شهدت اسعار مواد البناء والتشييد في دولة الامارات العربية المتحده تصاعدا مستمر خلال الاشهر القليلة الماضية بشكل ملفت ومفزع في نفس الوقت وهو ما ترك انعكاسات اقتصادية متباينة على العديد من الانشطة الاقتصادية خاصة تلك المرتبطة بقطاع التشييد والبناء مثل المقاولات والتجارة وقطاع العقارات . وتشير احصاءات مصرف الامارات الصناعي الحديثه الى ان اسعار الحديد على سبيل المثال ارتفعت بمعدل 100 بالمائه خلال عام واحد حيث ارتفع سعر طن الحديد من 1100 درهم في عام 2003 الى 2200 العام الحالي فيما ارتفعت اسعار الاسمنت بشكل مضطرد وبمعدل 30 بالمائه خلال عامي 2002 – 2003 وظلت اسعار الاسمنت في تصاعد مستمر حتى ارتفعت بمعدل 60 بالمائه خلال الفترة الماضية من العام الحالي 2004 مقارنة بما كان عليه الحال خلال نفس الفترة من العام الماضي 2003 . ويتوقع ان يصل سعر طن الاسمنت بنهاية العام الحالي الى 300 درهم مقابل 280 درهم حاليا . ويرى مصرف الامارات الصناعي ان هناك عوامل داخلية وخارجية وراء هذا الارتفاع المستمر لمواد البناء والتشييد فعلى المستوى المحلي بدأت الامارات في العاميين الماضيين بتنفيذ مشاريع ضخمه خاصة في امارتي دبيوابوظبي والتي تقدر تكاليفها بنحو 25 مليار درهم . اما على المستوى الخارجي فقد ارتفع الطلب العالمي على مواد البناء والتشييد بشكل ملحوظ وخصوصا في المدن الصينية التي تشهد عمليات بناء لم يسبق لها مثيل حيث تسعى الصين الى تطوير بنيتها الاساسية لجذب المزيد من رؤوس الاموال الاجنبية والتي تدفقت عليها في السنوات القليلة الماضية مستغلة تدني الاجور ورخص الايدي العاملة مما ادى الى تحقيق مستويات نمو عالية جدا في الصين تصل الى 9 بالمائه في المتوسط . ويرى مصرف الامارات الصناعي ان لحركة ارتفاع الاسعار هذه جوانب ايجابية وسلبية على اقتصاد دولة الامارات فمن ناحية اوجدت هذه التطورات حالة من الانتعاش لمصانع الاسمنت الاماراتية التسعه والتي تبلغ طاقتها الانتاجية 10 ملايين طن سنويا يتم تصدير نحو 10-15 بامائه منها للخارج وهو مايعني زيادة عائدات وارباح تلك المصانع وهو ما سينعكس ايجابا على حركة صادرات دولة الامارات من مواد بالبناء ، بالاضافة الى ذلك فان الاوضاع الحالية والتوقعات الخاصة بالطلب على مواد البناء تتيح امكانات حقيقية لتطوير صناعة تلك المواد داخل الامارات خاصة وان المواد الخام الاولية اللازمة للعديد من تلك الصناعات متوفرة داخل الدولة. وبالمقابل فانه هناك انعكاسات سلبية لهذه التطورات تتمثل في ارتفاع قيمة الواردات من هذه المواد وبالاخص الحديد والاخشاب وهو ما يعني زيادة قيمة فاتورة واردات الدولة ، وبالاضافة الى ذلك فان الارتفاع المفاجئ والكبير في اسعار مواد البناء اربك شركات المقاولات وعرضها لصعوبات جمه فالاسعار الحالية لاتقارن بالاسعار التي كانت سائده اثناء توقيع العقود مما ادى الى ارتفاع تكاليف المشاريع وفرض على البعض مراجعة حساباته من جديد خاصة وان عمليات المضاربة على اسعار مواد البناء ساهمت في حدوث زيادة غير مبرره تجاريا. وعلى المستوى الاقتصادي ككل فان ارتفاع الاسعار هذا سيؤدي الى زيادة معدلات التضخم فارتفاع تكاليف البناء سينتج عنه بدون شك ارتفاع الايجارات السكنية والتجارية ( وقد حدثت زيادات كبيره في الايجارات بالفعل خصوصا في ابوظبيودبي ) وبالتالي ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية بشكل عام . ويرى العديد من المراقبين ان التغييرات الاخيرة التي طرأت على صناعة مواد البناء والتشييد تتطلب من القطاع الخاص الاماراتي اعادة حساباته واعادة تقييم هذا القطاع الحيوي والخروج من التركيز على مشاريع لانتاج سلع معينة كالاسمنت والاحجار والبلاط والادوات الصحية والتوجه نحو اقامة المزيد من الصناعات التي تتلائم وطبيعة المستجدات بما في ذلك تلك المواد التي تتناسب وتوفير استهلاك الطاقة مع الاهتمام بتلبية احتياجات الاسواق المحلية والاقليمية والتي يتوقع ان تتسارع فيها معدلات النمو خلال السنوات القادمة حيث يتوقع ان ترتفع تكاليف المشاريع العمرانية التي ستنفذ في دولة الامارات خلال السنوات الخمس القادمه الى 200 مليار درهم (54.5 مليار دولار ) .