بدأ المواطنون في شبه جزيرة القرم جنوبأوكرانيا صباح اليوم بالتوجه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في استفتاء تقرير المصير والانضمام إلى روسيا. وافتتحت لجنة إجراء الاستفتاء أكثر من 1200 مركز اقتراع لتمكين 5ر1 مليون مواطن من الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء حول الانضمام إلى روسيا. واتخذت السلطات المحلية إجراءات أمنية مشددة للحيلولة دون قيام من يصفونهم ب" المسلحين القوميين الأوكرانيين" بمحاولة تعطيل إجراء الاستفتاء حيث أعلن رئيس وزراء شبه جزيرة القرم /سيرغي اكسيونوف/ أن آلاف من عناصر الدفاع الوطني سيقومون بحراسة مراكز الاقتراع. وبالرغم من مقاطعة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للاستفتاء في شبه جزيرة القرم فقد قرر 135 مراقبا يمثلون البرلمان الأوروبي ورابطة الدول المستقلة المشاركة في الإشراف على الاستفتاء إلى جانب مئات من الصحافيين الأجانب. ويجمع المراقبون السياسيون على أن نتيجة الاستفتاء التي لا يشك احد في أنها ستصب في خانة عودة القرم إلى أحضان الوطن الأم روسيا ستخلق سابقة خطيرة في العالم المعاصر الذي ارتسم قبل أكثر من 20 عاما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وقررت القيادة السوفيتية السابقة وضع شبه جزيرة القرم التي تبلغ مساحتها 26 ألف كيلومتر مربع وسكانها 5ر2 مليون نسمة تحت الإشراف الإدارة لجمهورية أوكرانيا في عام 1954. وكانت الحكومة الأوكرانية الجديدة التي وصلت إلى السلطة بعد تمرد قادته المعارضة عارضت إجراء الاستفتاء وأعلنت مسبقا عدم الاعتراف بنتائجه. وكان البرلمان الأوكراني صوت أمس السبت بأغلبية ساحقة على حل البرلمان الإقليمي للقرم بسبب رفضه إلغاء الاستفتاء. وصوت 278 نائبا من مجموع 296 من الحضور بنعم على حل البرلمان الإقليمي للقرم...وقد صرح كل من برلمان وحكومة كييف الجديدين عدة مرات أنهما لن يعترفا بالاستفتاء الذي وصفاه بأنه غير دستوري وغير قانوني. وأثار الاستفتاء في القرم، الذي وصفته كييف وحكومات غربية بأنه غير قانوني أسوأ أزمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة ويمثل تطورا جديدا في الاضطرابات التي تشهدها أوكرانيا منذ نوفمبر عندما تراجع الرئيس /فيكتور يانوكوفيتش/ عن اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي. وسادت حالة من الهدوء في شبه جزيرة القرم، السبت قبل الاستفتاء لكن التوترات ظلت شديدة في شرق أوكرانيا حيث قتل شخصان في خاركيف مساء الجمعة. وقال رئيس وزراء القرم /سيرغي أكسينوف/ الذي لم تعترف كييف بانتخابه في جلسة مغلقة للبرلمان الإقليمي إن هناك ما يكفي من قوات الأمن لتأمين عملية التصويت في الاستفتاء. وأضاف "أعتقد أن لدينا ما يكفي من القوات- أكثر من 10 آلاف من قوات الدفاع الذاتي وأكثر من 5 آلاف من وحدات مختلفة من وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية لجمهورية القرم". وعلى صعيد التحركات الدولية بشأن منطقة القرم قال سفير فرنسا لدى الأممالمتحدة بعد تصويت مجلس الأمن الذي استخدمت روسيا فيه حق النقض: "هذا الضم يتجاوز أوكرانيا. إنه يثير قلقنا جميعا". ويرسل الرئيس الأمريكي باراك أوباما نائبه /جو بايدن/ برسالة طمأنة إلى بولندا وهي دولة تابعة للكتلة السوفيتية السابقة ودول البلطيق التي ظلت حتى عام 1991 تحت حكم موسكو. وأصر /ديمتري بيسكوف/ المتحدث باسم بوتين على انه لا يتعين اندلاع حرب باردة جديدة في عصر العولمة والترابط الاقتصادي قائلا: "نأمل من كل قلبنا أن نتحلى نحن وشركاؤنا بالحكمة السياسية الكافية والإحساس بالواقع السياسي لتجنب الانزلاق في مواجهة أعمق". ومددت مدمرة أميركية مزودة بصواريخ موجهة تدريباتها في البحر الأسود، إذ تهدف هذه التدريبات إلى جانب دوريات جوية لحلف شمال الأطلسي على الحدود الغربية لأوكرانيا إلى إرسال إشارات قوية لموسكو. ويلفت المراقبون النظر إلى أن روسيا لن تفوت هذه الفرصة التاريخية لاستعادة "حقوقها" في شبه جزيرة القرم لاسيما وأنها باتت تدرك تماما أن أوكرانيا شقت طريقها إلى الاتحاد الأوروبي وربما حلف شمال الأطلسي (ناتو) في المستقبل القريب. وشنت وسائل الإعلام الروسية حملة غير مسبوقة مناهضة للسلطات الأوكرانية الجديدة ولحشد التأييد الشعبي لانضمام القرم إلى روسيا. وفي الوقت الذي أجهضت فيه روسيا مشروع قرار لإدانة الاستفتاء في مجلس الأمن أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تواصل أعمال القتل والتعسف بحق المواطنين الروس في الأقاليم الشرقية لأوكرانيا خاصة بعد مقتل شخصين وإصابة آخرين في مدينة خاركوف على يد المسلحين من أنصار قطاع اليمين المتطرف. وشهدت معظم المدن الروسية بما في ذلك العاصمة موسكو مظاهرات حاشدة ضمت عشرات الآلاف تأييدا لانضمام القرم إلى روسيا فيما لم تتمكن المعارضة الليبرالية الروسية من حشد أكثر من ثلاثة آلاف شخص للتضامن مع أوكرانيا.