رغم توقيع اتفاق حل القضية الجنوبية لا يزال الجدل السياسي قائما حول عدد الأقاليم، وبوجود أطراف لها مصلحة ببقاء التوتر السياسي وعدم الاستقرار في البلاد، يواجه الانتقال السلمي مزيدا من العقبات والعراقيل. أثارت وثيقة حل القضية الجنوبية، التي تم التوقيع عليها في اليمن مؤخرا المزيد من الجدل والخلافات بين الفرقاء السياسيين في البلاد، ووضعت الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي في مرمى الاتهام بالاستسلام لقوى تسعى إلى تقسيم البلاد. ونقلت الصحافة المحلية اليمنية عن منتقدين للوثيقة، التي يقف وراء تمريرها المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، قولهم إنّ الوثيقة “لم تتضمن سوى التأصيل لكيانين في الدولة الاتحادية -شمالي وجنوبي- وتأجيل حسم عدد الأقاليم إلى ما بعد الحوار، وتوكيل الرئيس هادي منفردا بإنجازها، وضمان بقاء المبعوث الأممي جمال بن عمر وصيا لسنوات مرتبطة بزوال الأزمات”، كما ورد على لسان فؤاد الصلاحي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء. وتزعّم حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، المؤتمر الشعبي العام -الذي ينتمي إليه هادي بدوره- تيار رفض الوثيقة، على اعتباره من أكبر المعارضين لانفصال جنوباليمن. وبلغت انتقادات شخصيات في الحزب حد اتهام منصور هادي بالاستسلام لتيار الإخوان المسلمين، الذين “يقودون اليمن نحو المجهول” مثلما نُقل عن القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام ياسر اليماني الذي اعتبر أن “حزب الإصلاح (إخوان مسلمون) هو السبب الرئيسي في تدمير الوحدة اليمنية”. اليماني: الجنوب يسير نحو الانفصال بسبب نفس التحالفات القديمة الجديدة
وقال اليماني في تصريحات صحفية إن “الجنوب يسير نحو الانفصال بسبب نفس التحالفات القديمة الجديدة، وأن ما يحصل في الجنوب الآن من هبة شعبية سيغير اللعبة السياسية في البلاد”. كما دعا الرئيس عبدربه منصور هادي “إلى الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية، مؤكدا أن تحالف هادي المتين مع الإخوان أفقده السيطرة على البلاد”. ومن جهته رفض الرئيس عبدربه منصور هادي إجراء أية تعديلات على وثيقة مخرجات اللجنة المصغرة لفريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني. وقالت مصادر يمنية مطلعة إن رئاسة مؤتمر الحوار الوطني عقدت اجتماعا برئاسة عبدربه منصور هادي في أعقاب تصعيد من قبل المؤتمر الشعبي العام ضد “الوثيقة” التي كان اقترحها المبعوث الأممي جمال بن عمر فيما يرى فيها المؤتمر وثيقة ل”الانفصال”.
وذكرت المصادر التي قالت إنها حضرت الاجتماع، أن الرئيس هادي قال إن من المستحيل إجراء أي تعديل على الوثيقة مادام قد تم توقيعها، ولكن بالإمكان استيعاب ملاحظات جميع الأطراف في نص التكليف الذي سيصدر من الجلسة العامة لمؤتمر الحوار للرئيس وللجنة التي تنص الوثيقة على تشكيلها لدراسة خياري شكل الدولة إن كان سيتضمن ستة أقاليم أو إقليمين. وأوضحت المصادر أن ممثلي المؤتمر الشعبي العام الذين يرفضون الوثيقة غابوا عن الاجتماع فيما حضر عبدالكريم الإرياني الذي يقول حزب المؤتمر إنه وقع على الوثيقة بصفته الشخصية وليس نيابة عن الحزب. وشرحت المصادر أنه من المقرر أن يختار الرئيس اليمني لجنة من مكونات مؤتمر الحوار تقوم بناء على التفويض الذي منحته إياه الوثيقة بدراسة مشروعي الإقليمين والستة أقاليم واختيار أحدهما، وسيكون اختيارها نهائيا وباتا وملزما لجميع الأطراف، مشيرة إلى أن أمين عام التنظيم الناصري حضر الاجتماع ولم يبد أي اعتراض على الوثيقة بعد أن كان حزبه أعلن في بيان سابق عن رفضه لها، فيما أبدى ممثل الحوثيين محمود الجنيد بعض الملاحظات التي تم تأجيل النظر فيها إلى اجتماع غد السبت. غير أن الحوثيين قالوا على لسان ناطقهم الرسمي علي البخيتي في بيان “لم نوافق على خيار الستة أقاليم والاتفاق الموقع لا ينص على تحديد خيار معين وإنما رمى بالكرة إلى ملعب مؤتمر الحوار”. وأضاف في بيان “فريق القضية الجنوبية والجلسة العامة هو من سيفوض لجنة جديدة غير لجنة 8/8 لدراسة أي الخيارات أنسب: الإقليمان أو الستة أقاليم أو ما بينهما وبما يحقق التوافق”. اتهام لمنصور هادي بالاستسلام لتيار الإخوان المسلمين، الذين «يقودون اليمن نحو المجهول» وكانت بعض الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بصنعاء ممثلة بما يعرف بلجنة ال16 وقعت الاثنين الماضي على اتفاقية بخصوص القضية الجنوبية، بعد تعثر عملها سابقا جراء الاختلاف على شكل الدولة وعدد الأقاليم. واتفقت الأطراف الموقعة على خيار الدولة الاتحادية على تفويض مؤتمر الحوار الوطني والرئيس عبدربه منصور هادي بتشكيل لجنة ستتكفل بتحديد عدد الأقاليم. واعتبر البخيتي أن “من يطرحون خيار الستة الأقاليم يزايدون باسم الوحدة مع أن الإقليمين المفترضين في الجنوب بحسب خيارهم سيكونان بحدود عام 90. وانطلاقا من هذه النقطة فإن المخاوف التي يبررون بها رفضهم للخيار الآخر موجودة في خيار الستة أقاليم أيضا”. وشدد “على أن أي اتفاقات أو تسويات تتم خارج مؤتمر الحوار ( الفرق المعنية والجلسة العامة ) هي مجرد مقترحات غير ملزمة لمؤتمر الحوار ما لم تمر عبر آليات المؤتمر ابتداءً من التصويت عليها داخل فرق العمل ومن ثم داخل الجلسة العامة”.