بعد أيام حافلة بالأخبار حول ما يحدث بأرض الكنانة و الذى لاقى اهتماماً بالغاً في الإعلام و الأوساط اليمنية و النخب الثقافية والسياسية سرني جدا وانا اتابع القنوات اليمنية مسخرة بثها لنصرة الشعوب الشقيقة وهذا أمرٌ ليس بجديد فاليمن أهل نخوة و شهامة و غيرتهم تجاه ما يحدث في مصر ,هو جزء من سماتهم التي نشأوا عليها فهم ألين أفئدة و أرق قلوباً. صفحات التواصل الاجتماعي تنضح بالعاطفة الجياشة ذاتها من قبل صحفيين و حقوقيين و اعلاميين يهتفون بمشاعر صادقة و نبيلة حول الشأن المصرى مما يزيد المرء فخرا و اعتزازاً بأهل الحكمة اليمانية وهم يحملون على اكتافهم كل هموم الدنيا . وبعد هذا الصراع التكنولوجي كان علي ان اذهب بجولة في شوارعنا العتيقة كي التمس هموم الناس بعد ان بدأ لي ان وطننا أصبح نموذجا بحيث لم يبقى سوى مشاكل الاخرين كي نعالجها ، فوجدت الناس تذهب لأعمالها تعلو الابتسامة و الرضى تضاريس وجهوهم، كل واحد منهم يعلم ماله و ما عليه وأنه سيأخذ بقدر ما يعطى و بأن هناك من يقدر الكفاءات المثابرة في كافة حقول العمل ، الجندي في موقعه مرتدياً زيه المرتب من إنتاج مصنع الغزل و النسيج الوطنية واضحاً تباهيه بقبعته مبتسماً و هو يقوم بدوره في حراسة وطنة والدفاع عنه ، المدارس الحكومية جميلة جداً رغم تواضع امكاناتها، الطلاب و الطالبات و كأنهم أزهار تفوح بعبق المستقبل المشرق و كأنهم شموعاً تضئ المستقبل المنشود و المعلمون و المعلمات يقفون معهم لأداء النشيد الوطني صورة رائعة جمعتهم و كأنهم في محراب عبادة أضفت على روحي السكينة و الطمأنينة. صادفتنى في رحلتي إحدى المحاكم القضائية لكنها على غير العادة ليس من زحام و لا فوضى تجتاح أبوابها فاستغربت ! سألت أحدهم : هل هناك عطلة قضائية ؟ فأجاب : لا و لكن طاقم القضاة يعملون بجد في القضايا فلم تعد القضية تتعدى الفترة القانونية المتعارف عليها حتى قضية أمان والخطيب تم القصاص بالقتلة ، أدركت عندها سر النظام و السكون . ما إن غادرت المحكمة بقليل حتى شاهدت رجل المرور أستوقف سيارة و عليها مرافقين بدا انها لأحد المشائخ النافذين فطلب من السائق أوراقه بسبب تجاوزه للسرعة المسموح بها؟ كم أثلج صدري هذا الموقف وأدركتُ فعلا ان اليمن سعيداً بتطبيق القانون على الشيخ و المواطن البسيط على السواء. كان آخر من صادفته في جولتى الجميلة هو عامل النظافة ببدلته الجميلة حاملا ادوات النظافة و مرتديا القفازات و الخوذة لتقيه حرارة الشمس الحارقة ، بدا مسرورا و هو يجمع اكياس القمامة من البراميل المخصصة لها في كل مكان من الحى للحفاظ على النظافة العامة و المنظر الجميل لبلدنا . وما ان شارفت على الوصول إلى منزلى صادفت قطة سقطت من أعلى الجدار كسرت أحد ساقيها فلم تقوى على الحراك ، منظر آلمني وانا انظر القطة تتألم ، دقائق مر رجل بدا عليه مشاعر الحزن يهرول نحوها لينقذها يطلب رقم الاسعاف و ما هى الا دقائق حتى اتت سيارة الاسعاف لإنقاذها. آه كم أنتى جميلة يا بلادى الحبيبة فكل مافيك يبعث الفرحة و الطمأنينة من هنا ادركت سر انشغال ابناء بلدي بمشاكل العالم من حولهم فبلدهم اصبح نموذجا يحتذى به وان امامهم واجب لمساندة الدول الشقيقة لتحقيق أهدافها المنشودة في الحرية والتنمية وبناء الانسان .