بعد مرور ستة عشر شهرا على الثورة السورية، ينشق اليوم أحد دعامات النظام العميد مناف طلاس. ويرى بعض قادة المعارضة أن هذا الرجل الذي كان في طفولته صديق بشار الأسد له دور أساسي في قيادة حركة الاحتجاج. ويرى مراقبونا في مدينة حمص التي ينحدر منها العميد أنه على مناف طلاس أولا أن يحاسب على الدماء التي تلوث يديه. ولقد لقي انشقاقه ترحيب المعارضة السورية التي ترى فيه عنصرا فاعلا رئيسيا في المرحلة الانتقالية. ومناف طلاس البالغ من العمر 50 سنة كان من أقرب معاوني بشار الأسد. وكان عضوا في اللجنة المركزية لحزب البعث وقائدا للواء 105، وهي وحدة خاصة من الحرس الجمهوري المكلفة بحماية العاصمة. وقد أصبح الرجل الأعلى رتبة من بين المنشقين عن النظام الذي يواجه تمرد الجيش. ونقلا عن مصدر في دمشق، تشير وكالة الأنباء الفرنسية إلى أن بشار الأسد قد استبعد العميد طلاس بعد أن رفض قيادة الوحدة المكلفة بهجوم جرى في شباط/فبراير-آذار/مارس الماضيين على بابا عمرو، الحي الحمصي الذي وقع آنذاك في يد الثوار. وحسب المصدر نفسه، اختار مناف طلاس الرحيل بعد أن رفض بشار الأسد ترفيعه من رتبة عميد إلى رتبة لواء. وإن انشقاقه "يعتبر ضربة قاسية لنظام الأسد" كما أكد يوم السبت عبد الباسط سيدا، رئيس المجلس الوطني السوري، وهو أكبر تكتل للمعارضة السورية في الخارج. وأعلن أحد قادة المعارضة، ميشيل كيلو، أن مناف طلاس "يمكنه أن يؤدي دورا أساسيا في مستقبل سورية". "إذا لم يلتحق بالجيش السوري الحر فلن ينفعنا بشيء" أبو رامي المتحدث باسم "مجلس الثورة" في حمص المدينة التي ينحدر منها العميد مناف طلاس نحن نرحب دائما بالانشقاقات. ولن نكف عن حث أفراد الجيش على الانشقاق والالتحاق بصفوفنا سواء أكانوا جنودا عاديين أم من الرتب العالية أو الحرس الجمهوري أو المخابرات. هذا واجبهم إن أرادوا أن يسامحهم الشعب السوري يوما ما. وقد رحبنا بانشقاق الرتب العالية في الجيش سابقا كما نرحب اليوم بانشقاق مناف طلاس. ونتمنى الآن أن ينضم إلى صفوفنا.
ولقد علمنا من الصحافة أنه رفض ترأس وحدة للهجوم على حي بابا عمرو . لكن هذا غير مثبت بعد. نحن لا نعرف إنْ كان قد شارك في القمع الذي يمارسه النظام وإن كانت يداه ملطختين بالدماء. في كل الأحوال، إذا لم يلتحق بالجيش السوري الحر ولم يندد علنا بالنظام فلن ينفعنا بشيء. وسيدفع الثمن غاليا. نحن أساسا نستغرب كيف انتظر كل هذا الوقت قبل أن يهرب؟. لماذا انتظر 16 شهرا [هيئة التحرير: الثورة السورية بدأت بمظاهرات في دمشق يوم 15 آذار/مارس 2011] لكي ينشق ويشعر أن هذا النظام مجرم؟ لا يمكننا أن نقبل بأن يأتي أشخاص ممن انشقوا في آخر لحظة ليأخذوا قيادة الثورة التي كلفتنا آلاف الشهداء. ولا نريد أيضا أن يكون أحد قادتنا في المرحلة الانتقالية ولا أن يحتل منصبا من مناصب المسؤولية السامية في سورية الغد. نحن المقاومون من نختار الشخص الذي سيقود المرحلة الانتقالية. ثم يعود الأمر إلى الشعب السوري لكي يأخذ بزمام مصيره عبر اختيار من يحكمون البلد بواسطة انتخابات حرة ومستقلة.
هنا في حمص نتحدث كثيرا عن انشقاقه. وطبعا لقد فرح السكان لهذا الخبر، لكنهم في الوقت نفسه يعرفون ماضيه ويعرفون أنه كان دائما منتميا إلى العائلة الحاكمة [هيئة التحرير: العميد المنشق من أسرة سنية ذات نفوذ وهو نجل وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس]. "لقد شعر بتغير تجاه الرياح" أبو الفدا ناشط في حي الخالدية انشقاق مناف طلاس لم يكن ذا أهمية كبيرة لنا. صحيح أن نظام بشار الأسد يبدو الآن بوضوح أنه ينهار، لكن بعض سكان حمص يعتبرون أن مناف طلاس، في أحسن الأحوال، شخصا اختار الحياد إزاء الثورة. ويجب ألا ننسى أن هذا العميد له تاريخ أسود وأنه كان غارقا في الفساد وشارك في جميع مظاهر الظلم الذي مارسته عائلته وعائلة بشار الأسد. وهو إلى اليوم لم يقدم أي دعم للثوار ولا حث على الانشقاق داخل الجيش. حتى أنه قاد في بداية الثورة عدة غارات مميتة من موقعه كعميد في أحياء دمشق. سبب انشقاق مناف طلاس بسيط جدا: لقد شعر بتغير تجاه الريح. وهو يعلم أن عدد المنشقين يتزايد وأن الجيش الحر لا ينفك يتقدم على الأرض وأن نهاية النظام وشيكة، لذلك خاف وهرب كي لا يحاسب على أعماله.