رائدة يمنية كانت من أوائل من التحقن بالمدرسة عقب ثورة السادس و العشرين من سبتمبر، ومن أوائل من قدمن المرأة خارج اطارها النمطي، كشريكة للرجل وحاضرة في مجالات كان يستنكر وجود المرأة فيها.. أول امرأة يتم تعيينها في السلك الدبلوماسي للجمهورية العربية اليمنية، انها القاصة والكاتبة السفيرة /رمزية الارياني، التي تم انتخابها مؤخرا رئيسة لاتحاد نساء اليمن .. تتحدث عن المنجزات التي تحققت للمرأة في ظل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، وتتذكر مرحلة مما واجهه جيلها في اول خطوات المرأة خارج قمقم التخلف. = سبأنت : كيف تقيمين ما وصلت اليه المرأة خلال سني الثورة الواحد والأربعين؟ - رمزية الارياني : استطيع أن أقيمها بكلمة واحدة، المرأة كانت توأد في قبو معتم، لا تعرف من العالم إلا الدائرة المحيطة بذلك القبو الصغير أما الآن فالمرأة منطلقة إلى عالم رحب واسع، و استطاعت أن تحقق ذاتها من خلال مسيرة السنوات الواحد والاربعين. عندما أسرح بذكرياتي لما بعد الثورة في الستينيات أرى المرأة تحبو بصعوبة بالغة علها تصل إلى مدرسة تتعلم فيها ليس الحروف الاولى وحسب، وإنما الحروف الاولى للحياة، تتعلم فيها كيف يعيش العالم من حولها، و كيف تستطيع ان تنفذ من القمقم الذي وضعت فيها لسنوات طويلة علها تنطلق إلى عالم رحب، تمسك بكلتي يديها قانونا يحميها من حياة الظلم والتعسف، وأنا لا أقصد الظلم والتعسف الاجتماعي بل ظلم وتعسف الأمية، فالأمية " ظلم " والجهل "تعسف" ، الموت البطيء بدون مصحة ظلم، السفر لثلاثة أيام متوالية من قريتها إلى أقرب مركز تبيع فيه منتجاتها ظلم وتعسف.. الاضطهاد النفسي من المجتمع كونها إمرأة يعد ظلما. اتذكرت المدرسة الوحيدة والصغيرة التي كانت في تعز، وكانت أول مدرسة لتعليم البنات بعد الثورة (وهي مدرسة أروى ولا تزال) ولكنها الآن ضاعت بجانب العديد من المدارس التي بنيت من أجل تعليم الفتاة، هذه المدرسة كانت بالنسبة لي هي العالم الغريب الذي لم أسمع عنه من والدتي التي كانت تحكي لي دوما عن النساء اللاتي حفظن القرآن، وانني عندما أكبر ستحلقني بالمعلامة (الكتَاب) حتى أحفظ القرآن وأكون من النساء الفاضلات .. كانت تقول " المرأة الحافظة تستطيع ان تعلم أولادها كل الفروض الدينية وتغرس فيهم قيم القرآن". وعندما بلغت الخامسة والحقتني والدتي بالمعلامة، وجدت في مكتبة والدي كتاب (المصور) يحكي فيه عن طفلة وأخيها وهما يذهبان إلى المدرسة، ويضم صورا لطيور وحيوانات، حملت الكتاب وذهبت إلى والدتي وقلت لها "لن أتعلم القرآن وحسب ولكن سأكون مثل كتاب المصَور" عندها رد أبي "الآن بدأت في المعلامة وغداً في المدرسة وسيتحقق الحلم، فمن أجل تعليم المرأة قامت الثورة". وفي اليوم الاول لذهابي للمدرسة ( عام 1963) ترددت في أذني كلمات أبي المشيدة بالثورة فأحسست انني ادخل الثورة وليس المدرسة". ومن تلك المدرسة وغيرها انطلقت المرأة، وانطلقت الثورة التعليمية والتنموية. ثورة 26 سبتمبر لم تكن انطلاقة للمحافظات الشمالية وانما الجنوبية ايضاً فبعدها اشعلت ثورة 14 أكتوبر.. كما نعلم جميعاً أن التعليم في المحافظات الجنوبية في مدينة عدن فقط، أما حولها فكانت مهملة، ومن ذلك كانت 26 سبتمبر انطلاقة للثورة في كل اليمن. عندما نقارن بداية تعليم البنات والثورة التعليمية التي جاءت بها البعثة المصرية في 1963 ما ستعرفين وترين منجزات الواحد والاربعين عاماً، مدارس ليس لها عدد، نساء خرجن إلى العمل أقوياء وبقدرات قوية، منهن أكاديميات في الجامعة، طبيبات في المستشفيات، مهندسات، نساء ذات قرار في إداراتهن، فأصبحت المرأة مديرا عاما، ووكيل وزارة ووزيرة لأهم وزارة في الدولة تعنى بحقوق الانسان. وحتى المرأة في الريف أصبح لديها وعي كبير بحقوقها، واذكر هنا عندما ذهبت إلى قرية نائية لتوعية النساء أثناء الانتخابات ردت أكثر من أمرأة " لقد قطعت البطاقة وهذا حقي لن انساه" وعندما سألتها لمن ستصوتين ، قالت : أنا لن أصوت لمن كذب في المرة الماضية، ومن بدأ الآن يمنحي بعض المواد الغذائية ، سأصوت لمن سيدخل الماء والكهرباء لقريتي".. سألتها أخرى وماذا لو اجبرك زوجك لتصوتي لمن يريد، قالت: وما أدراه بمن سأختار" .. في تلك اللحظة أحسست أن هذه هي بنت الثورة على الرغم من أميتها. = سبأنت: أستاذة رمزية نلاحظ في حديثك اهتماما كبيرا بقضية تعليم الفتاة ولكننا نلاحظ أن نسبة الأمية لاتزال عالية بين النساء؟ -رمزية الارياني : تذكري بأنه مرت فترات من الثورة في الحروب والاتنكاسات الاقتصادية في حياة الأسرة، ولدينا كثافة سكانية عالية، وقرى متناثرة لا تستطيع الدولة منحها الخدمات الكافة. أمية المراة بالفعل لا تزال عالية وتعود للعادات والتقاليد التي تمنع الاختلاط، وبعد المدرسة عن البيت، بالاضافة إلى الزواج المبكر والفقر الذي يجعل الاسرة لا تستطيع توفير الاحتياطات البسيطة للمرأة. هناك أستراتيجية وضعت على مستوى الوطن العربي لمحو امية المرأة عن طريق ايجاد بند في قانون الزامية التعليم يعاقب الاسرة التي تتخلف عن تعليم الاطفال، ولكن قبل فرض العقاب يجب القيام باجراءات تشجيعية خاصة للاسر الفقيرة، مثل توفير الزي والاحتياجات المدرسية لاطفال هذه الاسر، وايضا كما تم في بعض الدول العربية أن تمنح الدولة حوافز للاسر الريفية والنائية في تسويق منتجاته وتقديم حوافز عينية بسيطة. ولو تكاتف اتحاد نساء اليمن مع المجالس المحلية وجهاز محو الامية واستطاع الجميع القيام بحملة لمحو الامية، بتوفير كوادر تعليمية جيدة، وتعليم مهارات منزلية ويدوية، ومواد عينية تشجيعيه بهذا نستطيع الحد من امية النساء. ولكن لو نظرنا إلى قبل 41 عاماً كانت أمية النساء 99.9% ولولا الثورة لما كنت هنا وما كنت أنا هنا. = سبأنت : بعد واحد واربعين عاما من الثورة ولازالت المرأة تعاني ، فكيف واجهتن الوضع حينها.. وما الصعوبات التي واجهتنها؟ - رمزية الارياني : قد يكون جيلنا لدية الصبر والطموح، فأرى الجيل الجديد ليس لديه الصبر، والطموح غير كاف، أعتقد كل أقلية تحاول أن تعمل الكثير حتى تثبت نفسها وذلك جيلنا فنحن أقلية متعلمات حيث كن أول دفعة فتيات تحصل على الابتدائية على مستوى الجمهورية في مدينة تعز عام 1968م، وكنا 12 فتاة الزمنا.. وعندما أردنا اكمال تعليمنا الاعدادي قال لنا المعنيين ان نكتفي بما حصلنا عليه لانه لا يمكن فتح مرحلة اعدادية بهذا العدد والامكانيات من مدرسن وغيرها لا تسمح ، ولكننا اصرينا وبقينا أكثر من شهر دون مدرسين حتى رضخوا لاصرارنا، و تكرر نفس الشي مع بداية المرحلة الثانوية. وبعد اكمال الدراسة الجامعية وعندما أردت العمل التحقت بوزارة التربية والتعليم الذين قاموا بتعيين في الادارة النسوية، ورفضت وطلبت تعيين في التفتيش وكنت أول امراة تلتحق بهذا العمل، وفي البداية لم يكن زملائي الرجال يقبلوني.. بعدها طلبت وزارة الخارجية موظفين للعمل في البعثات الدبلوماسية وتقدمت فقالوا أنت امراة، فقلت القانون لا يمنع عمل المرأة وتقدمت للامتحان واجتزته وابتعثت للعمل في الهند. = سبأنت : هل أنت راضية عما وصلت اليه المرأة اليوم؟ -رمزية الارياني : في بعض المجالات نعم وهناك مجالات كنا نأمل المزيد مثل مجلس النواب فوجود امراة لا يمثل طموحنا، وكان سببه الاحزاب جميعها التي لم تدعم المراة رغم الشعارات التي ترفعها، ايضاً وجود امراة واحدة في الحكومة كنا نأمل ان يزيد العدد إلى اثنتين أو ثلاث، نريد حضورا أكبر للمرأة في المناصب العليا لانها تستحق ذلك بكفاءتها وقدراتها. = سبأنت : اتحاد النساء كان في الماضي مدرسة اخرجت العديد من الرائدات ودعم المرأة، بعد مؤتمره الذي عقد مؤخرا هل سيعود لنشاطه الذي خفت سنوات طوال؟ -رمزية الارياني : اتحاد نساء اليمن تول عليه كثير من النساء ذوات الطموح لتحقيق الكثير من خلاله، وقد عمل الاتحاد استراتيجية لدعم قدرات النساء في عدة مجالات .. والنساء في مؤتمرنا الاول تذكرن لجوئهن إلى أحزابهن لدعم ترشيحهن للبرلمان وكن اقدر من الرجال وكل الاحزاب خذلت النساء، ومن هذا المنطلق تطمح المرأة ان يكون الاتحاد هو الداعم الحقيقي لها، وبالفعل لدينا تخطيط مستقبلي أن نبدأ ندرب ونعد مرشحات عن طريق مراكز للاتحاد حتى يستطعن أن يرشحن ولديهن قاعدة وشعبية عريضة وحتى يكون لدينا ثقة أن الاتحاد قد درب نساء لهذه المراكز. اذا لم تقبل من حزبها فستترشح مستقلة فالاتحاد سيدعم كل النساء لأنه البيت والملاذ للمرأة ليدعمها ويعدها بقدرات توصلها إلى موقع القرار. وكالة الانباء اليمنية سبأ