كشفت منظمات أممية عاملة في الأردن، عن ارتفاع عدد السوريين الذين اضطروا إلى ترك بيوتهم باحثين عن الأمن في هذا البلد، بسبب الصراع في سوريا، الى حوالي 585 ألف لاجئ، أكثر من نصفهم من الأطفال . وقالت هذه المنظمات في بيان مشترك منتصف الاسبوع الجاري، إن 20 في المائة من اللاجئين السوريين يعيشون في الأردن داخل مخيمات اللاجئين، بينما تقطن الأغلبية في القرى والبلدات والمدن في جميع أنحاء المملكة. واوضحت أن معظم هؤلاء اللاجئين نزحوا عدة مرات داخل سوريا، قبل اتخاذ القرار الصعب بترك وطنهم، دون أن تبدو في الأفق بعد أكثر من 100 يوم على بدء الصراع، أية إشارات لانحساره. واكد البيان الحاجة الملحة للحفاظ على بيئة توفر الحماية للاجئين السوريين في الأردن والاستثمار في التعليم والدعم النفسي والتغذية، لتخفيف الضغط الإضافي على الخدمات في المجتمعات المضيفة. وأشار إلى أن مفوضية الأممالمتحدة السامية لشئون اللاجئين وصندوق الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي، تعمل جنبا إلى جنب لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين في الأردن، بما في ذلك تقديم المساعدات الغذائية والمأوى والحماية والصحة والتعليم والمياه. ونقل البيان عن ممثل المفوضية في الأردن أندرو هاربر قوله، إن المفوضية ستعمل على مساعدة اللاجئين بشكل مباشر من خلال تقديم المأوى والخدمات الأخرى الأساسية، وأيضا لدعم المجتمعات المضيفة بالمشاريع التي تحتاج إليها، لكي لا يتحمل الأردن العبء وحده، وان هذا هو التزام المفوضية وجميع المعنيين في الاستجابة لأزمة اللاجئين في الأردن. وتقدر وكالات الأممالمتحدة اعداد اللاجئين السوريين في الاردن الى حوالي 800 ألف، ومع ورود قرابة 186 مليون دولار حتى الآن . وتشهد سوريا منذ 3 سنوات معارك مسلحة عنيفة في مختلف المناطق والمحافظات السورية، خاصة في الشمال والشمال الغربي من سوريا والتي تشهد حالياً معارك اعنف عمّا ذي قبل. ويحاول عدد متزايد من المدنيين في ظل ذلك، النجاة بأنفسهم والهرب من ويلات الحرب الى الدول المجاورة والتي لجأ فيها نحو مليونين ونصف المليون سوري، فيما اضطر نحو 4 ملايين آخرين إلى النزوح داخل سوريا، وفقا لتقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وتواجه الدول المجاورة تحديات كبيرة في استيعاب هذا الكم الهائل من اللاجئين المتوافدين عليها والذي يزيد يوما بعد يوم، ففي لبنان يتواجد حاليا نحو مليون لاجئ سوري. وفيما يجد العديد من اللاجئين في تركياوالأردن مأوى في المخيمات التي أُنشئت بمساعدة المجتمع الدولي، يجد السوريون أنفسهم في لبنان مجبرين على إيجاد مأوى لهم ولأسرهم وتوفير القوت لهم دون أي مساعدة تذكر. وبخلاف هذه الصعوبات يواجه اللاجئون السوريون تحديات أخرى تتمثل في بدء حياة جديدة في الدول التي يقيمون فيها حاليا أو من خلال العودة إلى وطنهم الذي مزقه التطاحن والقتال بين مختلف الأطراف. وفي كلتا الحالتين يريد اللاجئون الخروج من حالة التنقل والترحال وعدم الاستقرار والعودة إلى العيش تحت ظروف عادية. وفي هذا السياق، يسلط نيغل تيمينس احد مسئولي منظمة (أوكسفام) الإغاثية، الضوء على معاناة اللاجئين السوريين، كونهم يعانون بصفة خاصة من كونهم قد أجبروا على ترك حياتهم القديمة. ويؤكد ان ما يزيد من مرارة تجارب اللاجئين السوريين في دول الجوار، في صعوبة عدم ايجاد وظائف واعمال يعيشون منها، هو عندما لا يرى هؤلاء أي آفاق مستقبلية للخروج من وضعيتهم المعيشية المزرية. ويشير الى ان وضع اللاجئين السوريين في لبنان يعد الأكثر مرارة، ذلك أن الكثيرين منهم يجدون أنفسهم مجبرين على العمل مقابل أجور زهيدة للغاية، الأمر الذي يثير استياء اللبنانيين ويزيد من سخطهم على السوريين. . من جانبها تقول جاكي كيغان من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ان الوضع الاقتصادي السيء الذي يعاني منه اللاجئون السوريين في دول الجوار، يأتي مع مواجهتهم ضغوط نفسية جمة . وتوضح أنه ومن خلال تجاربها في بعض الدول في غرب إفريقيا، وجدت أن الكثير من اللاجئين يمرون بحالة خوف وترهيب نفسي جراء ما عايشوه من عمليات قتل وإرهاب خلال الحروب، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من صعوبة اندماجهم في بيئة غير بيئتهم أو مجتمع جديد. ولهذا السبب تعمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين منذ سنوات طويلة مع منظمات إغاثية أخرى تخصصت في تقديم المساعدة والدعم لللاجئين الذي يعانون من ضغوطات نفسية جراء الحرب وتداعياتها. لكن هذا لا يعني أن عملية إدماج اللاجئين الذين لم يلحقهم لا ضرر جسدي أو نفسي، سهلة بل بالعكس هي أيضا مصحوبة بصعوبات، ذلك أن الدول المستقبلة للاجئين عادة ما ترفض بقاء هؤلاء فيها بشكل دائم. وتؤكد على وجود أسباب عدة، منها ان الدول المستقبلة للاجئين تشعر بتداعيات تدفق اللاجئين على سوق العمل بشكل ملحوظ، وهذا يظهر حاليا في لبنان حيث أن سوق العمل مغرق بيد العمل البسيطة والرخيصة. وعلى الرغم من القواسم المشتركة بين الشعوب على غرار اللغة والثقافة التي كثيرا ما تساعد في تسهيل عملية اندماج اللاجئين في الدول المستقبلة لهم، على ما تقول كيغان، إلا أن هذه العملية تسير ببطئ شديد في الدول المجاورة لسوريا. وتعزو كيغان ذلك إلى العدد الكبير للاجئين الوافدين على هذه الدول، وانه طالما أن القتال مستمر في سوريا، فإن العديد منهم مجبر على العيش في حالة طورائ قد تطول إلى أمد.