ووقع الاتفاقية عن جانب بلادنا الدكتور/ أبوبكر عبد الله القربي / وزير الخارجية ، وعن جانب السلطنة / يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسئول عن الشئون الخارجية ، وذلك بحضور أعضاء الجانبين اليمني والعماني في اللجنة المشتركة الخاصة بترسيم الحدود البحرية . وفي أعقاب التوقيع على الاتفاقية ألقى الأخوان / الدكتور/ أبو بكر القربي ، و/ يوسف بن علوي بن عبد الله / كلمتين أشادا فيهما بالاتفاقية التي تحدد الحدود البحرية بين البلدين ، وبالأعمال التي أنجزتها اللجنة المشتركة المعنية بتحديد الحدود البحرية ، والتي شكلت مثالا يحتذى به في العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط بين اليمن وعمان ومثالا حضاريا في علاقات الجوار والعلاقات الدولية. واعتبر الوزيران في كلمتيهما أن هذه الاتفاقية ستفتح آفاقاً جديدة في العلاقات القائمة بين البلدين الشقيقين وتؤسس لمناخات التعاون في كافة المجالات التي تخدم مصالح البلدين وللتعاون بين كافة دول المنطقة . وكان الأخوان الدكتور/ أبو بكر القربي/ وزير الخارجية و/ يوسف بن علوي بن عبد الله / الوزير المسئول عن الشئون الخارجية في سلطنة عمان قد عقدا صباح اليوم بمقر وزارة الخارجية العمانية جلسة مباحثات رسمية ، جرى خلالها استعراض العلاقات المتنامية بين البلدين الشقيقين ، وسبل تطويرها وتعزيزها في كافة المجالات ، من خلال التعاون بين الأجهزة الرسمية وقطاع المال والأعمال في البلدين . كما جرى في المباحثات بحث التطورات السياسية في المنطقة والعراق والشرق الأوسط بالإضافة إلى الأوضاع في القرن الإفريقي والجهود الدولية لمكافحة الإرهارب. وتعد العلاقة الحدودية بين اليمني وعمان مثال يجب أن يحتذى واليكم لمحة عن الجمهورية اليمنية وقضايا الحدود مع الجيران: مثل ميلاد الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 1990م منعطفا هاما ليس فقط لليمن فحسب ولكن للمنطقة بشكل عام فقد شكلت الوحدة الاندماجية التي قامت بين شطري اليمن خطوة هامة لإعادة ترتيب العلاقات مع دول الجوار الجغرافي وفي طليعة هذه الدول السعودية وسلطنة عمان وإرتيريا، حيث تعتبر مسألة الحدود اليمنية مع جيرانها من المشاكل التي ورثتها الجمهورية اليمنية منذ أيام الاستعمار البريطاني ونظام الإمامة البائد، فقد قدمت اليمن تسوية شاملة مع كافة جيرانها والذي يمثل إسهاماً أساسياً في ضمان أمن واستقرار منطقة جنوب شبه الجزيرة العربية وفي ضمان علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية. ولقد نجحت قيادة الجمهورية اليمنية في إحلال العلاقات السلمية محل التوتر والخلاف بالتوصل إلى حل ودي لنزاعها الحدودي مع سلطنة عمان وإلى تسوية سلمية عبر محكمة التحكيم الدولية لنزاعها مع إرتيريا بالإضافة إلى النزاع الحدودي مع السعودية الذي استمر اكثر من ستين عاما لتؤكد أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية يشكل ضماناً للأمن والاستقرار في المنطقة كافة.. اليمن وعمان.. نموذج الحل الودي قدمت الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان نموذجا جيدا لحل الخلافات الحدودية بالطرق السلمية بعيداً عن الصراعات الدموية وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار وعن طريق المفاوضات الودية وبما يخدم مصالح البلدين الشقيقين. وبالنسبة لحسم النزاع الحدودي بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان أمكن تسويته عن طريق المفاوضات الودية بعد سنوات من الصراع والمواجهة حيث أثبتت القيادة السياسية مصداقية النهج الذي تتبعه في إقامة العلاقات الدولية مع جيرانها على قاعدة التعايش السلمي والتعاون المشترك والاحترام المتبادل لسيادة كل دولة على أراضيها. وعند الرجوع الى الخلفية التاريخية للنزاع سنجد ان الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان الشقيقة لم يتوصلا الى حل نهائي لقضية الخلاف بينهما الا بعد قيام الوحدة اليمنية المباركة فقد مرت مسيرة الحل الودي لتسوية النزاع الحدودي اليمني العماني بالعديد من المراحل نستعرضها فيما يلي: أولاً: المفاوضات الحدودية بين البلدين خلال الفترة من 1981-1989م: كان قد بدأ في منتصف عام 1981م إلا أن التوصل إلى نهاية مرضية للنزاع لم يكن سهلاً منذ البداية وفي ظل ظروف وتحديات التشطير حيث كان النزاع يتأثر بعوامل سياسية واقتصادية والذي غذى تطوره وقوع كل من الشطر الجنوبي من الوطن وعمان تحت الاستعمار والهيمنة البريطانية وعقب استقلال الشطر الجنوبي من الوطن في 30 نوفمبر 1967م أبرم الجانبين اتفاق مبادئ في الكويت في 27 أكتوبر 1982م بعد وساطة هادئة قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت وبحضور ممثلين عن الجنوب والسلطنة. ومن أهم بنود ما تضمنه الاتفاق تشكيل لجنة فنية من ممثلين للطرفين وبمشاركة الكويت والإمارات تعرض أمامها جميع الوثائق والمستندات لغرض الوصول إلى حل نهائي لقضية الحدود بين البلدين، وقد عقدت اللجنة الفنية للحدود المنصوص عليها في اتفاقية المبادئ أربعة اجتماعات الأول في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في مارس عام 1983م والثاني في دولة الكويت في أكتوبر من نفس هذا العام والثالث في سلطنة عمان في يناير عام 1985م أما الاجتماع الرابع فكان في عدن عام 1987م لكن هذه الاجتماعات لم تفلح في تحقيق تقدم لحسم النزاع الحدودي خصوصاً في ظل العزلة والتدهور المستمر في الشطر الجنوبي من الوطن والتدهور المستمر في أوضاعه الاقتصادية فضلاً عن الخلافات الداخلية التي برزت بين فرقاء الحكم في قيادة الحزب الاشتراكي قبل الوحدة اليمنية. المفاوضات الحدودية بعد قيام الوحدة المفاوضات على قاعدة لا ضرر ولا ضرار وبفعل الظروف الجديدة التي نشأت عندما تحققت وحدة شطري الوطن أعطت القيادة السياسية بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح جل اهتمامها لقضايا الحدود مع دول الجوار وفي مقدمتها سلطنة عمان وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار تواصل الحوار الأخوي بين البلدين لحل نزاعهما الحدودي وانطلاقاً من العلاقات الممتازة بين القيادتين توفرت الرغبة لديهما لطي صفحة الماضي بترسيم حدودهما ووضع نهاية حاسمة لأية إمكانية تعيد التوتر إلى العلاقات الجديدة. ولذلك ساعدت النوايا الحسنة والظروف الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل من اليمن وعمان على متابعة موضوع التسوية الودية للنزاع الحدودي وفي زمن قياسي تم التوقيع في صنعاء على اتفاقية الحدود الدولية اليمنية العمانية بتاريخ الأول من أكتوبر عام 1992م، كما تم التوقيع على ملحقين تابعين لها. ثالثاً: مضمون الحل الودي وأبعاده المستقبلية وعلى هذا الأساس شمل الاتفاق الأول على خط الحدود تحديد 92 علامة منها ثمان علامات رئيسية تبدأ العلامة الأولى من ضربة علي التي تقع على حافة جبل وتطل على البحر من ارتفاع حوالي 8 أمتار وتنتهي العلامة الثامنة عند تقاطع النسق الجغرافي 19 / 52 كما نصت على تحديد الأُسس لامتداد الخط الحدودي البحري وفقاً لقواعد القانون الدولي واتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار. وللوصول بالحل الودي إلى أعلى مستوياته على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية تم التوقيع على ملحقين بالاتفاقية الأساسية وهما: 1 - اتفاقية الحدود الدولية بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عُمان بشأن تنظيم سلطات الحدود الملحق الأول. 2 - اتفاقية الحدود الدولية بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عُمان بشأن تنظيم حقوق الرعي والتنقل والانتفاع من موارد المياة في منطقة الحدود الملحق الثاني. وبعد تبادل وثائق التصديق على هذه الاتفاقية وملحقيها تم إيداع الوثائق الرسمية بين البلدين لدى جامعة الدول العربية بتاريخ 1 ديسمبر 1992م ولدى الأممالمتحدة في تاريخ 25 ديسمبر 1992م، وإضافة إلى ذلك قامت شركة ألمانية تحت إشراف الممثلين الفنيين للبلدين بتشييد العلامات الحدودية عام 1994م وتم التوقيع في مسقط من قبل ممثلين للطرفين على الخرائط النهائية للحدود اليمنية العُمانية أبعاد الحل الودي لقضية الحدود بين اليمن وعمان وقد حظي الاتفاق الحدودي عن طريق الحل الودي بترحيب عربي ودولي كبير والذين اعتبروه نموذجاً رائعاً وقدوة حسنة في حل منازعات الحدود بين الدول المجاورة لكونه وضع الأُسس السليمة للعلاقات السلمية بدلاً من التوتر والتوجه المشترك نحو تنمية المناطق الحدودية. ولذلك تشهد المنطقة الحدودية اليمنية العُمانية بفضل هذا الحل حركة نقل يومية كبيرة للناس والسلع التجارية كما استفادت منها حكومتا البلدين من خلال العوائد الجمركية مع ازدياد حركة التجارة. وبعد ترسيم الحدود تم تشييد طريق حديثة تمتد من منطقة شحن الحدودية حتى مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة اليمنية، وتعمل حالياً لجنة مشتركة عليا على إقامة مشاريع اقتصادية واستثمارية في المناطق الحدودية ومنها إنشاء منطقة حرة في المزيونة لتعزيز التبادل التجاري بين البلدين. سبا