كم يبدو غريبا العنوان ! ولكنه واقع مؤلم ،وحقيقة مره ، ومشروع جديد لن يشهر علنا ، وبات حديثا متداولا بين أوساط المفصليين للانتماء الوطني والوطنية حسب اتجاهاتهم وأهوائهم وميولهم . المفارقة الغريبة أن صكوك الغفران في الديانة المسيحية تمنح من البابا أو القس والتي يغفر بها ذنوب المذنبين ويعفي عن المخطئين . في حين صكوك الغفران الوطنية اليمنية أصبحت ملك مشاع فكل من له بالفساد يد أو شتم منه رائحة أو أصابه غيث عابر منه ؛ فله الحق بمنح هذه الصكوك وان يفصلها ويقيسها مقاسات تتناسب مع هوى ليلى . هؤلاء المفصلون الذين يدعون أنهم وصلوا إلى مرحلة اليقين بالولاء الوطني ، هم بعيدون كل البعد منه ، و أكاد أجزم أنهم لا يهمهم الوطن ولا يأملون له أي خير . مثل هؤلاء الناس ارتبط بهم حب الوطن حسب ادعائهم بحبه ، بفساد استشرى وخيم ظلاله على مساحة الوطن السعيد لينقلب المسمى الجمالي والرائع إلى الوطن الحزين ،والبلدة الطيبة إلى البلدة الظالم أهلها.والمزايدات الكاذبة والمكابرة على الواقع ومغالطة النفس هي شعار يرددوه كل حين وفي كل محفل وكاّن المواطنين المسلوبين ابسط مقومات الحياة(الأمن والغذاء ) لا يزالون بالعصور الغابرة وتناسوا أن وسائل التكنولوجيا والاتصالات أصبحت لا ترحم ، وان الحمام الزاجل قد انتهى عهدة منذ عصور . وحتى تحظى بلقب من هؤلاء المفصلين يجب أن تحقق شروط انك لا تسمع ، ولا تتكلم ، ولا ترى ، و لا تنتقد ، ولا تنادي بأي إصلاح للأوضاع الاقتصادية ، أو تنادي بالتغيير نحو الأفضل في الواقع المنحط ، ويجب أن تؤمن بالفساد شريعة مقدسة ، وتعتقد بالأوهام التي يحاولوا أن يرسخوها يوما بعد يوم مستغلين بذلك بساطة المواطن وضئالة ثقافته بل وصل بهم حدود الكذب إلى أن يصدقوا ما كذبوا وان يؤمنوا بما يكتبوه وان لم تؤمن فان الوطن منك برئ حسب اعتقادهم . أحيانا الاعتراف بالتقصير بجانب ما يكسبك الاحترام ، الرئيس اوباما ظهر بعد الهزيمة التي مني بها في انتخابات التجديد النصفي معترفا بأنه لم يستطيع كسب الود والالتفاف حول حزبه ، وان هناك تقصير في جوانب معينه ، بعكس الوضع تماما في اليمن لا اقتصاد لا امن لا قرار مستقل لا شي يذكر على رصيدنا وأصبحنا على غرار الصومال تماما مع فرق بسيط في السحن هاو لون البشرة ومازلنا نكابر وان الأمور على ما يرام . وهذا الوضع الذي أوصلونا إليه بمسرحيات هزلية تصنع كل يوم لن تدوم طويلا ، لن يتطلب معالجتها بدواء مسكن ،و إنما يتطلب استئصال لورم خبيث وفتاك اهلك الحرث والنسل ، وهذا الوضع الراهن اليوم يتطلب اصطفاف من قبل المفكرين والمثقفين والأكاديميين ورجالات السياسة والدين ليتقدموا بمشروع وطني ينقذ الوطن ويستأصل الفساد من جذوره ، ويستند إلى كفاح وضمير الطبقة المغلوبة والمنهوبة والمصادرة حقوقها ، هذه الطبقة هم فعلا من يملكون الحس والضمير الوطني ، من تذرف دموعهم عندما يسمعوا أنين الوطن ،وتخفق قلوبهم لنسيمه وهم بنفس الوقت من ضحوا وبذلوا وقدموا لهذا الوطن في السابق ؛ ليكتشفوا بالأخير إنهم أصبحوا مرمى الظن بوطنيتهم والمزايدة على انتمائهم . وإياك إياك أن تهمس لقلبك أو تساور لنفسك بالحقيقة المرة التي نكابدها والوضع المزري الذي يعيشه عامة الشعب أو أن تستذكر الجرائم الإنسانية التي لحقت بالوطن الذي فقد استقلالية أمنه ومسودات قراره ؛ حتى لا تتفاجئ بقميص لا يتناسب مع قياسك أو نظارة سوداء يلبسوك إياها رغم عن انفك . وقد تدفعنا الضرورة لان نناشد كل المثقفين والمفكرين والأكاديميين والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية المدنية والقانونية وأصحاب الشأن وذوي العلاقة أن يتوصلوا لتعريف للانتماء الوطني والوطنية وارجوا أن لا يخفقوا كما فشلوا مسبقا بتعريف الإرهاب حتى لا يتفاجئ أي واحد بان يكون مرمى لما فصلوه ويفصلوه كل يوم من صكوك ربما تدل على إفلاس تام واستنفاذ لكافة الأوراق التي كل يوم نكتشف رائحة عفنها المخزي والمريب .