في نزع فتيل الازمة بل سيؤدي الى تفاقم الوضع لاسيما وان الدستور الاوكراني لا ينص على مثل هذا الاجراء في وقت اعلنت فيه عدة دول اعضاء في الاممالمتحدة انها لن تعترف بنتيجة الاستفتاء. من جانبه اعتبر الأمين العام لحلف شمال الاطلسي (ناتو) اندرس فوغ راسموسن في بيان امس اجراء الاستفتاء في القرم انتهاكا مباشرا للدستور الاوكراني والقانون الدولي موضحا أن الاستفتاء لن يكون له أي أثر قانوني أو شرعية سياسية وإنما سيعمل كذلك على تقويض الجهود الدولية الرامية لإيجاد حل سلمي وسياسي للأزمة في أوكرانيا. كما وصف رئيس منظمة الامن والتعاون في اوروبا ديديي بوخهالتر في بيان امس استفتاء القرم بانه "غير شرعي" داعيا الى البحث عن بدائل اخرى لحل الازمة. وكان رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك قد شكا قبل يومين إلى مجلس الأمن من أن بلاده تواجه عدوانا عسكريا من "دولة مجاورة" فيما وزعت واشنطن مشروع قرار يدعو الى عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء في شبه جزيرة القرم. وقال ياتسينيوك أمام المجلس في خطاب انفعالي ان التدخل العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم "غير مقبول تماما في القرن ال21" مشددا على أنه لا يمكن حل أي نوع من الصراعات بالدبابات والمدفعية. الجدير بالذكر ان مشروع القرار الغربي يحث جميع الاطراف على حل النزاع في اوكرانيا سلميا عن طريق الدخول في حوار سياسي مباشر .