أن تعد نفسك لتقبل حرب معلنة ضدك كمواطن فهذا أمر بديهي لأنك مجبرا على ذلك شرط الا تكرس حياتك القادمة لتجرع تباعاتها وتعيش حصارها المعلن من قبل العالم كله ، وتبقى محاصرا لمدة عامان متتاليان لا تسطيع الخروج الا تعسفا وهروبا وتحايلا ، هل جربت احساسك بأن العالم كله يقف ضدك ، جرب مرة أخرى أن تجد جواز مرورك لا يسمح لك بالمرور الا بتأشيرة لا تعلم من أين تحصل عليها، وأن الدول التي سمحت لك تشتعل نارا بأسعارها الخيالية ،ومن غير المستبعد أن تحاول وتفشل كثيرا باستثناء الذين عبروا الى السعودية بأوامر رئاسية أما الاخرون منهم من فلح ومنهم من عاد خائبا . كل هذا العذاب قد تجده أرحم من أن تكون عالقا في احدى المطارات العربية لأن الحرب اشتعلت وأنت ترافق مريضا لك أم أنت المريض الذي لم يجد مالا يعينه على البقاء في هذا البلد ، فتلعن أبو البلد الذي انت فيه ووطنك الذي باعك وخانك . وهل الوطن يتحدث ويفعل أم انه مفعول به معلول بكل معاني العلل ، بأيدي من فوضناهم ليحمونا ويحموا الوطن . من أين تأتي العافية والرأس مريض؟ وهل تتقبل حربا تشتعل في كل ركن من اركان بلدك ، إذا أين المفر؟ تأتيك طائفة تمد يدها لك لتحميك ولكنها وصلت اليك بعد سفك دماء الأبرياء فهل تصدقها ؟هل تستطيع ان تصدق حكومتك التي هربت ، واعتلت الفنادق وهيئتها لتدير وطنك المريض منها . من أين تستمد شرعيتك من الذين صوبوا صوبك المدفع أم من الذي هربوا لينجوا بأنفسهم خلف فنادق الخمسة نجوم . كيف لك ان تكون بطل الحرب الأولى في اليمن وانت تعلم ان هناك ابطال عدة . هل يحق لك كمواطن ان تكون انت البطل ، في تقديري الشخصي لمعاناتنا بأن البطل الحقيقي لهذه الحرب هو الشعب والمواطن . في تقديري الزائف بطل الحرب هو من أشعل أوراها وأيضا من هرب وولى المهمة لدول التحالف . وبين هذا وذاك ، جيل افرزته الحرب ، وثقافة انتجتها الحرب ، وابطال الفيد والمطبلين والمنافقين والكذابين والمهيصين والمزمجرين . وبين هذا وذاك ثلة الفاسدين والمتنفذين والمهرولين نحو مصالح شخصية رخيصة بقناع الوطنية الزائفة . لا تستغرب ان يأتي كاذب ويتصور امام دبابة ، ويقول انه بطل بينما البطل الحقيقي مبني للمجهول أو اراد ان يبقى في ذاكرة الناس كالجندي المجهول ، لذا لا تستغرب ان يكون ذلك البطل الزائف هو من سرق السلاح وقت انشغال الناس بما هو أهم . ولا تستغرب أن تنهض من ركام الحرب ثلة الغنى الفاحش ،في وقت يموت فيه الكثير من الأبرياء في المستشفيات من جرحى الحرب الحقيقيين . لا تستغرب ان يأتي بوق أي طرف من أطراف النزاع ليجمل هذا الطرف أو ذاك فالجميع في معركة من أجل البقاء من أجل فرض القوة والهيبة والوجود لذا برز المارثون المعد بعناية ،والمعركة الكلامية الليلية بأصوات المحللين والمفسبكين كلها تصب في خدمة الوطن. أجل كلهم يقولون ذلك . جميعهم دون استثناء يتصارعون لأجل عيون الوطن ، ويخطئون ويصيبون المورد المهم في هذا الوطن الذي يعولون عليه في كل شيء ابتدأ بالحرب على الأرض وانتهاءا بكسب مواليين لهم على الأرض ، المورد البشري الذي يستهلك في المعارك الطويلة الأجل . فماذا لو أن هذا المورد المهم خذلهم ، ونأى بنفسه كطرف في الصراع ، هل سينتصر احدهم ، ام أن المورد ذاته هو من يؤجل وقف الحرب بطاعته العمياء لأولياء نعمته .