مع مرور عام على ذكرى احتجاجات تقسيم في اسطنبول منعت الحكومة التركية التي يقودها رجب طيب اوردغان- كعادتها- التجمع في الساحة الرمزية التي كانت نقطة انطلاق انتفاضة ربيع 2013 ما ينذر باعمال عنف جديدة بين المتظاهرين وقوات الامن التركية. ويقول محللون إن احداث ساحة تقسيم لم تنس بينما شهدت تركيا عاما من الاضطرابات تخللتها فضيحة فساد وكارثة في منجم، فيما دعا خصوم اوردغان انصارهم الى مظاهرات في شوارع اسطنبول وكبرى مدن البلاد اليوم السبت لاحياء الذكرى الاولى لاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت البلاد، منددين، كما فعلوا السنة الماضية، ب"تسلط الحكومة". وهدد اردوغان في خطاب القاه في اسطنبول امام الالاف من انصاره بتوقيف كل من يشارك في احياء هذه الذكرى. وقال "لن تتمكنوا من احتلال ساحة تقسيم كما فعلتم العام الماضي لان عليكم احترام القانون". واضاف "اذا توجهتم الى الساحة فان قوات الامن تلقت تعليمات واضحة وستقوم بكل ما يلزم" لحفظ الأمن وندد اردوغان الجمعة بمن وصفهم بانهم "لصوص" غيزي. واضاف "العنف يولد حيث ليس هناك فكر ولا افكار، أناس غيزي هم الذين ليس لديهم فكر".ان "العنف يولد حيث ليس هناك فكر ولا افكار، أناس غيزي هم الذين ليس لديهم فكر". ولوح مجددا بنظرية التآمر على تركيا وقال ان "المنظمات الارهابية تلاعبت بشباب ضعيف اخلاقيا وماليا (...) لتهاجم وحدتنا وتنال من اقتصادنا". وانتشر الاف الشرطيين ووحدات مكافحة الشغب منذ ساعات الصباح الاولى في ساحة تقسيم تنفيذا لتعليمات بمنع اي تجمع فيها. وبلغ عدد رجال الامن اكثر من25 الفا إلى جانب خمسين عربة خراطيم المياه. وقال حاكم اسطنبول حسين افني موتلو هذا الاسبوع "نعرف ما شهدته تركيا في يونيو الماضي (...) ولا نريد تكرار ذلك". غير انه خلافا للانتشار الذي اعتمد في الاول من مايو، ترك المجال مفتوحا لدخول الناس الى تقسيم وحديقة غيزي صباحا. وقد انطلقت من تلك الحديقة العامة الصغيرة شرارة الانتفاضة التي هزت لاول مرة اسس نظام اردوغان الذي يحكم البلاد بلا منازع منذ 2003. وفي الصباح الباكر من يوم 31 مايو 2013 اجتاحت الشرطة بعنف الحديقة التي كان فيها مئات الناشطين المدافعين عن البيئة يعارضون تدميرها في اطار مشروع اعادة تنظيم ساحة تقسيم. وسرعان ما ادى قمع التحرك الى انطلاق حملة احتجاج سياسية غير مسبوقة، وخرج في المجموع 3,5 ملايين تركي -عدد رسمي من الشرطة- للتظاهر ضد اردوغان خلال الاسابيع الثلاثة الاولى من يونيو. وسقط في تلك التظاهرات التي قمعت بشدة ثمانية قتلى واكثر من ثمانية الاف جريح واعتقل الالاف. واستقطبت احتجاجات العام الماضي التي بدأت بحملة صغيرة لانقاذ حديقة غيزي من تحويلها الى مبان تجارية، ما يقدر بنحو ثلاثة ملايين محتج. وقتل ثمانية اشخاص واصيب الالاف بعدما اطلقت قوات الامن الغاز المسيل للدموع بكثافة على المتظاهرين الذين خرجوا الى ساحة تقسيم للاعراب عن غضبهم ضد اردوغان وحملة القمع القاسية التي شنتها الشرطة ضد المتظاهرين. وشكلت تلك التظاهرات اخطر تحد لاردوغان خلال فترة حكمه المستمرة منذ 11 عاما. وادت سلسلة الازمات خلال الاشهر ال12 الماضية، ومن بينها فضيحة الفساد التي طالت عددا من ابرز حلفاء اردوغان، وحادث المنجم الذي اودى بحياة 301 شخصا، الى تجدد موجة الغضب ضده. ورغم فضيحة الفساد التي طالت أردوغان في ديسمبر الماضي إلا أنه حقق فوزا واسعا في الانتخابات البلدية التي جرت في الثلاثين من مارس الماضي واصبح يستعد لاعلان ترشحه الى الانتخابات الرئاسية المقررة في 10 و24 اغسطس المقبل. ومنذ قضية غيزي عكف رئيس الحكومة على القضاء على اي حركة احتجاج بتقييد حرية الصحافة وتطهير جهاز الشرطة واقرار قوانين قوبلت بالتنديد لانها "تنتهك الحريات" وتشديد قبضته على القضاة وعلى شبكات التواصل الاجتماعي وتعزيز صلاحيات انصاره في اجهزة الاستخبارات. وقال رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الانسان عبد الكريم لاهيجي منددا ان "السلطات التركية بدأت حملة مطاردة شديدة ضد كل الذين تظاهروا او رفعوا اصواتهم". وتأمل منظمات ونقابات ونشطاء المجتمع المدني الذين قادوا ثورة يونيو 2013 مدعومين بالمعارضة، اغتنام فرصة الذكرى الاولى لاحياء "روح غيزي". وقالت الناطقة باسم جمعية "تقسيم تضامن" المهندسة موتشيلا يابيتشي ان "الحكومة تؤجج اجواء التوتر التي تشجع اعمال العنف البوليسية" . واضافت "لكن رغم سياسة العنف والظلم هذه (...) سنكون في الشارع بارادة وعزم وابتكار". واصبحت الطبقة المتوسطة في تركيا تشعر بالاستبعاد بسبب حدة خطاب اردوغان، وقوانينه المثيرة للجدل بما فيها حظر الانترنت وقمع القضاء وازدياد عنف الشرطة منذ العام الماضي، بحسب الخبراء. بيد أن اردوغان لا يزال يحظى بدعم قوي خاصة بين الناخبين الاكثر فقرا الذين يشيدون بتحقيقه نموا اقتصاديا كبيرا