تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اليهود اعتداءاتهم ومحاولاتهم تهويد مدينة القدس وتقسيم المسجد الأقصى وترويجهم لحملة تطالب بالسماح لليهود بإقامة طقوس دينية فيه. وفي هذا الإطار أغلقت قوات الاحتلال، منذ ساعات فجر اليوم الخميس، كافة بوابات المسجد الأقصى المبارك الرئيسية "الخارجية" أمام المصلين، ومنعت حتى العاملين فيه من دخوله. وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية بأن عشرات العناصر من الوحدات الخاصة والتدخل السريع بشرطة الاحتلال تنتشر منذ ساعات صباح اليوم في باحات ومرافق المسجد الأقصى، وتُغلق كافة بواباته أمام المصلين والعاملين فيه، بالإضافة الى إغلاق باب المغاربة المُخصّص لاقتحامات المستوطنين. ولأول مرة يشارك في صلاة الفجر بالمسجد الأقصى مدير المسجد الشيخ عمر الكسواني، وسبعة من حراس المسجد فقط. وتشترط الشرطة الإسرائيلية لإدخال الحراس الصباحيين تقديم لائحة أسماء المناوبين من الحرس الصباحي، في حين لم تسمح قوات الاحتلال لطلاب المدارس وأساتذتهم داخل المسجد الأقصى من الالتحاق بمدارسهم. من جانب آخر ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن الحاخام المتطرف "يهودا غليك" أصيب الليلة بجروح خطيرة جراء استهدافه بإطلاق نار حين خروجه من محاضرة له في "مركز بيغن" في القدسالمحتلة. وذكر المصدر ذاته إن مجهولا يستقل دراجة نارية استهدف هذا الحاخام ما تسبب بإصابته بشكل مباشر، وأنه تم نقله إلى 'شعاري تسيدك' للعلاج. ووفق شهود عيان، شرعت قوات كبيرة من جيش الاحتلال وشرطته، مدعومة بطائرات مروحية بحملات تمشيط عن مطلق النار. يذكر أن هذا الحاخام هو من أبرز المتطرفين الذين ينفذون عمليات تدنيس يومية للمسجد الأقصى المبارك، ومن الساعين لتقسيم الحرم القدسي بين اليهود والمسلمين. وتوازيا مع ذلك شدد وزير الخارجية رياض المالكي على أن الممارسات الإسرائيلية تقوض السلام، وتهدد الأمن والسلم الدوليين، إضافة إلى الاستفزاز الإسرائيلي لمشاعر ملايين المسلمين في محاولات تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، وهو ما من شأنه أن يحيل الصراع إلى نزاع ديني. وأشار في بيان صدر عن الخارجية الفلسطينية، الليلة الماضية، إلى أنه سيتم إطلاع أعضاء مجلس الأمن على الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي في مدينة القدس، واستمرار المخططات الاستيطانية غير الشرعية، الرامية إلى تهويد المدينة وتغيير تركيبتها الديمغرافية، وترحيل السكان الفلسطينيين الأصليين من المدينة المقدسة، وعزلها عن امتدادها العربي الفلسطيني. وشدد المالكي ودعا المالكي مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته لإنقاذ فرص السلام، وحل الدولتين القائم على إجماع الشرعية الدولية، مطالبا دول العالم بالتدخل العاجل لمواجهة الأوضاع الخطيرة التي خلفتها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على الأرض، ولعب دور أكثر فاعلية لردع الاحتلال، إضافة إلى رفع الحصانة السياسية والقانونية عنه. وشدد على ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ودعم التوجه الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم عن دولة فلسطين، من خلال وضع جدول زمني لذلك. وقال المالكي إن القدس على أجندة اليونسكو أمس، واليوم في مجلس الامن، مرحبا باعتماد المجلس التنفيذي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة 'اليونسكو' يوم أمس الثلاثاء في دورته ال195، المنعقدة في باريس، القرارات التي تقدمت بها دولة فلسطين وبشكل مشترك مع الأردن الشقيق، وبدعم عربي وإسلامي. وطالب المالكي الدول الأعضاء بتحمل مسؤولياتها والضغط على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، من أجل حماية الأماكن الثقافية والتراثية الفلسطينية، وحماية الإرث التاريخي والمادي والطبيعي لشعبنا المتجذر في أرض دولته المحتلة، داعيا إلى احترام قرارات اليونسكو بهذا الشأن. وفي نيويورك قال مندوب فلسطين في الأممالمتحدة من جهته رياض منصور إنه "إذا لم نستطع إقناع المحتل بالتفاوض من اجل إقامة فلسطين فربما لن يكون هناك حل دولتين ولا لوم إلا على القوة المحتلة". وأكد منصور خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة الاستيطان الإسرائيلي والوضع حول فلسطين أن المجلس وجه دعوات لإسرائيل للكف عن بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينيةالمحتلةوالقدس ولكن تل أبيب لم تستمع. وأضاف أن سكان القدس الشرقية يعانون من التمييز والتطرف من قبل المتطرفين بما في ذلك القتل والخطف والاعتداء على دور العبادة. من جهته أعلن جيفري فيلتمان، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، أن بان كي مون دعا إسرائيل إلى الكف عن نشاطاتها الاستيطانية وتنفيذ التزاماتها الدولية. وأضاف فيلتمان أن الأمين العام أعرب عن قلقه إزاء خطط الحكومة الإسرائيلية لبناء نحو ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، مشيرا إلى أن تنفيذ إسرائيل لهذه المشاريع الاستيطانية يثير الشكوك بحقيقة التزامها بتسوية النزاع مع الفلسطينيين. ورأى مساعد الأمين العام للمنظمة الدولية أن الوحدات الاستيطانية الجديدة في حال تنفيذها ستضيق الخناق على الدولة الفلسطينية المستقبلية، مؤكدا أن بناء إسرائيل لهذه البؤر الاستيطانية يتعارض مع القرارات الدولية وستكون غير قانونية. ودعا فيلتمان تل أبيب إلى تجميد برنامج بنائها "والتمسك بالتزامات أخذتها على عاتقها في إطار القانون الدولي وخارطة الطريق التي وضعتها الرباعية الدولية بشأن التسوية في الشرق الأوسط". وكانت السلطة الفلسطينية قد دعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث وقف الاعتداءات الخطيرة التي تقوم بها إسرائيل ضد القدس، والانتهاكات ضد المقدسات خاصة في المسجد الأقصى المبارك. وقد أكد الناطق باسم السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن المشاورات مستمرة من أجل اتخاذ مجلس الأمن قرارا بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس على حدود عام 1967 وفق سقف زمني محدد. هذا وتقدم ممثل السلطة الفلسطينية في المنظمة الدولية رياض منصور ليلة الثلاثاء بطلب الى مجلس الأمن لعقد هذه الجلسة. جدير بالذكر أن الأردن من جانبه العضو الدوري في مجلس الأمن، كان أيد الطلب الفلسطيني متوجها كذلك إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي بطلب عقد جلسة طارئة لبحث الخطط الإسرائيلية لبناء وحدات سكنية جديدة في أحياء مدينة القدس التي تقع خلف الخط الأخضر. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد طالب الاثنين المسؤولين الإسرائيليين بتقديم خطة لبناء أكثر من 1000 وحدة استيطانية في القدس. بدوره قال مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين إن بناء إسرائيل للمستوطنات غير شرعي داعيا إلى تجميد عملية البناء دون مماطلة. ودعا تشوركين إلى إعطاء دور للجامعة العربية لأن الجهود تتخطى الشرق الأوسط والرباعية. وقال تشوركين:"مستعدون لأن يكون لنا دور قيادي لتحقيق سلام عادل وطويل الأمد في المنطقة". هذا وذكر تشوركين أن بإمكان مجلس الأمن الدولي أن يساهم بقسط أكبر في مساعدة كل من إسرائيل والفلسطينيين على تنفيذ القرارات السابقة الخاصة بتسوية النزاع بين الطرفين. وقال المندوب الروسي إن قيام مجلس الأمن بهذا الدور يمكن أن يتمثل في زيارة أعضائه إلى المنطقة وإصدار المجلس قرارا بشأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في موعد مقترح من قبل الجانب الفلسطيني.