صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاقل تفريخ التطرف الاسلامي في النمسا
نشر في سما يوم 12 - 02 - 2021


مقدمة
بدأت الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة باستشعار خطر تنظيم الإخوان المسلمين، ولاسيما مع تصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية المعادية التي تستهدف المدنيين، وأصبحت المواجهة أشدّ شراسة وأكثر حزمًا مع النمسا التي انتقلت من الحملات الأمنية المحدودة إلى اعتقال مشبوهين في العمليات الإرهابية، بعد هجوم فيينا في الثالث من نوفمبر 2020م، حين أقدم مسلحون على إطلاق النار من رشاشاتهم في ستة مواقع مختلفة وسط العاصمة النمساوية فيينا، مما أسفر عن 3 قتلى، و14 جريحًا. تسعى الحكومة النمساوية للتصدى لظاهرة التطرف ومكافحة الجماعات والشركات والجمعيات المتطرفة ووضعها تحت الرقابة، وتعتزم الحكومة النمساوية إقامة مركز جديد مهمته مراقبة المؤسسات والمنظمات المتطرفة في البلاد كخطوة لمكافحة الإسلام السياسي. التطرف الاسلامي في النمساء بفرعيه السلفي والاخواني يشكل تهديدا امنيا واجتماعيا، لكن خطر الاخوان المسلمين اكبر، كونهم اكثر تنظيما واوسع انتشارا واكثر نشاطا وفاعلية.
هذه المقالة تدرس خطورة الاسلام السياسي على النمساء والبلدان العربية، لا سيما خطر الاخوان المسلمين، الذين اتخذوا من النمساء قاعدة انطلاق لنشاطاتهم الارهابية في القارة الاوروبية مستغلين الموقع الجغرافي للنمسا، الذي يتوسط القارة الاوروبية. وعلاة على ذلك تستكشف المقالة شبكات الاخوان التي تشمل الشركات التجارية والجمعيات الخيرية والمساجد والمراكز الثقافية والاجتماعية والمؤسسات الاكاديمية، التي تشكل شبكة معقدة تستخدم لنشر التطرف في النمسا بشكل خاص والقارة الاوروبية بشكل عام. بالاضافة الى ذلك تركز المقالة على الرواد الذين اسسوا تنظيم الاخوان المسلمين في النمساء والشخصيات المؤثرة والنشطة، وتسعى الورقة الى تحليل بيئة الاخوان في النمساء من الناحية الايديولوجية وعلاقاتهم مع المؤسسات الحكومية والاحزاب وكيف استطاع الاخوان التغلغل في البلد من خلال تبني استراتيجية ذكية هي المرونة واظهار الولاء والمشاركة في الانتخابات والتظاهر في قبولهم الديمقراطية والحرية والقيم الاوروبية، بينما يعمل تنظيم الاخوان في الخفاء من اجل عزل المسلمين واعاقة الاندماج والسعي الى ايجاد مجتمع اسلامي مواز والعمل على تمكين النموذج الاسلامي بدلا من النموذج الاوربي.
نبذة عن الاسلام في النمسا
الإسلام في النمسا هو ثاني أكبر دين في البلاد، ويمارسه نسبة 8% من مجموع السكان وفقا لتقديرات 2016. الغالبية العظمى من المسلمين في النمسا ينتمون إلى المذهب السني وأقلية شيعية. معظم المسلمين جاءوا إلى النمسا خلال عقد الستينات كعمال مهاجرين من تركيا والبوسنة والهرسك. هناك أيضا مجتمعات عربية وأفغانية الأصل. عُرفت النمسا منذ وقت طويل بأنها واحدة من أكثر الدول انفتاحا واستيعابا للمسلمين وممارستهم لشعائرهم الدينية. وفي ظل "قانون الإسلام" لعام 1912، الذي يعود إلى عائلة هابسبورغ المالكة حينذاك، كانت النمسا واحدة من الدول الغربية المعدودة التي اعترفت قانونا بالإسلام دينا. في عام 1971 كان عدد المسلمين في الدولة المذكورة 22 ألف شخص فقط، وبلغ المؤشر المذكور في عام 2016، 700 ألف شخص. شهدت السنوات الاخيرة تحولا كبيرا في العلاقة بين المسلمين من جهة والحكومة النمساوية والاحزاب السياسية من جهة اخرى، فبسبب تصاعد العمليات الارهابية الاسلاموية في اوروبا والنمسا، وبسبب السلوك المتطرف من بعض السكان المسلمين مثل رفض الاندماج الاجتماعي والقبول بالثقافة الاوروبية ازدادت مخاوف السلطات النمساوية وباتت تشعر بالتهديدات الامنية والاجتماعية التي تقوض نمط الحياة الغربية. أفادت دراسة أعدها المركز النمساوي للدراسات السكانية انه مع حلول عام 2050، سيوجد تلميذ مسلم بين كل ثلاثة من تلاميذ المدارس النمساوية الذين تصل أعمارهم إلى ال 15 عاماً. وأشارت الدراسة السكانية إلى أن عدد المسلمين مقارنة بعدد النمساويين قد يتراوح ما بين 14 و26 % في منتصف القرن الحالي. بالنسبة للنمساووين، ليست المشكلة في زيادة عدد المسلمين وانما المشكلة تكمن في التطرف والارهاب والسلوك العنيف الذي يمارسه بعض المسلمين نتيجة للتربية الايديولوجية المتطرفة التي يكرسها تنظيم الاخوان المسلمين والسلفيين في البلاد. تلك الايديولوجية تمنع المسلمين من الاندماج في المجتمع النمساوي وتعزز الانفصالية الاسلاموية وتؤدي الى خلق كيان مواز داخل الدولة النمساوية، وهذا ما يثير مخاوف الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني الحر.
ما هي جماعة الاخوان المسلمين؟
الاخوان المسلمون واحدة من اقدم الجماعات الاسلامية الحديثة، وهي الاوسع انتشارا على مستوى العالم. مصطلح الاخوان المسلمين يطلق على المنظمة التي اسسها حسن البناء في مصر عام 1928م، ومنحها الشعار المعروف، الذي حمله اجيال من المسلمين " الاسلام هو الحل ". اعتبر البناء الإسلام نظامًا كاملاً وشاملاً ، يحكم جميع جوانب الحياة العامة والخاصة، على الرغم من أنه لم يتجنب العنف كأداة سياسية، دعا إلى أسلمة تدريجية من أسفل إلى أعلى للمجتمع ، بدءًا من إصلاح الأفراد، الذي سيؤدي في النهاية الى تشكيل مجتمع إسلامي بحت، وكنتيجة طبيعية سيتشكل الكيان الاسلامي المنشود. المنظمة التي انشأها البناء استقطبت على الفور دعما شعبيا في مصر لتصبح واحدة من اهم اللاعبين في الحياة السياسية المصرية خلال الثمانين عاما الماضية. منذ اربعينيات القرن الماضي امتدت رسالة الاخوان الى اكثر من 90 بلدا، (تقريبا جميع البلدان ذات الاغلبية المسلمة والعديد من البلدان التي يوجد فيها اقلية مسلمة).
اتخذت المنظمة اشكالا مختلفة في كل بلد تتكيف مع الظروف السياسية والمحلية، حيث تم التسامح معها في بعض بلدان الشرق الاوسط، فكانت تنشط في تلك البلدان في مجال الدعوة والانشطة التعليمية والخيرية والاجتماعية، اما في البلدان التي اضطهتدتها فقد كانت تنشط كحزب سياسي كما هو الحال في مصر وسوريا. في الغرب تبنت منظمة الاخوان اشكالا مألوفة محليا مثل مجموعات الحقوق المدنية والمنظمات الدينية والضغط. كل هذه الكيانات تعمل وفق رؤية مشتركة ولكن مع الاستقلال التشغيلي الكامل. يمكن لمصطلح الاخوان المسلمين ان يصف الكيانات الفردية التي تعمل في كل بلد بأنها حركة عالمية غير رسمية يتفاعل افرادها المتشابهون في التفكير من خلال شبكة دولية غير رسمية لكنها معقدة للغاية من العلاقات الشخصية والمالية والايديولوجية بشكل خاص. في مقابلة عام 2005 مع محمد عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين المصرية وصف المنظمة بأنها "حركة عالمية يتعاون أعضاؤها مع بعضهم البعض". في جميع أنحاء العالم، على أساس نفس الديانة والنظرة العالمية - انتشار الإسلام ، حتى يحكم العالم. على الرغم من الطابع غير الرسمي للحركة، الا ان الهيكل الدولي موجود. تأسست جماعة الاخوان على انها منظمة شاملة تعمل على اقامة دين الله في الارض، وتتألف من عدة مؤسسات دليل عام ومكتب ارشادي ومجلس شورى مكلف بأنشطة الفروع الاخرى المختلفة. المنظمة الدولية للاخوان تهدف الى صياغة استراتيجية موحدة للحركة تحكم في النزاعات الداخلية وتقسيم الاموال.
رواد الاخوان في النمسا
يعود وجود شبكات الإخوان المسلمين في النّمسا إلى سّتينيّات القرن الماضي، عندما هرب أعضاء بارزون من الفرع المصريّ لحركة الاخوان من قمع الرئيس جمال عبدالنّاصر بعد ان حاولوا اغتياله وفرّوا إلى النمسا. وكان كلّ من أحمد القاضي (الّذي سيلعب فيما بعد دوراً حاسماً في تأسيس وجود الإخوان في الولايات المتّحدة) ويوسف ندا أبرز عضوين في النّمسا.
يوسف ندا: العرّاب
انضمّ ندا، وهو سليل عائلة ثرية من الإسكندرية، إلى جماعة الإخوان مُرَاهِقاً وفي عمر الثّالثة والعشرين، كان من بين آلاف الإخوان الّذين سجنهم عبد النّاصر، وبعدما قضى عامين في السّجن، غادر مصر ولم يعد إليها مجدّداً، وبعد هروبه بصعوبة من انقلاب عام 1969 في ليبيا، استقرّ في النّمسا وأسّس شركة ألبان مُرْبِحة. وبينما يبني إمبراطوريّة ماليّة تقدّر بملايين الدّولارات بين الشّرق الأوسط وأوروبا، ظلّ منخرِطاً في تَقَلّبات الإخوان المسلمين. وفي السّبعينيّات، كلّفه المرشد عمر التّلمسانيّ بدور رئيس العلاقات الخارجيّة للإخوان. ومن خلال استخدام علاقاته رفيعة المستوى الّتي كوّنها من خلال نشاطاته التّجارية وجواز سفره الإيطاليّ الّذي مكّنه من السّفر دون قيود، تنقّل ندا عبر العالم لتمثيل مصالح جماعة الإخوان في لقاءات مع العديد من قادة العالم الإسلاميّ، من زعماء الحركات الإسلاميّة إلى رؤساء الدّول. وقد وُصَفَ كثيرون، بما في ذلك ندا نفسه، قَصْره العِمْلاق في كامبيوني ديتاليا، وهي مقاطعة إيطاليّة راقية في الأراضي السّويسرية، بأنّه بمَثابة وزارة الخارجيّة غير الرّسميّة للإخوان. وأدّت مهارات ندا باعتباره رجل أعمال إلى لعب دور رئيس في الجّوانب الماليّة لعمليّة تأسيس جماعة الإخوان في الغرب. أمْضى ندا وقتاً محدوداً فقط في النّمسا، ولكن هذا الوقت كان كافياً لتكوين جنين لوجود جماعة الإخوان في البلاد، وإقامة صِلة من شأنها أن تكون حاسمة في تطوّر الإخوان في النّمسا.
سعيد رمضان
منذ أواخر خمسينيّات القرن العشرين، جذبت ميونخ المدينة البافاريّة مجموعة صغيرة من نشطاء جماعة الإخوان المصريّة بقيادة سعيد رمضان، السكرتير الشّخصيّ لحسن البنا وزوج ابنته. كان رمضان من أوائل، وربّما أبرز روّاد الجّماعة في أوروبا؛ حيث أنشأ شبكة من المساجد والكيانات المرتبطة بالحركة. وقد تطوّرت إحدى هذه الشبكات في ميونخ؛ حيث اتّصلت مجموعة من الطّلّاب العرب برمضان طلباً للمساعدة في بناء مسجد. وأصبحت لجنة بناء المسجد، وهي الهيئة الّتي تجمع الأموال من أجل البِنَايَة الجديدة، محور الصّراع بين الطّلّاب العرب ومجموعة من المسلمين الّذين بقوا في ميونخ بعد القِتَال إلى جانب النّازيّين في الحرب العالميّة الثّانية. فقد تبنّى الجّنود السّابقون، وأصولهم تعود إلى وسط آسيا والقوقاز، تفسيراً للإسلام تصادَمَ مع الرؤى الأكثر تشدّداً للعرب. وبحلول عام 1960، قام رمضان، بتأمين منصبه رئيساً للّجنة؛ وعندما جرى الانتهاء من المسجد في عام 1973، كانت جماعة الإخوان، بفضل مواردها الماليّة وتَصْمِيمها وتنظِيمها، قد تفوّقت بالكامل على محاولات النفوذ الأخرى على المسجد . أصبحت لجنة بناء المسجد، الّتي يهيمن عليها الإخوان، منظّمة دائمة، وغيّرت اسمها لاحقاً إلى الجّمعيّة الإسلاميّة بألمانيا. وقد ترأّس رمضان المنظّمة لمدّة عشرة أعوام، متنازِلًا عن الدّور الإداريّ للباكستانيّ فضل يزداني، وهو أحد الطلاب الّذين كانوا قد اتّصلوا في الأصل برمضان، وبعد يزداني، تولّى غالب همّت، وهو سوريّ المَولِد، رئاسة الجمعيّة، وسرعان ما أصبحت ميونخ مَقَرًّا آخر للإخوان المسلمين في أوروبا الى جانب فيينا. وخلال شهر رمضان وغيره من المُناسبات الإسلاميّة، سيصبح المسجد مَوْطِناً لأعضاء الإخوان والمتعاطفين معهم في كافّة أنحاء أوروبا. وفي الواقع، أمْضَى ثلاثة من المرشدين السّبعة لجماعة الإخوان المصريّة وقتاً مُعبّراً في هذه المدينة الألمانيّة. وفي ميونخ التقى غالب همّت ويوسف ندا، وهو الّلقاء الّذي شكّل بداية تضامُن سياسيّ وماليّ بين الرّجلين استمرّ لأكثر من أربعين عاماً وشكّل تطوّر الإخوان في الغرب.
أحمد محمود الإبياريّ
وفي حين أنشأ كلّ من القاضي وندا التّجمع الأوّل لإخوان مصر في النّمسا، فإنّ أعضاء آخرين من الإخوان المصريّين البارزين أمضوا أيضاً بعض الوقت في النّمسا. أحد هؤلاء الأعضاء هو أحمد محمود الإبياريّ، الّذي أقام لفترة طويلة في فيينا وحصل على الجّنسيّة النّمساويّة. وهو يعيش حالياً في لندن؛ حيث يعمل كواحد من كِبار الأعضاء فيما يعدّ تقليديّاً مقرّ جماعة الإخوان المصريّة خارج مصر (وهو الدّور الّذي ازداد أهميّة بعد الإطاحة بمحمد مرسي). إنّ دوره الحاسم في التّجمّع الإخوانيّ في لندن لا تؤكّده فقط المقابلات الشّخصيّة الّتي أجراها أحد الباحثين مع قادة آخرين كِبار من الإخوان، ولكن أيضاً سجلّات الشّركات الّتي تكشِف الانخراط المباشِر للإبياريّ في العديد من شركات الإخوان المقيّدة لدى المقرّ الرّسميّ لجماعة الإخوان في لندن (فهو مُدرَج باعتباره مديراً لشركة Nile Valley Trust وشركة Alamat Media Services وتُقيّد كلتا الشركتين في 113 كريكلوود برودواي، لندن).
وتكشِف سجلّات الشّركات البريطانيّة عن روابط نمساوية أكثر لفتاً للنّظر؛ فأحد أبناء الإبياريّ، عبد الرحمن (وهو أيضاً مواطن نمساويّ)، مقيّد كمدير لشركة Alamat Media Services. وفي السّجلات الخاصّة بشركة Nile Valley Trust، نجد في منصب المدير اسم امرأة لديها صِلات نمساوية تسمّى عيد خليفة، وهي أرملة عبد العزيز خليفة، وهو عضو في جماعة الإخوان المصريّة عاش لفترة طويلة في فيينا، وصديق ليوسف ندا، وتُظهِر سجلّات الشّركات النّمساويّة أنّ عيد خليفة وبعض أقاربها يعملون في شركات أخرى مقرّها في فيينا. وتُسلّط بعض علاقات عيد خليفة وزوجها الرّاحل الضّوء على بعض الرّوابط المثيرة للاهتمام. فالهاتف الشّخصيّ لندا، الّذي جرى الاستيلاء عليه من قِبل السّلطات السّويسريّة خلال حَمْلَة على منزله في عام 2001، يحوي خانَة تُشير إلى "عبد العزيز خليفة، فيينا" مع الأرقام التّالية: 4705858 و4705866 و4402729، وقبلها كود النّمسا: 00431. ورقم الهاتف الأوّل هو أيضاً رقم الاتصال الخاصّ بجمعيّة الرّابطة الثّقافيّة Liga Kultur Verein كما يظهر في وثيقة نشرتها فيدراليّة المنظّمات الإسلاميّة في أوروبا FIOE، وهي عبارة عن منظّمة تغطّي عموم أوروبا وتعمل بمَثابة مِظَلّة للكيانات المتأثّرة بالإخوان. وكما سيظهر لاحقاً، فإنّ جمعيّة الرّابطة الثّقافيّة هي واحدة من المنظّمات الرئيسة المرتبطة بالإخوان في النّمسا. في حين اتّخذ كلّ من الإبياريّ وخليفة من فيينا مقرّاً لهما، فإنّ أهم مجموعة من الإخوان المصريّين كانت تنطلق تقليديّاً من مدينة غراز (جنوب النّمسا). ويمكن القول إنّ أبرز إخوانيّ مصريّ يقيم في غراز، في الأعوام الأخيرة، هو أيمن عليّ. وقد جرى تفصيل مسيرة عليّ المهنيّة في جماعة الإخوان، وكذلك أنشطته في النّمسا وحول العالم، في قضيّة قانونيّة بالِغة شقّت طريقها إلى محكمة الاستئناف الفيدراليّة. وإبّان القضيّة، تعارك عليّ وأسرته مع الحكومة للحصول على الجّنسيّة النّمساويّة. والوثائق النّاجِمة عن هذه القضيّة مثيرة للاهتمام ليس فقط لأنّها تقدّم الخطوط العريضة لأنشطة عليّ وكيانات مختلفة مرتبطة بجماعة الإخوان في النّمسا، بل لأنّها تشتمل أيضًا على التّقييم الّذي أجرته المؤسّسة الأمنيّة النّمساويّة للوَسَط المذكور.
أيمن عليّ
ولِدَ عليّ في القاهرة، في عام 1966، ودرسَ الطّب في العاصمة المصريّة. وإبّان الحرب البوسنيّة، نَشِطَ في العمل الإنسانيّ، حيث عمل مديراً ل "الوكالة الطيبة الدّوليّة للمساعدات الإنسانيّة" الّتي تتّخذ من ألبانيا مقرّاً لها. وفي عام 2004، وضعت الحكومة الأميركيّة فرع الوكالة الطيبة في البوسنة على قائمة المنظّمات الإرهابيّة؛ وفي الوقت نفسه، داهمت السّلطات المحليّة في ألبانيا الفرع المحليّ للوكالة ثمّ أغلقته. وذكر تقرير للشّرطة الألمانيّة له صِلة بالتّحقيق أنّ "مجموعة الحسابات والتدفّقات الماليّة والأشخاص تُشير إلى أنّ حسابات إبراهيم الزيات وأيمن سيّد أحمد عليّ في ألمانيا قد جرى استخدامها في تنفيذ أنشطة إسلاميّة أصوليّة في أوروبا". وبعد مغادرة عليّ لألبانيا، استقرّ مع عائلته في مدينة بون، في غرب ألمانيا، ثمّ في غراز، حيث اشترى منزلاً وأصبح إماماً لمسجد النّور (وهو المسجد الرّئيس للجمعيّة الثّقافيّة Liga Kultur Verein ومركز تجمّع الإخوان المصريّين المحليّين). كما أنشأ شركة، SAGT General Trading GmbH، وهي تعمل بشكل رسميّ في استيراد وتصدير الأخشاب والمعادن. ومع ذلك، اشتبهت السّلطات النّمساوية في أنّ الشّركة كانت مجرّد واجِهة تُستَخدم للتّحايل على مؤسّسات الهجرة النّمساوية (بما أنّ عليّ قد حصل على تأشيرته النّمساويّة من خلال عمله كموظّف في تلك الشركة) وقوانين غسيل الأموال (وهي الاتّهامات الّتي أنكرتها زوجته، وقد كانت بدورها مديرة عامّة للشّركة، خلال المحاكمة). وبينما كانت زوجته تُسيّر مجموعات دراسيّة نسائيّة، كان أولاده يشاركون في أنشطة مختلفة لمنظّمات محليّة ضمن الوسَطَ الإخوانيّ. على أنّ انخراط عليّ في المشهد النّمساويّ لم يمنعه من العمل على مستوى دوليّ. فقد عَمِل نائِباً للأمين العام لفيدراليّة المنظّمات الإسلاميّة في أوروبا، وهي منظّمة في عموم أوروبا تُعتَبر مِظَلّة للإخوان في الغرب، وكان نَشِطاً بشكل خاصّ في توسيع أنشطتها في أوروبا الشّرقيّة. لكن وصل موقع عليّ باعتباره واحدًا من أكثر النّاشطين ذوي الخبرة والمستوى الرّفيع في كلّ من شبكات الإخوان النّمساويّة والأوروبيّة إلى نهاية مفاجئة في عام 2012. في ذلك العام، حقّق الفرع المصريّ لجماعة الإخوان نجاحات انتخابيّة متعدّدة، ممّا دفع العديد من نشطاء جماعة الإخوان المصريّين الموجودين في أوروبا إلى العودة إلى بلدهم الأصليّ. وفي برهنة واضحة على مكانة عليّ البارزة داخل بين إخوان مصر، وهي المكانة الّتي ظلّ يحتفظ بها حتّى أثناء وجوده بعيدًا البلاد، حصل على منصب كبير مستشاري الرّئيس المنتخب حديثًا، محمد مرسي. لكن انتهت خدمة عليّ في هذا الموقع في صيف عام 2013، مع الإطاحة بحكومة مرسي واعتقال عليّ في وقت لاحق. وأهميّة النّمسا تكمن في عمليّة بناء الشّبكة الأوروبيّة لجماعة الإخوان المصريّة، في أيّامها المبكّرة، تؤكّدها حقيقة أنّه خلال السّبعينيّات والثّمانينيّات، جرى في فيينا نشر المجلّة الرئيسة للمنظّمة في الغرب، التي سميت "الدّعوة في أوروبا".
أنس شقفة
لم يكن الفرع المصريّ هو الفرع ذو الصّبغة القوميّة الوحيد الّذي يمتلك وجودًا كبيرًا في النّمسا - فقد عمل الإخوان السّوريون على نطاق واسع داخل البلاد. ومنذ سّبعينيّات العشرين، استقرّ العديد من نشطاء جماعة الإخوان السّوريّين في العاصمة وأسّسوا مجموعة واسعة من المنظّمات والشركات. وعلى عكس المصريّين، الّذين استقرّ معظمهم في مدينة غراز وركّزوا بشكل كبير على الأنشطة المصريّة أو الدّوليّة عِوضًا عن الوضع في النّمسا، أسّس الإخوان السوريّون مركز ثقلهم في فيينا وأقاموا روابط قويّة مع النُخَب النّمساويّة، ليصبحوا شركاء موثوقين في مختلف المبادرات المتعلّقة بإدارة الإسلام في البلاد. وبعمل ذلك، استفادوا من حقيقة اعتراف النّمسا، الّذي يعود لفترة طويلة، بالإسلام كدين رسميّ، وسماح نظامها القانونيّ بمختلف أشكال الشّراكة بين الدّولة والمجتمعات الدّينيّة.
يمكن القول إنّ أنس شقفة هو رائد جماعة الإخوان السّوريّة في النّمسا. وكانت أولى مغامرات شقفة داخل المنظّمات الإسلاميّة النّمساويّة مع منظّمة الخدمة الاجتماعيّة الإسلاميّة Moslemischer Sozialdienst، وهي منظّمة بدأت عملها في أوائل سّتينيّات القرن الماضي على يد غالب همّت، النّاشط الإخوانيّ السّوريّ الّذي قاد الجماعة الإسلاميّة الألمانيّة Islamische Gemeinschaft Deutschland في ميونيخ وأصبح لاحقاً شريكًا تجاريّاً ليوسف ندا. وفي عام 196، شارك شقفة أيضاً في تأسيس اتّحاد الطّلّاب المسلمين Moslemische Studentenunion، الّذي أصبح من خلاله أميناً عامّاً وفي وقت لاحق رئيساً. ويُعدّ كلّ من اتّحاد الطّلّاب المسلمين والخدمة الاجتماعيّة الإسلاميّة من بين المنظّمات الإسلاميّة الأولى في النّمسا، ويُبرزان أيضاً ميل الإخوان السّوريّين في النّمسا إلى لعب دور مزدوج. فلم يقتصر الأمر على دعمهم لإخوانهم في بلدهم الأصليّ فحسب، مثل الإخوان المصريّين، بل حاولوا أيضاً تشكيل وتمثيل المجتمع الإسلاميّ الناشئ في بلد الّلجوء. تاريخيّاً، كان المصريّون والسّوريّون أكثر فروع الإخوان نشاطاً في النّمسا؛ ومع ذلك، شهدت البلاد وجود نشطاء من فروع أخرى للحركة ومن بلدان مغايرة. على سبيل المثال، اتّخذ العديد من الأفراد المرتبطين مباشرة بشكل أو بآخر بحركة حماس، الفرع الفلسطينيّ الرسميّ لجماعة الإخوان المسلمين، من النّمسا موطناً لهم.
النّمسا وجهة مفضّلة للإخوان المسلمين
لقد استخدم روّاد إخوانيّون، من العديد من الفروع المختلفة، النّمسا باعتبارها قاعدة ملائمة لانطلاق عمليّاتهم. وبما أنّهم كانوا قد تجنّبوا في هذا البلد الجديد الاضطّهاد الشّديد الّذي واجهوه في بلدانهم الأصليّة، فقد قاموا بِنَسْخ بعض الهياكل الإخوانيّة التّقليديّة (مثل "الأسرة"، وهي الوحدة الأساسيّة داخل البناء الإخوانيّ)، وجنّدوا أعضاء جدد، وقدّموا أشكالًا مختلفة من الدّعم السّياسيّ والماديّ والماليّ للمنظّمة الأم في بلدانهم الأصليّة. وسعى بعضهم أيضاً نحو توسيع التّركيز على مختلف الأنشطة ذات الصلة بالإسلام في النّمسا أو في أوروبا. وكانت بعض أنشطتهم علانيّة، وبعضها الآخر ظلّ سريّاً. وفي بعض الحالات، عرّفوا أنفسهم صراحة بأنّهم أعضاء في جماعة الإخوان، وفي حالات أخرى أخفوا وأنكروا ذلك. ويميل كلّ فرع إلى العمل بشكل منفصل، ولكن مع مرور الوقت، تتلاشى الفروق القائمة على بلدان المنشأ تدريجيّاً. وتجمع بعض القضايا والأنشطة بين كافّة نشطاء الإخوان في النّمسا، بغض النظر عن بلدانهم الأصليّة. وهذا هو الحال، على سبيل المثال، مع العديد من المبادرات المؤيّدة لفلسطين، و، في الآونة الأخيرة، مع الجهود الرّامية إلى معارضة الإطاحة بنظام مرسي (على سبيل المثال ، فإنّ مجلس تنسيق الجالية المصرية في النّمسا يميل لتوحيد نشطاء الإخوان بغض النّظر عن أصولهم المختلفة).
ولا تنفرد النّمسا بهذه الدّيناميكيّات، حيث شهدت العديد من دول أوروبا الغربيّة استقراراً لنشطاء الإخوان، وإن كان ذلك بكثافة ومسارات متفاوتة. لكن لا شك أنّ النّمسا تمثّل إحدى الدّول الأوروبيّة الّتي شعر فيها، وفقاً لأعضاء الإخوان أنفسهم، بأنّهم قد وجدوا بيئة مواتية بشكل خاص . وتُسهِم عدّة عناصر متداخلة في هذا التّقْييم. أولاً، يمتلك البلد تقليداً ثابتاً من سياسات الّلجوء السّخيّة، الّتي أُعطِيَت لأعضاء مختلف فروع الإخوان الفارّين من الاضطّهاد في بلدانهم الأصليّة. ثانياً، تبنّت السّلطات النّمساوية تقليديّاً سياسة "دعه يعمل عندما يتعلّق الأمر بالمنظّمات المتطرّفة الأجنبيّة، مما أتاح لهذه المنظّمات القيام بأنشطتها دون أي عائق تقريباً ما لم تشكّل تهديداً أمنيّاً مباشراً للنّمسا (وهو ما لا يطرحه الإخوان كما يُزعَم). كذلك، تُسهِم عناصر إضافيّة في اعتبار النّمسا "وجهة مفضّلة" لنشطاء الإخوان المسلمين. ومن بينها الموقع الاستراتيجيّ للبلد في قلب أوروبا، مما يجعله نقطة وسطى مثاليّة بين الشّرق والغرب. كذلك، تُعدّ النّمسا من البلدان المتسامحة والمنفتحة، ومدنها تحتضن ثقافات متعدّدة، كما أنّها بيئة جاذبة للاستثمارات؛ وقد سمحت هذه العوامل بنمو مجتمع أعمال (بيزنس) شرق أوسطيّ يضمّ أعضاء في جماعة الإخوان أو أفراداً مقرّبين منهم. وأخيرًا، فإنّ حقيقة أنّ نشطاء الإخوان قد طوّروا تدريجيّاً صِلات وثيقة ببعض القوى والمؤسّسات السّياسيّة النّمساوية تعدّ عاملاً مهمّاً في تفسير سبب شعور الحركة تاريخيّاً بالرّاحة في هذا البلد.
المنظمات و الجمعيات المتطرفة في النمسا
الهيئة الدينية الإسلامية فى النمسا : يعد أنس الشقفة أحد أبرز قياداتها، أنتخب رئيسا ل الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في فيينا، و التي تخدم مقاطعات: فيينا و النمسا المنخفضة و بورغنلاند، وطالبت دائرة الرقابة المالية النمساوية الإتحادية إلى طلب فحص السجلات المالية للهيئة وهى المرة الأولى التى تقوم فيها هذه الدائرة التى يطلق عليها ريشنونكهوف لإتخاذ مثل هذا الأجراء نحو هيئة دينية فى النمسا. تتألف من 4 هيئات جهوية هن: الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في فيينا وتخدم مقاطعات فيينا و النمسا المنخفضة و بورغنلاند، الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في لينز تخدم مقاطعات والنمسا العليا و سالزبورغو، الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في بريغنز تخدم مقاطعات وتيرول وفورألبرغو، الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في جراتس تخدم مقاطعات وشتايرمارك وكيرنتنو.
أكاديميّة التّربيّة الدّينيّة الإسلاميّة: ترتبط الأكاديميّة بالعديد من الرّوابط مع تنظيم الإخوان المسلمين ومن أبرز القيادات أمينة الزّيّات التى تولت في منصب مدير أكاديميّة التّربيّة الدّينيّة الإسلاميّة.
منظمة الشباب النمساوي المسلم: تعد التركية دودو كوتشكجول أحد أهم كوادرها ، وقادت حملة اعلامية قوية ضد تعديل قانون الاسلام في النمسا، وهى على صلة قوية بشخصيات إخوانية وتحت تأثير جماعة الإخوان المسلمين. قاومت المنظمة بشدة أي محاولات لتعديل قانون وتمويل المنظمات الإسلامية.
جمعية المللي جروس: وهي هيئة إسلامية تركية ،وتعني بالتركية الرؤية الوطنية لها عدة فروع فى أوروبا يتواجد مقرها الرئيسي في كولون الألمانية، تعمل بثلاثة ثوابت أولها أمرهم شورى وادع إلى سبيل ربك بالحكمة، وجعلناكم شعوبا وقبائل للتتعارفوا.
الجمعية الدينية العربية: تُدير ستة من المساجد التي شملها قرار حكومى لإغلاقها، (3) منها في فيينا و(2) في إقليم النمسا العليا وواحد في كارينثيا وفقا ل BBC فى 10 يوليو 2018 .
مجمع الاسلامي للحضارات: يتعاون مع الاتحاد الاسلامي التركي المللى جروس ولهم مساجد يعترف بها رسميا لدى الهيئة الإسلامية الرسمية وتوزع منشورات السلفى الألمانى المتطرف بيير فوجل، ولديه (10)ائمة يقف على مقربة من افكار الاخوان المسلمين،وساهم الأئمة الأتراك فى كانوا ينفذون أجندة تركية النمسا وهو ما أدخل الكثير من الأفكار المتشددة إلى المجتمع النمساوى نمو تيارات الغلو والتطرف وتسبب فى خروج.
الجمعيّة الإسلاميّة الثّقافيّة في النّمسا
في الإطار النّمساويّ، تمثّل الجمعيّة الإسلاميّة الثّقافيّة المثال التّام على منظّمة، بالرّغم من عدم كونها "إخوانيّة محضة"، يمكن القول إنّها تنتمي إلى الفِئة الثّانية الّتي جرى تحديدها في المخطّط العام لِما يمكن اعتباره انبثاقا إخوانيّاً. تحظى الجمعيّة، الّتي تأسّست في عام 1998، بفرعين رئيسين في كلّ من فيينا وغراز. وتشير وسائل الإعلام النّمساوية والسّياسيّون والمعلّقون على حدّ سواء إليها باعتبارها "منظّمة إخوانيّة"، أو "قريبة من الإخوان"، أو لديها مضمونات أخرى مماثلة. وفي وثائق متعلّقة بقضيّة أيمن عليّ، قام المكتب الفيدراليّ لحماية الدّستور صراحة بوصف الجّمعية بأنّها "منظّمة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين". وكثيراً ما سينفي قادتها هذه الاتّهامات، لكن في بعض الحالات سيقومون بتعريف المؤسّسة بتعبيرات لها فارق دقيق لا يكاد يدرك. على سبيل المثال، صرّح كمال محمود، وهو مسؤول في الجمعيّة الإسلاميّة الثّقافيّة ويتّخذ من غراز مقرّاً له، بأنّ الجمعيّة "تحافظ فقط على فكرة الإخوان المسلمين". وإذا لم تكن الجمعيّة منظّمة "إخوانيّة محضة"، ومُدرَجة رسميّاً في بنية أيّ فرع يضمّ مجموعة من الإخوان على أساس موطنهم الأصليّ، فإنّه من الواضح أيضاً أنّ المنظّمة تمتلك صِلات شخصيّة وتنظيميّة وماليّة وأيديولوجيّة واسعة النّطاق مع مختلف شبكات الإخوان المسلمين العالميّة. وبالتّالي، إذا جرى تطبيق تسمية "الإخوان المسلمين" باستخدام النّهج غير الرسميّ الموصوف أعلاه، فإنّ الجمعيّة الإسلاميّة الثقافيّة في النّمسا تكون بشكل جوهريّ انبثاقاً إخوانيّاً.
ارتباطات مشبوهة ومنظّمات داعمة للإرهاب
تأتي الإشارة الأولى على ذلك من الصّلات الدّوليّة الّتي تحظى بها المنظّمة، وهي الصّلات الّتي توضّح موقع الجمعيّة داخل الحركة العالميّة غير الرسميّة للإخوان المسلمين. يسرد موقع الجمعيّة على شبكة الإنترنت تحت قسم "الشّركاء" أسماء خمس منظّمات دوليّة، من بينها فيدراليّة المنظّمات الإسلاميّة في أوروبا، وهي كما ذُكِر سابقاً عبارة عن منظّمة تغطّي عموم أوروبا وتعمل بمَثابة مِظَلّة للكيانات التّابعة للإخوان وتُعدّ الجمعيّة الإسلاميّة من المؤسّسين المشاركين بها، كما خَدَم أيمن عليّ في مختلف مناصبها العليا. وتجدر الإشارة إلى أنّ حكومة الإمارات العربيّة المتّحدة قد وضعت على قائمة المنظّمات الإرهابيّة، في تشرين الثّاني (نوفمبر) 2014، الرّابطة الإسلاميّة في بريطانيا والرّابطة الإسلاميّة في السّويد، وكلتا المنظّمتين من المؤسّسين المشاركين في فيدراليّة المنظّمات الإسلاميّة في أوروبا. وتلعب الرّابطتان، جوهريّاً، دوراً مماثلاً للجّمعيّة الإسلاميّة في كلّ من بريطانيا والسّويد، على نحو يجعل منهما منظّمات تابعة للإخوان بشكل أساسيّ. وكما رأينا في القسم السّابق، كانت الجمعيّة الثّقافيّة تضع على منشورات فيدراليّة المنظّمات الإسلاميّة معلومات الاتصال الخاصّة بعبد العزيز خليفة، وهو عضو بارز بين إخوان مصر المقيمين في فيينا، باعتبارها معلومات الاتصال الرّسميّة الخاصّة بها. وعلاوة على ذلك، يُدرِج الموقع الخاصّ بالجمعيّة الثّقافيّة منظّمتين غير حكوميتين ضمن شركائها: النّدوة العالميّة للشّباب الإسلاميّ والإغاثة الإنسانيّة الدّوليّة والنّدوة العالميّة هي منظّمة تتّخذ من المملكة العربيّة السّعوديّة مقرّاً لها، وخوّل إليها منذ فترة طويلة نشر التّفسير السّعوديّ للإسلام، في كافّة أنحاء العالم. وبحسب منشوراتها، فإنّ هدفها هو "تسليح الشّباب المسلم بثقة تامّة في تفوّق النّظام الإسلاميّ على الأنظمة الأخرى". كما تمتلك سجلاً طويلاً من التّعاون مع شبكات الإخوان المسلمين وجرى اتّهامها، في بعض الأحيان، بتمويل أنشطة إرهابيّة. أمّا الإغاثة الإنسانيّة فهي مؤسّسة خيريّة تتّخذ من المملكة المتّحدة مقرّاً لها وتحظى بالعديد من الرّوابط الإسلامويّة ويُشتَبه في تورّطها في تمويل الإرهاب في العديد من البلدان. وقد كشفت برقيّات أمريكيّة جرى تسريبها مؤخّراً عن شكوك وزارة الخارجيّة الأميركيّة في قيام الإغاثة الدّوليّة بتقديم دعم ماليّ لمنظّمات "مرتبطة بحركة حماس"، وقيام "أعضاء مكاتبها الميدانيّة في البوسنة وكوسوفو والشّيشان بعقد صِلات مع منتسبين إلى تنظيم القاعدة". وقد جرى منع المنظّمتين من القيام بأنشطة في إسرائيل لكونهما "جزءًا من شبكة جمع التّبرعات التّابعة لحركة حماس"
وهناك إشارة أخرى حول ميول الجمعيّة الإسلاميّة الثّقافيّة في النّمسا تتمثّل في الضّيوف الّذين تستقبلهم بشكل دوريّ الجّمعيّة وفرعها الشّبابيّ. فمن بين العديد من قادة الإخوان المسلمين الّذين زاروا الجّمعيّة يأتي محمّد سعد الكتاتنيّ، الأمين العام السّابق لحزب الحريّة والعدالة، ومحمّد الجوّاديّ، العضو السابق في البرلمان المصريّ عن حزب الحريّة والعدالة أيضاً. وتجدر الإشارة بشكل خاصّ إلى محاضرة، تعود إلى عام 2014، ألقاها في مقرّ الجمعيّة هشام برغش، عضو الاتّحاد العالميّ لعلماء المسلمين، وهو عبارة عن هيئة فقهيّة إسلاميّة يرأسها يوسف القرضاويّ، الزّعيم الرّوحيّ للإخوان المسلمين في العالم. ذلك أنّه بعد أشهر قليلة من زيارة برغش إلى النّمسا، أُعلِن شخصاً غير مرغوب فيه من جانب السّلطات الهولنديّة، الّتي وصفته بأنّه يروّج "خطاباً معادياً للسّاميّة والمثليّة الجّنسيّة والشّيعة والمرأة، ويحضّ على كراهية العلمانيين، ويمجّد الجّهاد والاستشهاد العنيفين، ويهوّن من خطر الإرهاب ويُنكره". وتنظّم الجمعيّة وذراعها الشّبابيّ العديد من الأنشطة الاجتماعيّة والسّياسيّة والدّينيّة، في استمرار للنّهج الكلاسيكيّ متعدّد الأبعاد لمنظّمات الإخوان. وتشارك أيضاً في مختلف الأنشطة الخيريّة. ومن خلال قيامها بذلك، غالباً ما تعقد شراكات، إلى جانب مجموعات أخرى، مثل رحمة النّمسا، وهي منظّمة تتّخذ من فيينا مقرّاً لها وكثيراً ما تنخرط في أنشطة جمع التّبرعات الخيريّة الّتي يقوم عليها الوَسَط الإخوانيّ في النّمسا. وممّا يُثبت إلى حدّ ما دائريّة هذا الوَسَط ومدى ارتباط العديد من منظّماته أنّ سكرتير منظّمة رحمة النّمسا هو أسامة عتيق، الّذي شغل موقعاً مماثلاً في منظّمات أخرى داخل الوَسَط الاخواني بما في ذلك الرّابطة الفلسطينيّة في النّمسا.
تأتي تأكيدات مُعتبرة حول الرّوابط العميقة بين الجمعيّة الإسلاميّة الثّقافيّة في النّمسا والإخوان المسلمين مباشرة من جانب اثنين من القادة التّاريخيّين للمنظّمة، وهما الأخوان أبناء مراد. فالشّقيق الأصغر، أيمن مراد، قد صرّح في مقابلة، تعود إلى عام 2011، مع صحيفة فينر تسايتونغ النّمساويّة قائلاً: "إنّنا لا نأخذ الادّعاء القائل بأنّنا ننتمي إلى الإخوان المسلمين على محمل النّقد. فجماعة الإخوان المسلمين تشكّل حركة عالميّة. وغالبيّة المسلمين تشاطر الإخوان أفكارهم. ولسنا استثناء من ذلك. لكنّنا، تنظيميّاً، لا نمتلك أيّ علاقة مع الإخوان المسلمين. وليس ثمّة تنظيم للإخوان المسلمين في أوروبا". لكن كان الشّقيق الأكبر، جمال مراد، أكثر صراحة. وجمال ولِدَ أصلاً في دمشق عام 1958، وانتقل إلى النّمسا عام 1978، وسرعان ما أصبح أحد أبرز الشّخصيّات الموجودة في المشهد الإسلاميّ في البلاد. وفي أوائل عام 2013، أجرى جمال مقابلة مطوّلة مع قناة التّلفزيون المصريّ الأوروبيّ. وربّما لأنّه أجرى المقابلة في وقت كانت فيه جماعة الإخوان المسلمين تحظى بنجاحات ملفتة في مختلف البلدان خلال الأيام الأولى من الرّبيع العربيّ، فقد أجاب عن كافّة أسئلة مقدّمة البرنامج التلفزيونيّ، منال أبو العلا، حول دوره في الإخوان ووجودهم في النّمسا، بصراحة وحماس ملحوظين.
الروابط مع تركيا وقطر
ترتبط المنظمات الإخوانية في النمسا مباشرة بالنظامين التركي والقطري، إذ ذكرت مجلة البروفيل النمساوية، عام 2014، أن المجمع الإسلامي للحضارات، يتعاون مع الجمعية التركية مللي جروس، كما أن منظمة الشباب النمساوي المسلم (إحدى الجمعيات الإخوانية، بدأت نشاطها في عام 1998) تضم عددًا من الكوادر التركية منهم دودو كوتشكجول، وهي قيادية تركية على صلة بالإخواني أيمن علي. كما أن إبراهيم الزيات تجمعه علاقة وثيقة مع الجمعية التركية في النمسا، المسماة المللي جروس، تعني بالتركية الرؤية الوطنية، ولها فروع عدة في أوروبا، ويوجد مقرها الرئيس في مدينة كولون الألمانية، وهو أيضًا زوج صبيحة أربكان، ابنة أخ رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان، الأب الروحي للرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان. ويبرز في هذا الصدد، اسم منظمة قطر الخيرية التي تُشير العديد من الوثائق والدراسات إلى انخراطها في دعم جماعة الإخوان في أوروبا.
وتمتلك قطر الخيرية مكاتب ومشروعات في نحو 80 دولة في قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا، تعمل جميعها تحت ستار العمل الإغاثي والخيري، في حين أكدت صحيفة "فولكاس بلات" النمساوية، في أغسطس 2020، أن قطر الخيرية متورطة في تمويل ودعم أنشطة الإخوان في النمسا. ونقلت الصحيفة عن الباحث الأمريكي لورينزو فيدينو، مدير برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن الأمريكية قوله إن الإخوان وجدوا بيئة ودية في النمسا منذ البداية؛ إذ استغلوا مناخ الحرية والأنظمة البنكية المتطورة في توسيع أنشطة الجماعة في أوروبا. وبحسب فيدينو فإن المركز الثقافي في جراتس، المرتبط بالإخوان، على علاقة وثيقة بقطر الخيرية، كما أن جمعية ميللي جروس التركية، توسطت في يونيو عام 2014 لدى الدوحة، عبر إرسال خطاب توصية لسفارتها في فيينا، من أجل منح الجمعية الإسلامية في النمسا، أحد أذرع الإخوان الجديدة آنذاك، تمويلاً ماليًّا، وبعد وصوله ب12 يومًا، فتحت قيادات الجمعية حسابًا في بنك شهير بالبلاد، وأرسلت بياناته إلى المنظمة القطرية.
النمسا في مواجهة المتطرفين
رغم وجود الإخوان في النمسا منذ ستينات القرن العشرين، لم تتنبه الدولة الأوروبية للخطر الذي يمثلونه إلا في أواخر عام 2017، والذي شهد حملة أوروبية للتدقيق في أنشطة الإخوان نتيجة عدة عوامل من بينها تزايد العمليات الإرهابية التي نفذتها حركات إخوانية مسلحة كحسم ولواء الثورة داخل مصر، وخوف دول القارة العجوز من أن تقع تحت ضحية لهجمات مماثلة، أو أن تستغل الإخوان أذرعها في القارة لتمويل الإرهاب. وخلصت التحقيقات التي أجرتها الحكومة النمساوية إلى أن الإخوان نجحوا في استغلال المساحات والأموال التي حصلوا عليها في نشر التطرف، وخلق مجتمع موازٍ، ودفعه إلى الاستقطاب والانقسام، واستخدام الدولة كقاعدة انطلاق لأنشطتهم في الدول العربية. وفي سبتمبر من العام ذاته، أصدرت وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات النمساوية، بدعم من صندوق التكامل النمساوي والمكتب الفيدرالي لحماية الدستور ومكافحة الإرهاب، تقريرًا مطولاً من 60 صفحة، نُفِّذ مع معهد دراسات الشرق الأدنى بجامعة فيينا، أكدت فيه أن تمكين المنظمات التابعة للإخوان في القارة الأوروبية، قوض جهود إدماج المسلمين في المجتمع الأوروبي العام، مشيرة إلى أن معلمي المدارس التابعين للجماعة، والذين يحصلون على رواتب من الحكومة النمساوية، أفسدوا عقول الأطفال.
وكانت محصلة ذلك، أن بدأت الحكومة النمساوية في اتخاذ إجراءات ضد المنظمات والشبكات الإخوانية، فطردت 60 إمامًا وعائلاتهم، في عام 2018، بعد أن حصلوا على تمويل خارجي من تركيا، وأغلقت 7 مساجد، عقب تحقيق أجرته سلطة الشؤون الدينية، بعد تداول صور لأطفال يمثلون دور القتلى في أحد أبرز المساجد التي تحصل على تمويل من أنقرة، في استعادة لمشاهد من معارك وقعت في أثناء الحرب العالمية الأولى. كما سن البرلمان النمساوي قانونًا لحظر الجماعات المتطرفة، ودخل حيز التنفيذ في الأول من مارس 2019، ونص على حظر رموز وشعارات التنظيمات المتطرفة، وفي مقدمتها الإخوان وحزب الله وتنظيم الذئاب الرمادية التركي، محددة غرامة تتراوح بين 4 إلى 10 آلاف يورو، لمن يخالف القرار، كما حظرت التمويل الخارجي لأئمة المساجد. كما أسست وزارة الاندماج النمساوية أيضًا مركزًا جديدًا لمراقبة الإخوان، وغيرها من تنظيمات وجماعات الإسلام السياسي، داخل المساجد وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وخصّصت له ميزانية أولية بقيمة نصف مليون يورو. في حين بدأت حملة تدقيق وتفتيش جديدة في الجمعيات والمراكز المحسوبة على الإخوان، منذ الهجوم الأخير الذي وقع خلال نوفمبر عام 2020، لكن لا يزال من المبكر للغاية الحكم على فاعلية تلك الحملة، فالتجارب السابقة أثبتت أن الإخوان يلجؤون إلى طرائق ملتوية للهرب من المراقبة والرصد، ويبتكرون طرائق جديدة لمواصلة عملهم داخل الدول الأوروبية. ومن المتوقع أن تؤدي تلك الحملة إلى قصقصة بعض الأجنحة الإخوانية في النمسا، لكن من غير المرجح أن تؤدي إلى إنهاء الوجود الإخواني هناك، والذي نجح في تأسيس شبكات معقدة ومتداخلة بعضها يتبعه مباشرة، والآخر يتحكم فيه عبر طرائق ملتوية. خطر المتطرفين على النمسا
تجنيد واستقطاب الشباب: قضت محكمة نمساوية فى 29 نوفمبر 2018 بالسجن 8 أعوام على شخص يبلغ من العمر 38 عاما، لإقناعه عائلتين مع أطفالهما التسعة بالإنضمام إلى تنظيم داعش المتشدد في سوريا.وأنه لعب دورا عقائديا مركزيا في التنظيم، وأقنع عددا من الأشخاص بالقيام برحلات إلى سوريا للإنضمام إلى صفوف التنظيم الإرهابي.
نشر الفكر المتطرف: أعلنت السلطات النمساوية فى 8 يونيو 2018 طرد (60) من الأئمة وعائلاتهم يحصلون عل تمويل خارجي من تركيا لمكافحة الفكر المتشدد والجماعات المتطرفة ، وغلق (7) مساجد، في حملة تستهدف "الإسلام السياسي والتطرف".جاء ذلك بعد تحقيق أجرته سلطة الشؤون الدينية، إثر نشر صور في وقت سابق هذا العام لأطفال يمثلون دور القتلى في أحد أبرز المساجد التي تحصل على تمويل تركي، في استعادة لمشاهد من معركة "غاليبولي" أو "حملة الدردنيل" أثناء الحرب العالمية الأولى.
تحويل الثقافة الدينية – السياسية في النمسا: كشف تقرير عن وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات النمساوية، بدعم من صندوق التكامل النمساوي والمكتب الفيدرالي لحماية الدستور ومكافحة الإرهاب باستغلال الأخوان أموال الحكومة النمساوية ومدارسها، ونشر التطرف في الجاليات الإسلامية المحلية. واستخدمت على نحو انتقائي العنف وفي بعض الأحيان الإرهاب سعياً وراء أهدافها المؤسسية .واستخدمت الأراضي النمساوية كقاعدة انطلاق لنشاط "الإخوان" في الدول العربي وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط" فى 9 سبتمبر 2017 . وضَّح التقرير الفارق بين نوعين من أعضاء الجماعة فيما يتعلق باستخدامهم للأراضي النمساوية. بالنسبة لبعضهم، تعد النمسا في الأساس "بيتاً آمناً" ونقطة انطلاق إلى بلدانهم الأصلية. وبالنسبة لآخرين، أصبح تحويل الثقافة الدينية – السياسية في النمسا هدفاً في حد ذاته.
خطر المتطرفين على بلدانهم الاصلية
يتألف الاخوان المسلمين في النمسا من عدة بلدان عربية واسلامية شرق اوسطية، لكن المصريين والسوريين والفلسطينيين والاتراك يشكلون الاغلبية الساحقة، وتكمن خطورة هؤلاء في انهم ينشطون في الاراضي المساوية مستغلين الحرية التي تمنحها الحكومة النمساوية للمواطنين والمقيمين على حد سواء، لكن التحقيقات الاخيرة اثبتت ان عناصر الاخوان يعملون بشكل وثيق مع القيادات المتطرفة في بلدانهم الاصلية. فقد اثبتت التحقيقات ان الاخوان في النمساء يرسلون الاموال الى زملائهم في بلدانهم الاصلية لاستخدامها في تجنيد المتطرفين وشراء السلاح وتمويل العمليات الارهابية هناك. بالاضافة الى ذلك ذكرت العديد من الدراسات ان عناصر الاخوان الناشطة في النمسا واروبا عملوا بشكل حثيث على تجنيد اعداد كبيرة من المتطرفين وارسالهم للقتال مع التنظيمات الاهرابية في سوريا والعراق وليبيا والصومال وغيرها من البلدان العربية والاسلامية وخاصة الشرق اوسطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.