وضعت الولاياتالمتحدةالأمريكية شروطا لرفع العقوبات الغربية المفروضة على روسيا من جانب واحد بسبب الأزمة الأوكرانية ،في حين تصف موسكو مزاعم حلف شمال الأطلسي حول توغل قوات روسية أراضي أوكرانيا بأكاذيب دعائية. وشددت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي من العقوبات على روسيا، وفرض الاتحاد الأوروبي قيودا على قطاعات رئيسية ومسؤولين روس. وكانت أول حزمة من العقوبات فرضت على روسيا بعد أن ضمت إقليم القرم الأوكراني إليها في مارس الماضي. وقالت المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن سمانثا باور إن واشنطن جاهزة لرفع العقوبات عن روسيا إذا توفرت عدة شروط منها "توقف القتال في أوكرانيا" حسب تعبيرها. وقالت باور في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن لبحث الملف الأوكراني: "مازلنا على استعداد لإلغاء العقوبات إذا توقفت المعارك وأغلقت الحدود وسحبت كافة القوات والمعدات الأجنبية، وأطلق سراح الأسرى". وقد وٌجهت لموسكو اتهامات جديدة تتعلق بوجود قوات روسية على أرض أوكرانيا، الأمر الذي نفته موسكو بشدة، وقالت إنه يأتي في مسار الدعاية الكاذبة غير المثبتة بأية براهين، مؤكدة أنها اعتادت مثل هذه الادعاءات. وقال ألكسندر بانكين، نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأممالمتحدة إن المزاعم حول دخول قوات روسيا أراضي أوكرانيا أكاذيب دعائية. وفي اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في أوكرانيا أشار بانكين إلى أنه "لا يستطيع أحد تقديم أدلة تثبت هذا التدخل، وبالتالي فهو كلام فارغ". وأضاف الدبلوماسي الروسي أن كييف تروّج للشائعات حول نقل أسلحة ووحدات من الجيش الروسي إلى جنوب شرق أوكرانيا "بهدف تبرير إخفاقاتها وتكثيف إرسالها للقوات والآليات العسكرية إلى الجبهة". وفي وقت سابق من الأربعاء وصفت وزارة الدفاع الروسية مزاعم حلف شمال الأطلسي حول توغل أرتال عسكرية روسية في أوكرانيا بالكلام عديم الأساس. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع اللواء إيغور كوناشينكوف في تعليقه على تصريحات مسؤولي الناتو: "لم نعد نعير الاهتمام لمثل هذه التصريحات التي لا تستند إلى أية أسس، والتي تصدر عن قائد قوات الحلف في أوروبا العميد فيليب بريدلاف بخصوص ملاحظته لقوافل عسكرية روسية تتوغل داخل الأراضي الأوكرانية.. لا يوجد دليل على ذلك". وتدهور العلاقات الروسية خاصة الاقتصادية مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي على خلفية الأزمة الأوكرانية الأمر الذي دفع روسيا لبدائل أخرى إذ عززت علاقتها مع كل من الصين وإيران ليصل إلى مستويات غير مسبوقة. وردا على العقوبات المفروضة علي روسيا بسبب موقفها من الأزمة الأوكرانية فرضت موسكو "حظرا كاملا" على واردات الأغذية من الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وبعض الدول الغربية. وقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو الماضي أن روسيا ستفرض عقوبات من جانبها على الغرب تستمر لمدة عام، وستدخل حيز التنفيذ على الفور.. في حين قال رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف من جهته إن الحظر سيشمل الفاكهة والخضروات واللحوم والأسماك والحليب ومنتجات الألبان. ويشمل الحظر أيضا كل من أستراليا وكندا والنرويج. وتحظر روسيا أيضا على شركات الطيران الأوكرانية تسيير رحلات الترانزيت عبر أراضيها، حسبما قال ميدفيديف في كلمة متلفزة. وأوضح أن حكومته تدرس أيضا حظر رحلات الترانزيت لشركات الطيران في الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة ردا على العقوبات المفروضة على موسكو على خلفية الأوضاع في أوكرانيا. وسيؤدي منع رحلات الطيران من المرور عبر المجال الجوي في سيبيريا إلى زيادة التكاليف بشكل كبير وكذلك الإطار الزمني لتحليق العديد من الطائرات المتجهة إلى مقاصد آسيوية. وتتهم الحكومات الغربية الحكومة الروسية بتأجيج الاضطرابات في شرقي أوكرانيا من خلال إمداد المسلحين المواليين لروسيا بالأسلحة والخبرة. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. ويرى خبراء بأن هذه العقوبات ستضر بشركات أوروبية ألمانية أيضا، بيد أن الضرر الأكبر ستواجهه روسيا، التي لديها "عقلية الانغلاق". ويعتقد كثير من الخبراء أن العقوبات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي ضد روسيا التي صدرت الثلاثاء (29 يوليو 2014) ستضر بالاقتصاد الروسي أكبر من ضررها بالاقتصاد الأوروبي، بل إن روسيا معرضة للدخول في مرحلة كساد. علما بأن الوضع الاقتصادي لروسيا يعاني حتى قبل وقوع الأزمة الأوكرانية، فبحلول الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ولت السنوات التي كان الاقتصاد الروسي ينمو فيها بنسبة 5 بالمائة، لينخفض في عام 2013 إلى 1.3 بالمائة، بينما يتوقع صندوق النقد الدولي أن تسوء حالة النمو في روسيا لتسجل في العام الحالي 0.2 بالمائة فقط. ويشكل النفط والغاز ثلثا الصادرات الروسية تقريبا، لذلك فإن روسيا بحاجة إلى استثمارات خارجية أو الوصول إلى مصادر تمويل أجنبية، لن تكون متاحة بسبب العقوبات المفروضة؛ ولذلك سيزداد الوضع سوءا في روسيا. ويقول شتيفان شنايدر كبير الخبراء الاقتصاديين بمصرف "دويتشه بنك" الألماني إن هناك شركات أوروبية ستتضرر بالطبع من هذه المسألة، لكن على المدى الطويل والمتوسط ستكون التبعات السلبية للعقوبات ملموسة في روسيا بصفة خاصة، وستعاني عملية التحديث هناك طويلا. ويواجه الاقتصاد الروسي ضربة أخرى بعدما أصدرت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي يوم الاثنين (28 يوليو 2014) حكمها بأن تدفع روسيا 50 مليار دولار أميريكي إلى المساهمين في شركة النفط "يوكوس" التي أوعز فلاديمير بوتين بتأميمها قبل عشر سنوات "بدوافع سياسية" حسب رأي المحكمة. وأمام روسيا مهلة حتى منتصف يناير المقبل لتدفع التعويضات وإلا فمن الممكن مصادرة ممتلكاتها في الخارج. بينما وصفت الحكومة الروسية الحكم بأنه "معيب" و "أحادي" و "منحاز سياسيا". وألقى الحكم الصادر في لاهاي الضوء على مخاطر الاستثمار في روسيا وعملية الاستقرار المالي على المدى الطويل هناك. ولا تتوقع الحكومة الألمانية حدوث تأثير سريع للعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. وأوضح مفوض الحكومة الألمانية للشؤون الروسية غيرنوت إرلر، عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم، في تصريحات للقناة الأولى في التلفزيون الألماني (إيه آر دي) يوم الأربعاء (30 يوليو) أن الأمر يحتاج لبعض الوقت حتى تؤثر العقوبات على موسكو. وأضاف إرلر أنه تسود في روسيا وإلى حد ما "عقلية الانغلاق"، وقال: "يعتقد الروس أنه ربما تتسنى لهم بذلك الفرصة ليصبحوا أكثر استقلالا عن الغرب". وقال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي قبل توقيع العقوبات على روسيا ، إن التبعات القوية ستكون على روسيا وإن أثرها سيكون ضعيفا على الاقتصاد الأوروبي. ومن المعلوم أن روسيا هي الشريك التجاري رقم ثلاثة بالنسبة لمجموع دول الاتحاد الأوروبي وتأتي في المرتبة الحادية عشرة بالنسبة للشركاء التجاريين لألمانيا. وذكرت غرفة التجارة والصناعة الألمانية أن الصادرات الألمانية لروسيا ستتراجع هذا العام بمقدار 17 بالمائة. وسيكون الأثر الأقوى للعقوبات في مجال صناعة الماكينات. وتمثل نسبة الصادرات إلى روسيا 3.3 بالمائة من إجمالي الصادرات الألمانية. يذكر أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا تتضمن تصعيب الأمور على روسيا فيما يخص الحصول على أموال من أسواق المال الأوروبية ومنع استيراد التكنولوجيا الروسية، سواء التي تستخدم لأغراض مدنية أو عسكرية وعدم توقيع عقود استيراد بضائع روسية وتشديد الإجراءات على تصدير وحدات التقنية العالية التي تستخدم في استخراج الطاقة.