دولة قطر من أصغر الدول العربية مساحة وأقلها عدداً من السكان، ولكن حباها الله بثروة هائلة من النفط والغاز الطبيعي سخرتها حكومتها لرخاء الشعب وصنع دولة لها حضور سياسي كبير، ودور فعال بالقرارات الدولية شاركت في اخماد الحرب الأهلية في السودان، وحل مشكلة تشكيل الحكومة اللبنانية، ومنعت بذلك حرباً أهلية كانت محتملة، وكانت أيضاً أولى الدول العربية التي أيدت سقوط النظام المصري استجابة لثورة الشباب السلمية ودعمتها حتى تحقق الهدف، وكان لها دور بارز في محاولة حل مشكلة نقل السلطة في اليمن، ولاتزال تسعى. وعندما قامت الثورة الليبية تصدت لرد العقيد القذافي من قتل الشعب الليبي، وشاركت دول العالم في تمويل وتسليح قوة لتحرير ليبيا من نظام ظالم حكمها لمدة 40 عاما، بل شاركت قواتها على الأرض الليبية مع اخوانهم الليبيين في هذه الحرب، وبينما تردد حكام العرب من اتخاذ موقف مما يحصل في سورية من أحداث دموية، دعت القيادة القطرية وجوب تحقيق مطالب الشعب السوري ووقف حمامات الدم، بل وزار أميرها إيران، الحليف القوي للحكومة السورية، ليقول من طهران ان على القيادة السورية الرحيل فوراً من السلطة بعد أن فشلت في تحقيق ما وعدت به من إصلاحات وأسرفت في استخدام القوة القصوى ضد العزّل من أبناء الشعب السوري. لقد أثبتت قطر أن الإعلام هو أشد الأسلحة تأثيراً في معارك اليوم، وأقلها كلفة لتحرير الشعوب ومن دون إراقة للدماء، فسخرت قناة «الجزيرة» لدعم ثورات الشعوب المطالبة بالحرية ضد حكامها الظلمة، ولم تستغلها لتلميع نظامها الحاكم أو تضليل الناس. لقد كانت قناة «الجزيرة» صوت قطر المسموع والمهيوب في كل أنحاء العالم،ما يجعلنا نتمنى أن يكون لنا في الكويت مثلها لتدافع عن حقوقنا وتشرح قضايانا للعالم بدلاً من إعلام القرن الماضي الذي يقتصر أخباره على غادر وعاد واستقبل وودع وصرح ونفى. أنا لا أزعم أن قطرالمدينة الفاضلة على الأرض، أو أن حكامها من أولياء الله الصالحين، بل أجزم أن دولة قطر بقيادتها الشابة المنفتحة على العالم تسير بخطى ثابتة لتكون دولة مؤثرة على الساحة العالمية يحسب لها الجميع حساباً.