دعت مجموعة دول الساحل الافريقي الخمس (تشادماليالنيجرموريتانيا وبوركينا فاسو) في أعقاب قمة عقدوها الليلة الماضية في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأممالمتحدة إلى تشكيل قوة دولية لمواجهة الجماعات المسلحة في ليبيا وذلك بالاتفاق مع الاتحاد الإفريقي. وفي ختام قمة جمعت الدول الخمس في العاصمة الموريتانية نواكشوط الجمعة 19 ديسمبر وجهت المجموعة "نداء إلى مجلس الأمن الدولي لتشكيل قوة دولية، بالاتفاق مع الاتحاد الإفريقي، للقضاء على الجماعات المسلحة والمساعدة في المصالحة الوطنية واقامة مؤسسات ديموقراطية مستقرة" في ليبيا. من جانبه أكد رئيس موريتانيا محمد ولد عبد العزيز في مؤتمر صحفي عقده في ختام القمة، أن "مجموعة الساحل 5" توجهت بشكل رسمي إلى كل من الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة بطلب التدخل من أجل "إعادة النظام" في ليبيا، دون أن يكشف صيغته أو تاريخ بلورته. واضاف ولد عبد العزيز إن جميع المسؤولين الليبيين الذين اتصلت معهم المجموعة يشاطرونها هذا الرأي، دون أن يذكر هوية هؤلاء المسؤولين. وقال أن الجهات المنتخبة في ليبيا، بما فيها البرلمان بحاجة إلى قوة من أجل تنفيذ برامجها الخاصة بتنمية البلاد. وقد رحبت هذه الدول بالجهود التي تبذلها دول الجوار والأممالمتحدة من أجل "توفير شروط الحوار بين مختلف الأطراف الليبية باستثناء الجماعات الإرهابية المعروفة بصفتها تلك". وكان رؤساء دول الساحل الخمس وقعوا على اتفاقية تأسيس مجموعة "الخمس في الساحل"، لتشكل الإطار القانوني المنظم لهذه المجموعة. واتفق رؤساء ماليوالنيجروالتشادوبوركينافاسووموريتانيا في اجتماعهم بموريتانيا على وضع برنامج استثماري بقيمة 15 مليار دولار، وانتخبوا النيجيري ناجم الحاج محمد، أمين دائم لمجموعة "الخمس في الساحل" التي سيكون مقره في نواكشوط. ووجه قادة بلدان المجموعة نداء إلى المنظومة الدولية لدعم جهودها في الساحل في حربها من أجل تعزيز الأمن والاستقرار وترقية التنمية. شارك في القمة التي نظمت مباشرة بعد قمة "مسار نواكشوط" كل من الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا، والتشادي إدريس ديبي، ورئيس النيجر محمد ايسوفو، والرئيس الانتقالي في بوركينا فاسو ميشال كافاندو، اضافة الى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. وتميزت القمة التي اختتمت الجمعة بنواكشوط بوضع مشاريع نصوص مثل الاتفاقية المتضمنة إنشاء المجموعة ووضع برنامج استثماري ذي أولوية لسنوات 2015 - 2017 بقيمة 15 مليار دولار. وكان قادة 11 بلدا بمنطقة الساحل وغرب أفريقيا قد دعوا الخميس إلى التحرك على المستوى الإقليمي والدولي لإنهاء حالة الاقتتال في ليبيا، وذلك خلال قمة إقليمية في نواكشوط. في أول منتدى دولي حول الأمن والسلام بأفريقيا، اختتم في العاصمة السنغالية دكار الثلاثاء الماضي، دعا رؤساء تشادومالي والبلد المضيف الدول الغربية إلى التدخل عسكريا في ليبيا ضد ما اعتبروه معقلا للمسلحين الجهاديين في جنوب البلاد يهدد أمن المنطقة برمتها. ودخلت ليبيا في دوامة سياسية لم تهدأ منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، إذ ظل الصراع محتدما بين الفرقاء السياسيين حول السلطات التشريعية والعسكرية والمدنية، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى الاعتقاد بأن الفشل في بناء جيش وطني موحد يحتكر السلاح وشرعية استخدامه ظل على الدوام المهدد الأكبر لأمن واستقرار البلاد. وتشهد ليبيا منذ مطلع عام 2014، ازمة حقيقية بدأت تأخذ طابعا تصاعديا لتضع البلد بالتدريج على شفا صراع أهلي. بدأ التصعيد باحتجاجات تطالب برحيل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بحجة انتهاء ولايته وفشله في معالجة الأزمة، ولم يمنع رحيل المؤتمر وانتخاب برلمان من تعمق الانقسام. ففي ظل هشاشة أمنية بالغة، رافقها إخفاق في بناء مؤسسات أمنية وعسكرية حقيقية بعد عامين من إطاحة الثورة بالعقيد الراحل معمر القذافي، برز الاحتقان السياسي في الجدل الذي أثير حول شرعية استمرار المؤتمر الوطني. وانتج ذلك الاحتقان مواجهات عنيفة بين قوات الجيش التابعة للحكومة وقوات فجر ليبيا أسفرت عن سقوط آلاف القتلى والجرحى ونزوح مئات الآلاف من الاسر الليبية في عدد من المدن الليبية في ظل هذا الوضع المضطرب الذي بات مصدر تهديد للأمن الإقليمي والدولي، حسبما رأت دول جوار ليبيا والغرب، حاولت الأممالمتحدة ودول الجوار الدفع نحو حل سياسي للأزمة، لكن جهودها لم تفض إلى نتائج. ونجحت بعثة الأممالمتحدة نهاية سبتمبر في عقد لقاء تمهيدي بمدينة غدامس (جنوب غرب طرابلس) بين نواب قاطعوا مجلس النواب (المنحل) وآخرون شاركوا في أعماله، وأُعلن عن جولة ثانية من الحوار في مدينة أوجلة جنوببنغازي منتصف ديسمبر. كما عقدت اجتماعات لدول جوار ليبيا كان أحدثها في الخرطوم، وصدرت عنها دعوات لحل سياسي، بينما لم يُكتب النجاح لمبادرة عرضتها الجزائر لجمع فرقاء الصراع في ليبيا على أرضها. في المقابل، تزايدت التهديدات الدولية بفرض عقوبات على الأطراف الليبية الضالعة في الصراع، في حين وضع مجلس الأمن جماعة "أنصار الشريعة" في بنغازي على لائحة "المنظمات الإرهابية. على الصعيد الامني قال مسعفون إن ما لا يقل عن 25 شخصا قتلوا وأصيب 103 اخرون خلال الأيام الثماني الاخيرة من القتال الدائر بين قوات موالية للحكومة وجماعات مسلحة في مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية. ويرتفع بذلك عدد القتلى إلى حوالي 475 منذ أن بدأ الجيش وقوات يقودها اللواء السابق خليفة حفتر حملة ضد المسلحين في المدية الساحلية في منتصف أكتوبر. وتمكنت القوات الموالية للحكومة من طرد مقاتلين المسلحين من منطقة المطار واستعادة معسكرات للجيش كان الإسلاميون استولوا عليها في أغسطس. واستأنفت الشرطة والمؤسسات الحكومية الاخرى العمل في بعض الاحياء التي يسيطر عليها الجيش لكن القتال تواصل في الميناء. وتقصف الطائرات الحربية التابعة للواء حفتر المنطقة منذ أسابيع لكن القوات الموالية للحكومة تقول إن المسلحين ما زالوا يتحصنون في المنطقة.