بدأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم الثلاثاء زيارة إلى جنوب السودان تستمر يوما واحدا في محاولة لدفع محادثات السلام بين حكومة سلفا كير ميارديت وزعيم التمرد رياك مشار ووضع حد لحرب دموية متواصلة بين القوات الحكومية والمتمردين منذ حوالي خمسة اشهر رافقها تحذيرات من حصول ابادة جماعية ومجاعة. وتأتي زيارة بان كي مون إلى جنوب السودان في وقت تشهد مدينة بنتيو النفطية شمالا معارك شرسة بين القوات الحكومية والمتمردين. ومن المقرر ان يلتقي بان خلال الزيارة مع سلفا كير الذي وافق على اجراء مفاوضات مباشرة لانهاء النزاع الذي شرد أكثر من مليون شخص حتى الآن. وذكر بيان للامم المتحدة أن الامين العام للمنظمة الدولية وصل اليوم الثلاثاء الى العاصمة جوبا في زيارة تستمر يوما واحدا فقط. واضاف ان "الامين العام دعا مرارا القيادات للتوصل الى حل سياسي، ولوضع حد فوري للعنف الذي اسفر عن معاناة الكثيرين من المدنيين الابرياء". واتهم الطرفان بارتكاب مجازر على اساس اتني والقيام بعمليات اغتصاب وتجنيد آلاف الاطفال. كما تأتي زيارة بان كي مون بعد عدة ايام على مغادرة وزير الخارجية الامريكي جون كيري جوبا حيث حصل على وعود من كير لعقد لقاء مباشر مع مشار. وبرغم التهديدات بفرض عقوبات على المعنيين في حال استمرار القتال، شنت القوات الحكومية السبت هجوما واسعا للسيطرة على مدن من ايدي المتمردين، ونجحت في استعادة مدينة الناصر احدى اهم قواعد المتمردين على مقربة من الحدود الاثيوبية، واجبرت بذلك مشار على الفرار باتجاه الغابات على الحدود الاثيوبية. لكن القوات الحكومية فشلت في استرجاع بلدة بنتيو في شمال البلاد إذ تراجعت القوات أمام كثافة النيران. وكان المتمردون الذين يقودهم مشار قد سيطروا علي بنتيو الشهر الماضي. في حين وكانت القوات الحكومية لجنوب السودان تقدمت إلى مركز المدينة قبل أيام مستخدمة رتلا من السيارات والأليات المدرعة قبل أن تتراجع. وتبادلت القوات الحكومية والمتمردون السيطرة على بلدة بنتيو النفطية عدة مرات، منذ اندلاع القتال في جنوب السودان في ديسمبر الماضي. وأمس الاثنين عاد وجدد كيري تحذيره لطرفي النزاع من "عواقب خطيرة" اذا لم يحترما تعهداتهما بوقف اطلاق النار. ومن المفترض ان يلتقي بان كي مون أيضا، بقياديي مجموعات من النازحين اللاجئين الى قواعد الاممالمتحدة. ويتخوف هؤلاء من مغادرة القواعد الاممية خشية التعرض لاعتداءات، برغم ان القواعد نفسها هوجمت مرات عدة. والمرة الاخيرة التي زار فيها بان جنوب السودان كانت اثناء الاحتفالات بالاستقلال عن السودان في يوليو 2011 بعدما صوت الجنوبيون على الانفصال اثر حرب طويلة مع الخرطوم. واندلع النزاع في جنوب السودان بعد أن اتهم كير نائبه السابق مشار بمحاولة الانقلاب عليه. ونفى مشار الاتهامات، لكنه حشد بعد ذلك قوات من المتمردين لقتال حكومة كير. ولم يحترم الجانبان إلى حد كبير الهدنة التي توصلا إليها في ينايرالماضي، في ظل تحذيرات من وزير الخارجية الأمريكي من احتمالية حدوث عمليات إبادة وتحذيرات آخرى من منظمات الاغاثة من ان جنوب السودان على حافة اسوأ مجاعة في افريقيا منذ الثمانينات. ويأخذ الصراع على السلطة بين كير ومشار، اللذين قاتلا معا خلال الحرب الأهلية في السودان قبل الاستقلال عن الخرطوم، طابعا عرقيا إلى حد بعيد. وينتمي كير إلى قبيلة الدينكا أكبر جماعة عرقية في جنوب السودان، بينما ينتمي مشار إلى قبيلة النوير ثاني أكبر جماعة عرقية. وادت المعارك الى مقتل عشرات الاف، في غياب حصيلة محددة للضحايا، فضلا عن تشريد اكثر من مليون شخص. ولجأ اكثر من 78 الف مدني جنوب سوداني الى ثماني قواعد للامم المتحدة خوفا من تعرضهم للقتل. وبرغم المعارك الاخيرة فان جوبا كررت تاكيدها على المضي قدما في مفاوضات السلام في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا، والتي توصلت الى اتفاق وقف اطلاق نار في 23 يناير الماضي الا انه لم ينفذ فعليا على الارض. وشدد وزير دفاع جنوب السودان كيول مانيانغ في تصريحات له على ان المحادثات قد تحصل "في اقرب وقت ممكن"، بالرغم من انه على مشار تأكيد مشاركته، وهو الذي لم يصدر عنه اي شيء منذ فراره بعد حملة القوات الحكومية السبت.