يبدو أن الصراع المحتدم في جنوب السودان منذ منتصف ديسمبر الماضي بين قوات الرئيس سلفا كير وحركة التمرد التي يقودها نائبة السابق ريك مشار سيطول أمده ، في ظل استمرار الخلافات بين وفدي التفاوض والعقبات التي تواجه محادثات السلام الرامية لإنهاء الحرب المستعرة بالدولة الجديدة. وحددت منظمة دول شرق أفريقيا (إيغاد) التي تشرف على محادثات السلام بين الطرفين العاشر من أغسطس الجاري موعدا نهائيا للاتفاق على حكومة انتقالية في جنوب السودان والتوصل الى وقف لاطلاق النار. لكن وفد حركة التمرد غاب عن اليوم الثاني من محادثات السلام الرامية إلى إيجاد حل سياسي للنزاع في البلاد ولإنهاء الصراع الدائر بين حركة التمرد والحكومة، بحسب ما اعلن مسؤولو الوساطة الأفريقية اليوم الاربعاء. وأشار المسؤولون إلى أنه لم يتضح سبب غياب وفد حركة التمرد عن حضور الاجتماع. وكان وفد الحركة أعرب عن امتعاضه من استمرار وجود القوات الأوغندية في جنوب السودان. وتبحث محادثات السلام الجارية بين الطرفين التفاوض على تفاصيل تشكيل حكومة انتقالية، إلا أنه ليس من الواضح استمرارها وذلك في ظل عدم الالتزام بالمواعيد المحددة للمحادثات الرامية لإنهاء النزاع الدائر في البلاد منذ ثمانية أشهر تقريبا. وكانت المحادثات بين الرئيس كير ونائبه السابق مشار تعثرت في يونيو الماضي. وكان الصراع قد احتدم في ديسمبر الماضي بعدما اتهم كير نائبه السابق بالتخطيط لانقلاب. في حين نفى مشار هذه المزاعم ، إلا أنه ما لبث أن أنشأ جيشا لمحاربة حكومة جنوب السودان. وانتقد وزير الخارجية الامريكي جون كيري أمس مشار عن خروقات لوقف اطلاق النار وقال ان الازمة تصبح اكثر الحاحا بالنظر الي المخاطر المتزايدة لمجاعة في جنوب السودان. واضاف كيري قائلا قبيل محادثاته مع الرئيس سلفا كير في واشنطن إن "مشار يحتاج الي ان يتفهم اهمية الوفاء بالاتفاقات". وحث الجانبين كليهما على تحقيق تقدم. من جهته قال الرئيس سلفا كير اثناء حضوره قمة لزعماء افارقة في واشنطن ان مشار لا يسيطر على القوات التي تحت قيادته. وعبر عن تأييده لوقف لاطلاق النار لكنه قال "نحن نجد صعوبة من جانب المسلحين." واضاف كير الذي يقوم بأول زيارة إلى واشنطن منذ 2011 قائلا "اقول دائما ان ريك مشار ليس له سيطرة على ما يسميه جيشه. ولهذا فان كل قائد في المناطق المختلفة يعمل بشكل مستقل." وبعد ساعات من تصريحات وزير الخارجية الامريكية أصدرت الهيئة الحكومة للتنمية لدول شرق افريقيا (إيجاد) التي تقوم بدور الوساطة في المفاوضات بين الجانبين في اثيوبيا بيانا يقول ان ممثلي مشار تخلفوا عن حضور أحدث جولة من المحادثات والتي بدأت في اليوم السابق. وحثتهم على العودة اليوم الاربعاء. وكان الداعمون الغربيون الرئيسيون لجنوب السودان هددوا عشية استئناف المفاوضات، بفرض عقوبات قاسية على الطرفين المتحاربين في البلاد، محذرين من أن صبرهم بدأ ينفد. وكانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي فرضا مؤخرا عقوبات على مسؤولين عسكريين كبار من الطرفين فيما هدد قادة ايقاد باتخاذ اجراءات في حال واصل الطرفان انتهاك اتفاقات السلام الموقعة سابقا. وقتل الاف الاشخاص ونزح حوالى 1,5 مليونا من منازلهم اثر ثمانية اشهر من القتال بين القوات الحكومة وجنود منشقين وميليشيات. ويعود النزاع الى عداوة بين سلفا كير ونائبه السابق مشار في خلاف قسم الجيش على اسس قبلية بين قبيلتي الدينكا والنوير، وهما ابرز قبيلتين في البلد ينتمي اليهما كير ومشار على التوالي وتفرقهما احقاد قديمة. وحذرت وكالات انسانية من احتمال حصول مجاعة في خلال اسابيع اذا استمر القتال. وقدر دونالد بوث المبعوث الامريكي الخاص الي جنوب السودان يوم الاثنين ان حوالي 40 بالمئة تقريبا من السكان في حاجة الي مساعدة إنسانية طارئة. وقال انه قد تحدث مجاعة في اجزاء من جنوب السودان في الاشهر الستة القادمة او نحو ذلك. وقال كيري "اهم شيء -وانا اعرف ان الرئيس كير يتفق معي في هذا- هو ضمان ان يكون بمقدور الناس ان يجدوا الامن ونأمل بان يكون بمقدورهم الحصول على الغذاء والدواء والمساعدة الانسانية في وقت الحاجة فيه ضخمة." وكان اتفاق وقعه كير ومشار بوساطة الايقاد واثيوبيا دخل حيز التنفيذ في مايو الماضي لإنهاء الحرب المستعرة في البلاد منذ منتصف ديسمبر الماضي . وتبادلت القوات الحكومية وقوات مشار الاتهامات بانتهاك وقف اطلاق النار بعد ساعات من سريانه وهي الاتهامات التي اثارة استياء الوسطاء الدوليين الذين ضغطوا على الجانبين لوقف الصراع. وتؤكد حكومة الخرطوم دعمها للمفاوضات الجارية بين الطرفين لإنهاء الصراع بين الطرفين المتخاصمين ، وتدعو لاتفاق شامل ونهائي يجلب الاستقرار والسلام في الجنوب.