حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق صحفي ومعلومات مهمة: كيف التهمت السعودية الأراضي اليمنية
نشر في المساء يوم 08 - 04 - 2013

تمكن الملك عبد العزيز آل سعود من الاستيلاء على مساحة كبيرة من اليمن؛ إذ استولى على نجران، التي تبلغ مساحتها 360 ألف كم2 (بينها شرورة والخراخير)، كما استولى على عسير، التي تبلغ مساحتها 81 ألف كم2، واستولى على جيزان، التي تبلغ مساحتها 12 ألف كم2، كما استولى على عدد كبير من الجزر، ومساحات أخرى من صحراء الربع الخالي. وهذا يعني أن السعودية استولت على أكثر من مساحة اليمن الحالية.
كانت الأراضي اليمنية تصل إلى حدود جدة، ومكة، ووادي الدواسر التابع للرياض؛ وحتى 1932 كانت هذه هي الحدود التاريخية لليمن. وهنا فقط حدود عسير: "تمتد منطقة عسير من حدود الدرب والشقيق وبيش (منطقة جيزان) في الجنوب الغربي إلى حدود اليمن في الجنوب الشرقي. ومن حدود وادي الدواسر (منطقة الرياض) في الشمال إلى رنية (منطقة مكة المكرمة) إلى منطقة الباحة إلى منطقة مكة المكرمة في السهل الساحلي التابع للقنفذة".
استغل عبد العزيز آل سعود ضعف الإمام يحيى حميد الدين وسيطر على بلاد الأدارسة، ونجران، وأراض غيرها، كانت ضمن الحدود التاريخية لليمن. وعندما بدأت ثورة أهالي عسير ضد التواجد السعودي؛ دخل عبد العزيز بعملية تفاوض موهومة مع الإمام يحيى، حيث أرسل له وفدا للتفاوض معه إلى صنعاء، واستمرت عملية التفاوض تلك شهرين أنهاها عبد العزيز، دون الوصول إلى نتيجة، عندما انتهى من القضاء على الثورة في عسير.
كان الإمام متمسكاً بيمنية عسير ونجران وجيزان؛ إلا أنه لم يساند ثورة عسير ضد آل سعود، رغم استنجاد الأدارسة به. والغريب أنه أرسل، عندما بدأت الثورة هناك، رسالة لعبد العزيز أدان فيها الثورة في عسير، وأكد أنه لم يكن يعلم بها!
تمكن أهل عسير، بقيادة الأدارسة، من طرد واعتقال موظفي "آل سعود"، وعندما رد عليهم الأخير بقوة رفض الإمام مساندتهم رغم أنهم استغاثوا به وأعلنوا استعدادهم للعودة إلى الدولة اليمنية الموحدة! ظل إمام صنعاء يتفرج على أهل عسير حتى التهمهم الملك عبد العزيز، الذي تدخل في عسير، في البداية، على شكل معاهدة حماية مع الأدارسة ضد الإمام يحيى.
كان "الملك عبد العزيز كان، في عشرينيات القرن الماضي، تعبيراً عن مرحلة جديد في الجزيرة العربية، فيما كان الإمام امتداداً للدولة الدينية الغاربة في التاريخ".
أكثر من مرة، عرض الملك عبد العزيز على الإمام يحيى تقاسم نجران وعسير وجيزان؛ غير أن الإمام كان يرفض ذلك، ثم تخلى عن كل هذه الأراضي بعد هزيمته في الحرب التي خاضها الملك السعودي ضده عام 1934، وانتهت بمعاهدة الطائف، التي شملت الجزء الشمالي من اليمن فحسب.
كان الوضع في الجنوب اليمني مختلفاً كثيراً، فبريطانيا الدولة المُستعمِرة للجنوب، لم تعترف بالوجود السعودي في منطقة شرورة، ولم تشملها بأي مفاوضات حدودية معها. وكانت بريطانيا قد رسمت حدود اليمن الجنوبي (أو ما كان يسمى باتحاد الجنوب العربي) مع السعودية، وسمي "خط الاستقلال"، الذي لم تعترف به السعودية.
نصت المادة الخامسة من معاهدة الطائف، التي تمت 19 مايو 1934، ووقعها عن الإمام يحيى بن محمد حميد الدين، عبد الله بن أحمد الوزير، فيما وقعها عن الملك عبد العزيز آل سعود نجله الأمير خالد، على التالي: "نظرًا لرغبة كل من الفريقين الساميين المتعاقدين في دوام السلم والطمأنينة والسكون وعدم إيجاد أي شيء يشوش الأفكار بين المملكتين، فإنهما يتعهدان تعهدًا متقابلا بعدم إحداث أي بناء محصن في مساحة خمسة كيلومترات في كل جانب من جانبي الحدود في كل المواقع والجهات على طول خط الحدود".
وتضمنت تحديد منطقة الرعي بعشرين كيلومترا من جانبي الحدود، بحيث يحق للرعاة من البلدين استخدام مناطق الرعي ومصادر المياه على جانبي هذا الجزء من خط الحدود استنادا إلى التقاليد والأعراف القبلية السائدة لمسافة لا تزيد عن عشرين كيلومترا. وأكدت أنه "لا يجوز لأي من الطرفين المتعاقدين حشد قواته المسلحة على مسافة تقل عن عشرين كيلومترا على جانبي الحدود، ويقتصر نشاط أي طرف في كل جانب على تسيير دوريات أمن متنقلة بأسلحتها الاعتيادية. وفي حالة اكتشاف ثروة طبيعية مشتركة قابلة للاستخراج والاستثمار على طول خط الحدود بين البلدين بدءا من رصيف البحر تماما رأس المعوج شامي لمنفذ رديف قراد وحتى نقطة تقاطع خط عرض (19) شرقا مع خط طول (52) شمالا، فإن الطرفين المتعاقدين سوف يجريان المفاوضات اللازمة بينهما للاستغلال المشترك لتلك الثروة".
نصت معاهدة الطائف على تجديدها كل 20 سنة، أو إعادة النظر فيها برغبة الطرفين. وعندما مرت الفترة الأولى للمعاهدة في العام 1954 لم يتم تجديد الاتفاقية أو الاعتراض عليها، بسبب ضعف اليمن. وعندما مرت الفترة الثانية للاتفاقية، عام 1974، اغتيل في فترة تسعة أشهر رئيسان يمنيان، هما إبراهيم الحمدي وأحمد الغشمي، ودخل اليمن (شماله وجنوبه) في دوامة صراعات داخلية عطلت إمكانية (من الجانب اليمني على الأقل) بدء مفاوضات حولها. وهكذا عاشت المعاهدة بقوة الاستمرار.
وخلال نزاع السعودية مع ثورة 26 سبتمبر في الشمال، ودعمها للجانب الملكي بالمال والسلاح، طوال سبع سنوات (1962 1969)، أخذت السعودية تتوسع في الربع الخالي، وهي منطقة غير مرسّمة ولم تلحظها معاهدة الطائف وملاحقها. وبعد إعلان استقلال جنوب اليمن من الاستعمار البرياطني، في 1972، وقعت أول حرب يمنية جنوبية مع السعودية، عندما استولت السعودية على إقليمي الوديعة وشرورة اليمنيين.
وجراء التهامها لهذه الأراضي اليمنية؛ كانت السعودية تسعى إلى ترسيم الحدود مع اليمن بشكل نهائي؛ غير أنه كان هناك رفض شعبي يمني لذلك. في 1974، طلبت السعودية اعتماد الحدود نهائيا، ووافق وزير الخارجية اليمني آنذاك على الطلب؛ إلا أنه قوبل برفض شعبي وسياسي كذلك أدى إلى رفضه.
ولما أُعلنت الوحدة بين شطري اليمن، تضمن أول بيان لأول رئيس وزراء لليمن الموحد، وهو حيدر أبوبكر العطاس، الصادر في 20 يونيو 1990، إعلاناً واضحاً وصريحاً: "إن الجمهورية اليمنية الجديدة الموحدة على استعداد لحل قضايا الحدود كافة، براً وبحراً، مع جيرانها على أساس الحقوق التاريخية والقانون الدولي".
لما تمّت الوحدة اليمنية، وتلتها حرب الخليج الثانية، واتضح حجم المخزون النفطي في اليمن، ثارت المشكلة الحدودية من جديد، إثر الاتفاق على ترسيم الحدود نهائياً بين اليمن وسلطنة عمان في 1990، فقامت المحادثات بين الطرفين في صورة لجنة للخبراء الثنائية بدأت فى سبتمبر 1992، بعد أن جرت مشاورات ثنائية فى جنيف في يوليو 1992 وعقدت سبعة لقاءات بالتناوب بين الرياض وصنعاء.
وكان لا بد من مفاوضات جدية حول الحدود. وتألفت لجنة سعودية يمنية مشتركة من الخبراء للتفاوض من أجل التوصل إلى حل للمشكلة. واجتمعت اللجنة سبع مرات حتى بداية حرب الانفصال، ولم تسفر هذه الاجتماعات عن أي نتائج، بسبب تمسك السعودية بمعاهدة الطائف 1934، التي تقضي بمنح السعودية المناطق الثلاث: نجران وجيزان وعسير. كانت السعودية تريد اعترافاً رسمياً من اليمن، بترسيم الحدود بشكلها الحالي نهائياً، بحيث تبقى كل من نجران وجيزان وعسير تابعة للسعودية وفي وضع غير قابل للتراجع أو النقض. ونجحت في الحصول على ذلك في توقيع اتفاقية جدة، عام 2000، والتي أقرت الحدود بين البلدين بشكل نهائي.
كان الجانب اليمني قد اعتبر أن "معاهدة الطائف 1934 ملغاة منذ أيلول 1992، وهو يعارض تجديدها". وقدّم اليمن إلى الجانب السعودي، خلال اجتماع اللجنة في تعز في أغسطس 1993، مقترحات تتضمن البدء بالتفاوض على خط الحدود الذي لم تتضمنه معاهدة الطائف، والممتد شرقاً من نقطة جبل الثار حتى الحدود مع سلطنة عمان، على أن يترك موضوع خط الحدود الغربية، المنصوص عليه في معاهدة الطائف، والممتد من جزيرة الموَسّم على البحر الأحمر حتى جبل الثار شرقاً، إلى ما بعد الاتفاق على الحدود الشرقية، وهي الحدود مع سلطنة عمان.
والهدف اليمني من هذا الطرح هو عدم إعطاء السعودية اعترافاً نهائياً وشرعياً بالحدود الواقعة بين البلدين جنوب نجران. إلاّ أن الجانب السعودي تمسك بالمشروع الذي اقترحه عند بدء المفاوضات في سبتمبر 1992، وهو الإبقاء على معاهدة الطائف كما هي، إضافة إلى ترسيم حدود بحرية في البحر الأحمر غير منصوص عليها في المعاهدة.
في ديسمبر 1994، قالت اليمن إن السعودية "نفذت أعمالا تمس بسيادة اليمن على أراضيها باستحداث نقاط للمراقبة وشق عدد من الطرق فى عمق الأراضي اليمنية فى مناطق واقعة على الحدود تابعة لمحافظات صعدة وحضرموت والمهرة، فردت السعودية بأن تلك الاستحداثات قد جرت فى الأراضي السعودية، وأن ما قامت به هو شق طريق لخدمات القرى السعودية التي لا تصلها الطرق داخل حدودها بموجب معاهدة الطائف، وأن القوات اليمنية قامت بإطلاق النار وقتل أحد أفراد المعدات التي كانت تشق الطريق، وتجاوزت القوات اليمنية الحدود السعودية بعشرة كيلومترات".
حينها، أكد وزير الداخلية اليمني، العميد يحيى المتوكل، أن "قوات حرس حدود القبائل اليمنية اشتبكت مع قوات حرس الحدود السعودية على طول الحدود بين البلدين لمدة أربعة أيام، وقد تم الاتفاق بين وزيري داخلية البلدين على تشكيل لجنة لمعالجة آثار الحوادث الحدودية، كما جرى أيضا لقاءان بين الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، والأمير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي على هامش القمة الإسلامية التي عقدت بالمغرب في ديسمبر 1994".
و"وقع حادث حدودي آخر في المنطقة الجنوبية الشرقية (منطقة الخراخير) للحدود اليمنية السعودية؛ إذ عبرت دورية عسكرية سعودية الحدود إلى اليمن وهاجمت موقعا يمنيا، كما أن السعودية تحشد قواتها على الحدود مع اليمن، وأن الطائرات ومنصات إطلاق الصواريخ السعودية انتشرت على مقربة من محافظتي صعدة والمهرة على بعد 230 كم من صنعاء ووقعت عدة اشتباكات مسلحة بين البلدين، هذا في الوقت الذي أعلنت فيه السعودية أن قوات يمنية اجتازت الحدود واحتلت مركزا حدوديا سعوديا، وكان من المقرر أن تجرى محادثات بين الجانبين؛ ولكن هذا الحادث الحدودي أدى إلى تأجيل اللقاء بين الوفدين، وهنا تدخلت الوساطة من قبل بعض الأطراف العربية لتهيئة الجو لتلك المحادثات...".
وقد أسفرت الوساطات العربية، من قبل سوريا ومصر، "عن صدور بيان سعودي يمني مشترك جاء فيه أنه قد تم الاتفاق على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه وعدم اللجوء إلى استخدام القوة بينهما وتطلعهما إلى استئناف المحادثات الثنائية بينهما لحل مشاكل الحدود المعلقة وعزمهما على توفير الأجواء المناسبة لنجاح المفاوضات الثنائية وعودة علاقاتهما إلى طبيعتها بروح من التفاهم والأخوة وحسن الجوار وبما يكفل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".
وبعد مفاوضات، أعلن الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، أن بلاده "غير مستعدة للدخول في حرب مع أشقائها العرب، وأن اليمن يؤمن بالحوار لحل أي مشكلة سياسية أو حدودية، وأنه يقبل في إطار الحوار أن يكون أساس حل المشكلة هو اتفاقية الطائف كمنظومة متكاملة، وقد عرضنا على السعودية إنشاء لجنة عليا تتفاوض، فإن لم تتوصل لتسوية، نلجأ إلى التحكيم أو محكمة العدل الدولية". وأفضى الأمر إلى توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين تتكون من 11 مادة، نصت المادة الأولى منها على التالي: "يؤكد الطرفان تمسكهما بشرعية وإلزامية معاهدة الطائف الموقعة عام 1934 وملاحقها". وانطلاقاً من فرض الشروط السعودية، تم توقيع "معاهدة جدة" لترسيم الحدود بين البلدين، في 12/ 6/ 2000م، من قبل سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية، وعبد القادر باجمال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية اليمني. ونصت المادة الأولى من هذه المعاهدة على التالي: "يؤكد الجانبان المتعاهدان على إلزامية وشرعية معاهدة الطائف وملحقاتها، بما في ذلك تقارير الحدود الملحقة بها، كما يؤكدان التزامهما بمذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في 27/ رمضان / 1415ه". وورد في المادة الرابعة من "معاهدة جدة" ما نصه: "يؤكد الطرفان المتعاهدان التزامهما بالمادة الخامسة من معاهدة الطائف، وذلك فيما يتعلق بإخلاء أي موقع عسكري تقل مسافته عن خمسة كيلومترات على طول خط الحدود المرسم بناء على تقارير الحدود الملحقة بمعاهدة الطائف".
ووقع البلدان الملحق رقم (4) ل "معاهدة جدة"، واعتبر "جزءا لا يتجزأ من هذه المعاهدة"، وهو خصص لتنظيم "حقوق الرعي وتحديد تموضع القوات المسلحة على جانبي الجزء الثاني1 من خط الحدود بين البلدين المشار إليه في هذه المعاهدة واستغلال الثروات الطبيعية المشتركة على طول خط الحدود البرية الفاصل بين البلدين".
ونصت المادة (1) من هذا الملحق على التالي:
أ- تحدد منطقة الرعي على جانبي الجزء الثاني من خط الحدود المشار إليه في هذه المعاهدة بعشرين كيلومترا.
ب- يحق للرعاة من البلدين استخدام مناطق الرعي ومصادر المياه على جانبي هذا الجزء من خط الحدود استنادا إلى التقاليد والأعراف القبلية السائدة لمسافة لا تزيد عن عشرين كيلومترا.
ج- سوف يجري الطرفان المتعاقدان مشاورات سنوية لتحديد نقاط العبور لأغراض الرعي بناء على ظروف وفرص الرعي السائدة.
وجاء في المادة (2) من هذا الملحق ما نصه: "يعفى الرعاة من مواطني المملكة العربية السعودية ومواطني الجمهورية اليمنية من:
أ- نظام الإقامة والجوازات، وتصرف بطاقات مرور من السلطات المعنية التي ينتمي إليها هؤلاء الرعاة.
ب- الضرائب والرسوم على الأمتعة الشخصية والمواد الغذائية والسلع الاستهلاكية التي يحملونها معهم، وهذا لا يمنع أيا من الطرفين من فرض رسوم جمركية على الحيوانات والبضائع العابرة لغرض المتاجرة".
وقالت المادة (3) من هذا الملحق: "يحق لأي من الطرفين المتعاقدين وضع القيود والضوابط التي يرونها مناسبة لعدد السيارات العابرة مع الرعاة إلى أراضيه، وكذلك نوع وعدد الأسلحة النارية المسموح بحملها، شريطة أن يكون مرخصا لها من السلطات المختصة في البلدين مع تحديد هوية حاملها".
ونصت المادة (5) من هذا الملحق على: "لا يجوز لأي من الطرفين المتعاقدين حشد قواته المسلحة على مسافة تقل عن عشرين كيلومترا على جانبي الجزء الثاني من خط الحدود المشار إليه في هذه المعاهدة، ويقتصر نشاط أي طرف في كل جانب على تسيير دوريات أمن متنقلة بأسلحتها الاعتيادية". فيما نصت المادة (6) على: "في حالة اكتشاف ثروة طبيعية مشتركة قابلة للاستخراج والاستثمار على طول خط الحدود بين البلدين بدءا من رصيف البحر تماما رأس المعوج شامي لمنفذ رديف قراد وحتى نقطة تقاطع خط عرض (19) شرقا مع خط طول (52) شمالا فإن الطرفين المتعاقدين سوف يجريان المفاوضات اللازمة بينهما للاستغلال المشترك لتلك الثروة".
الهوامش:
1- عرفت المادة الثانية، فقرة (ب)، من معاهدة جدة، الجزء الثاني من ترسيم الحدود بالتالي: "هو ذلك الجزء من خط الحدود الذي لم يتم ترسيمه، فقد اتفق الطرفان المتعاهدان على ترسيم هذا الجزء بصورة ودية، ويبدأ هذا الجزء من جبل الثار المحددة إحداثياته أعلاه، وينتهي عند النسق الجغرافي لتقاطع خط عرض (19) شمالا مع خط طول (52) شرقا وتفصيلها بالإحداثيات الواردة في الملحق رقم (2)".
- نُشرت في صحيفة "الشارع" عدد اليوم
- الصورة التقطت صباح الجمعة الماضية وهي لبوابة رمزية وخلفها طقم عسكري سعودي على الحدود في منطقة "اليتمة" التابعة لمحافظة الجوف اليمنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.