خلافاً لرأي الكثيرين ممن لا يجدون في شبابنا أنموذجاً منظماً أرى أنهم قادرون على تقديم أنموذج لا يقل عن الأنموذج التونسي والمصري بل يضيف عليهما خصوصياته التي اندثرت بفعل سياسة الأزمة الأخلاقية التي تبناها علي عبد الله صالح منذ ثلاثة عقود ، فهاهي هذه الخصوصيات المتأصلة تنفض عن غبارها اليوم ويستعد الشباب لإحيائها ، وماظواهر البلطجة وسواها إلا حتمية من الحتميات التي سنجدها في أي مجتمع فكيف إذا كانت السلطة تدفع لهم وتدفع بهم لمواجهة غير مجدية سوى إراقة مزيد من الدماء وسقوط مزيد من القتلى والجرحى الأمر الذي لا يٌسعف (الفوضى) المترنحة بل يُعجل بزوالها . تؤكد المعلومات الواردة من المناطق المركزية للتظاهر في هذه الأيام والمتمثلة بمدينة تعز بدرجة أساسية وعدنوصنعاء أن شيئاً من الطابع المؤسسي البسيط يتخذه الشباب وسيلة للحفاظ على ثورتهم من الفوضى ، غير أن هذا الطابع لايزال في حدوده الدنيا ، وتؤكد المعلومات الواردة من ساحة التغيير بصنعاء أن خلطاً لأوراق الاعتصام يعتمل ويبدو أنه بفعل فاعل وبشكل ممنهج لا عفوي وتلقائي فمنذ أن ركب المشترك موجة الثورة بالرغم من عدم قدرته على رفع شعارها بجرأة وبقوة حتى الآن والأمور تنحو منحىً تطويلياً لمسار الثورة بغية تأجيل وتعويم استحقاقاتها ، وثمة أنشطة مدروسة يقوم بها بعضهم تتجه صوب الإبقاء على الاعتصام على أنه فعالية مسرحية من فصول متوالية غير معروفة العدد وغير مأمولة النهاية ، إنه شيء خطير ، يتجلى في العاصمة صنعاء بصورة أساسية وفقاً لمركزيتها وأهميتها وحساسيتها المعروفة بوصفها مركز الحكم والحاكم . هذا الشيء لا يبدو ظاهراً في تعز التي تتسم فيها مظاهر الثورة والثوار الشباب بكثير من التنظيم وفقاً لما تمتاز به المدينة من إرث يؤهلها لذلك ، أما في عدن فكلنا نعلم أن وضعها مختلف جداً فالأسلوب المتبع هناك يتراوح بين القتل بأسلحة ثقيلة وخفيفة وبين الاعتقالات والتعذيب وفقاً أيضاً لما لهذه المدينة من خصوصيات تاريخية وسياسية وحقوقية فهي عاصمة الجنوب وعاصمة الدولة السابقة جمهورية اليمن الديمقراطية ، وبالرغم من ذلك يؤدي شباب عدن دوراً حضارياً لتلافي الانزلاق في أتون معارك جانبية لا شأن لها بشعار المرحلة ، غير أن إنزال شعار الانفصال وارتفاع شعار إسقاط النظام لم يُعفِ عدن المسالمة من العقاب بل تضاعفت العقوبة أكثر وأكثر عندما التحم مطلبها مع مطلب صنعاءوتعز وصعدة وبقية المحافظات ، واللافت أن مجزرة المعلا والقتل المتواصل في مديريات أخرى كالمنصورة وكريتر وخورمكسر وغيرها (وهي جرائم لن تسقط بالتقادم كما هي جرائم صعدة وحرف سفيان ) كشفت عن محاكاة دقيقة لتجربة القذافي في عدن والجنوب في مقابل محاكاة لمبارك في صنعاء ، أما في تعز فيبدو أن "مأسسة" الثورة تبدو أقوى في مقابل ما يحصل من "بعسسة" مقصودة هنا وهناك ، وعليه فإنه بالرغم من عدم قناعتي بأهمية أن يتحرك التعزيون إلى عدن للتعبير عن تضامنهم مع قتلى عدن في الوقت الراهن والالتفات إلى تفعيل ثورة تعز وبالتالي التحرك شمالاً صوب صنعاء لإسقاط النظام والإسهام عملياً في هذا الحدث التاريخي ، إلا أن القافلة التعزية الرمزية تحركت والأمن في تعز كان غبياً أكثر مما ينبغي وعبر عن غباء الأمن اليمني عامة حينما منع قافلة تعز المتضامنة مع عدن من الدخول فكشف عن عجزه من اختراق ثورة الشباب في تعز مما يدل على أنها تتمتع بطابع مؤسسي متماسك هذا من جهة ومن جهة أخرى كشف أيضاً عن أنه بات بوابة عبور للبلاطجة المجلوبين إلى عدن لشق الشعار وإحداث الفوضى فهو يسمح بدخول البلاطجة ويمنع دخول المتضامنين من شباب تعز الثائر والمتماسك والذي يلتحم اليوم مع شباب عدن في لوحة كادت بفعل سياسات السلطة ومنهجيتها المناطقية أن تضمحل وتتلاشى حد الانتهاء. وعليه فإن الرد المناسب لجميع أعمال "البعسسة" أياً كان مصدرها هو بتفعيل مأسسة الثورة الشبابية بما يعزز من مشاعر اليقظة ، ويتعين على الفيسبوكيين الشباب الذين أظهروا نضوجاً في الأعم الأغلب أن يكثفوا نشاطهم باتجاه تعميم التجارب المؤسسية الناجعة لكل تظاهرة ولكل مدينة حسب خصوصياتها بما يضمن استمرارها وتدفقها لا بقاءها في منطقة واحدة هامدة كما يريد "المبعسسون" . وكما أن على صنعاء التنبه للاختراقات التي تصبو إلى تمييع حركة الاعتصام ووضعه في حالة استرخاء فإن تعز - وهي تطرح أنموذجاً متقدماً في مأسسة الثورة – تقف أمام استحقاق وطني مختلف ، لاعلاقة له بالانخراط بمبادرات يُطلق عليها (وطنية) لحل خلاف مزعوم بين المؤتمر والمشترك فكيف يستقيم الظل والعود أعوج ؟! ، بل إن تعز مدعوة اليوم بعد محاكاتها لتجربتي تونس ومصر إلى محاكاة التجربة الليبية وتجربة المناطق الشرقية فيها وبنغازي خصوصا بحيث يكون الهدف المرحلي هو إسقاط المحافظة بيد الثوار وتشكيل مجلس انتقالي وليس حكومة –على الطريقة البنغازية- على اعتبار أن الهدف الاستراتيجي هو إسقاط صنعاء بوصفها عاصمة لليمنيين على الأقل الشماليين منهم ، أو لنقل بوصفها عاصمة للجمهورية اليمنية بالمسمى الراهن ، وبعد إسقاطها على هذا النحو ستحدث عملية تحريضية إيجابية حيث سيتوسع النموذج المؤسسي المطبق بتعز ليصبح أنموذجاً أكبر لثورة الشباب في عموم الوطن. [email protected] عن صحيفة اليقين الأسبوعية خلافاً لرأي الكثيرين ممن لا يجدون في شبابنا أنموذجاً منظماً أرى أنهم قادرون على تقديم أنموذج لا يقل عن الأنموذج التونسي والمصري بل يضيف عليهما خصوصياته التي اندثرت بفعل سياسة الأزمة الأخلاقية التي تبناها علي عبد الله صالح منذ ثلاثة عقود ، فهاهي هذه الخصوصيات المتأصلة تنفض عن غبارها اليوم ويستعد الشباب لإحيائها ، وماظواهر البلطجة وسواها إلا حتمية من الحتميات التي سنجدها في أي مجتمع فكيف إذا كانت السلطة تدفع لهم وتدفع بهم لمواجهة غير مجدية سوى إراقة مزيد من الدماء وسقوط مزيد من القتلى والجرحى الأمر الذي لا يٌسعف (الفوضى) المترنحة بل يُعجل بزوالها . تؤكد المعلومات الواردة من المناطق المركزية للتظاهر في هذه الأيام والمتمثلة بمدينة تعز بدرجة أساسية وعدنوصنعاء أن شيئاً من الطابع المؤسسي البسيط يتخذه الشباب وسيلة للحفاظ على ثورتهم من الفوضى ، غير أن هذا الطابع لايزال في حدوده الدنيا ، وتؤكد المعلومات الواردة من ساحة التغيير بصنعاء أن خلطاً لأوراق الاعتصام يعتمل ويبدو أنه بفعل فاعل وبشكل ممنهج لا عفوي وتلقائي فمنذ أن ركب المشترك موجة الثورة بالرغم من عدم قدرته على رفع شعارها بجرأة وبقوة حتى الآن والأمور تنحو منحىً تطويلياً لمسار الثورة بغية تأجيل وتعويم استحقاقاتها ، وثمة أنشطة مدروسة يقوم بها بعضهم تتجه صوب الإبقاء على الاعتصام على أنه فعالية مسرحية من فصول متوالية غير معروفة العدد وغير مأمولة النهاية ، إنه شيء خطير ، يتجلى في العاصمة صنعاء بصورة أساسية وفقاً لمركزيتها وأهميتها وحساسيتها المعروفة بوصفها مركز الحكم والحاكم . هذا الشيء لا يبدو ظاهراً في تعز التي تتسم فيها مظاهر الثورة والثوار الشباب بكثير من التنظيم وفقاً لما تمتاز به المدينة من إرث يؤهلها لذلك ، أما في عدن فكلنا نعلم أن وضعها مختلف جداً فالأسلوب المتبع هناك يتراوح بين القتل بأسلحة ثقيلة وخفيفة وبين الاعتقالات والتعذيب وفقاً أيضاً لما لهذه المدينة من خصوصيات تاريخية وسياسية وحقوقية فهي عاصمة الجنوب وعاصمة الدولة السابقة جمهورية اليمن الديمقراطية ، وبالرغم من ذلك يؤدي شباب عدن دوراً حضارياً لتلافي الانزلاق في أتون معارك جانبية لا شأن لها بشعار المرحلة ، غير أن إنزال شعار الانفصال وارتفاع شعار إسقاط النظام لم يُعفِ عدن المسالمة من العقاب بل تضاعفت العقوبة أكثر وأكثر عندما التحم مطلبها مع مطلب صنعاءوتعز وصعدة وبقية المحافظات ، واللافت أن مجزرة المعلا والقتل المتواصل في مديريات أخرى كالمنصورة وكريتر وخورمكسر وغيرها (وهي جرائم لن تسقط بالتقادم كما هي جرائم صعدة وحرف سفيان ) كشفت عن محاكاة دقيقة لتجربة القذافي في عدن والجنوب في مقابل محاكاة لمبارك في صنعاء ، أما في تعز فيبدو أن "مأسسة" الثورة تبدو أقوى في مقابل ما يحصل من "بعسسة" مقصودة هنا وهناك ، وعليه فإنه بالرغم من عدم قناعتي بأهمية أن يتحرك التعزيون إلى عدن للتعبير عن تضامنهم مع قتلى عدن في الوقت الراهن والالتفات إلى تفعيل ثورة تعز وبالتالي التحرك شمالاً صوب صنعاء لإسقاط النظام والإسهام عملياً في هذا الحدث التاريخي ، إلا أن القافلة التعزية الرمزية تحركت والأمن في تعز كان غبياً أكثر مما ينبغي وعبر عن غباء الأمن اليمني عامة حينما منع قافلة تعز المتضامنة مع عدن من الدخول فكشف عن عجزه من اختراق ثورة الشباب في تعز مما يدل على أنها تتمتع بطابع مؤسسي متماسك هذا من جهة ومن جهة أخرى كشف أيضاً عن أنه بات بوابة عبور للبلاطجة المجلوبين إلى عدن لشق الشعار وإحداث الفوضى فهو يسمح بدخول البلاطجة ويمنع دخول المتضامنين من شباب تعز الثائر والمتماسك والذي يلتحم اليوم مع شباب عدن في لوحة كادت بفعل سياسات السلطة ومنهجيتها المناطقية أن تضمحل وتتلاشى حد الانتهاء. وعليه فإن الرد المناسب لجميع أعمال "البعسسة" أياً كان مصدرها هو بتفعيل مأسسة الثورة الشبابية بما يعزز من مشاعر اليقظة ، ويتعين على الفيسبوكيين الشباب الذين أظهروا نضوجاً في الأعم الأغلب أن يكثفوا نشاطهم باتجاه تعميم التجارب المؤسسية الناجعة لكل تظاهرة ولكل مدينة حسب خصوصياتها بما يضمن استمرارها وتدفقها لا بقاءها في منطقة واحدة هامدة كما يريد "المبعسسون" . وكما أن على صنعاء التنبه للاختراقات التي تصبو إلى تمييع حركة الاعتصام ووضعه في حالة استرخاء فإن تعز - وهي تطرح أنموذجاً متقدماً في مأسسة الثورة – تقف أمام استحقاق وطني مختلف ، لاعلاقة له بالانخراط بمبادرات يُطلق عليها (وطنية) لحل خلاف مزعوم بين المؤتمر والمشترك فكيف يستقيم الظل والعود أعوج ؟! ، بل إن تعز مدعوة اليوم بعد محاكاتها لتجربتي تونس ومصر إلى محاكاة التجربة الليبية وتجربة المناطق الشرقية فيها وبنغازي خصوصا بحيث يكون الهدف المرحلي هو إسقاط المحافظة بيد الثوار وتشكيل مجلس انتقالي وليس حكومة –على الطريقة البنغازية- على اعتبار أن الهدف الاستراتيجي هو إسقاط صنعاء بوصفها عاصمة لليمنيين على الأقل الشماليين منهم ، أو لنقل بوصفها عاصمة للجمهورية اليمنية بالمسمى الراهن ، وبعد إسقاطها على هذا النحو ستحدث عملية تحريضية إيجابية حيث سيتوسع النموذج المؤسسي المطبق بتعز ليصبح أنموذجاً أكبر لثورة الشباب في عموم الوطن. [email protected] عن صحيفة اليقين الأسبوعية