طالب المؤتمر الأول حول الهجرة، تحت عنوان " ظاهرة الهجرة السرية بين المواجهة الأمنية و الخطط التنموية" والذي نظمه المنتدى العربي في هولندا برئاسة الكاتب والإعلامي التونسي الأصل خالد شوكات تحت شعار "قوارب الأمل"- دول جنوب المتوسط المصدرة للمهاجرين بتوفير الرعاية القنصلية والحقوقية لمواطنيها من المهاجرين السريين، وعدم التخلي عن حقوقهم خصوصا في مراكز الإيواء والتحفظ الإداري، والعمل على إحداث صناديق دعم محلية ووطنية وإقليمية لمساعدتهم، و التعهد بحفظ كرامة أجسادهم في حالة الوفاة بالتكفل بنقلها على نفقة الدولة إلى بلدانهم الأصلية، و الاستفادة من النموذج التونسي في هذه الحالة، حيث تلزم القوانين التونسية مصالح وزارة الخارجية بإعادة جثمان المهاجر التونسي أينما كان إلى أرض الوطن على حساب الخزينة العامة.كما دعا المؤتمر الذي حرص علي إعلان "وثيقة لاهاي حول الهجرة السرية" دول ضفتي المتوسط مدعوة إلى مكافحة مافيا الهجرة السرية وتجار البشر والجريمة المنظمة، والتفريق بشدة بين الضحايا من المهاجرين السريين و عصابات المهربين والسماسرة والمجرمين، كما و اتفق المشاركون الذين يمثلون مؤسسات أكاديمية و إعلامية ومنظمات أهلية وحقوقية عربية وأوربية علي اهمية التعاون مع منظمات المهاجرين ومؤسسات المجتمع المدني و الهيئات الحقوقية من أجل خلق آليات وخلايا تفكير وحوار حول ظاهرة الهجرة السرية وبناء قنوات مشتركة لإيجاد المخارج والحلول اللازمة. وادان المؤتمر سياسة تشييد الأسوار حول الحدود الدولية وتكثيف دوريات الحراسة على السواحل الأوربية الجنوبية و تحويل المنظومة الاتحادية إلى ما يشبه القلعة الحصينة، واعتبر البيان الختامي انها سياسة غير موفقة في وضع حلول حقيقية وجذرية لظاهرة الهجرة السرية. وطالب المؤتمر بتعديل النظرة السائدة في أوربا للمهاجرين السريين، باعتبارهم مجرمين، وتوجيه التشريعات الأوربية والوطنية في اتجاه تكريس هذه النظرة السلبية لشريحة من البشر، وان هذا يعد مخالفا لمواثيق حقوق الانسان الدولية و المحلية، كما يساعد على توفير بيئة خصبة لتنامي الأفكار والمشاعر العنصرية والمتطرفة لدى الجانبين، و يعطل مشاريع الحوار بين الثقافات والحضارات. وارجع المؤتمر السبب الرئيسي في تنامي ظاهرة الهجرة السرية الي حالة الافلاس التنموي الذي وصلت إليه غالبية دول الضفة الجنوبية للمتوسط، و أن العلاج الحقيقي والفعال للظاهرة لن يكون إلا من نفس طينة الداء، حيث لا مجال لإيقاف سيول قوارب الموت المتجه شمالا، إلا بإيجاد حل حقيقي وفعال لمعضلة التنمية في الدول المصدرة للهجرة. الدول الأوربية ملزمة بالاتفاق مع نظيراتها في الضفة الجنوبية للمتوسط على وضع آليات لمراقبة التصرف في المساعدات المخصصة للتنمية وضمان وصولها للمعنيين بها وضمان الشفافية في إدارة المشاريع التنموية، وتحفيز المهاجرين على استثمار أموالهم ومدخراتهم في مناطقهم الأصلية، بل تشجيعهم للعودة إلى بلدانهم الأم كفاتحين تنمويين، والاستفادة في هذا المجال من النموذج التركي. وقال البيان الختامي ان وقوع دول الضفة الجنوبية للمتوسط تحت هيمنة أنظمة ديكتاتورية وشمولية، أجهزتها غارقة في الفساد وسياساتها المتبعة معوقات كبرى أمام التنمية، يعد أحد أهم أسباب الهجرة السرية، و ان استمرار الحالة السياسية على ما هي عليه في هذه الدول، سيعني مزيدا من انسداد أفق الأمل أمام الشرائح الاجتماعية الشابة المؤهلة أكثر من غيرها للهجرة السرية، وسيودئ إلى مزيد من المرشحين لركوب البحر في مغامرات يائسة وقاتلة. كما اوضح البيان ان الخط التحريري لوسائل الإعلام في تغطية الشؤون الأوربية و سلوك المهاجرين لدى عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، يتحمل جزء من المسؤولية عن تنامي ظاهرة الهجرة السرية، حيث يقود إلى تغذية الأوهام عن الجنة الموعودة و تكريس صورة مغلوطة عن حقيقة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها غالبية أبناء الأقليات المهاجرة في أوربا. و في هذا السياق، فإن وسائل الإعلام الأورو-متوسطية مدعوة إلى إنشاء آلية للتنسيق والحوار فيما بينها حول الكيفية المثلى لتناول قضية الهجرة السرية وسائر المشكلات المتصلة بها. كما هي الدعوة إلى إنشاء مركز أورو- متوسطي للتوثيق متخصص في قضايا الهجرة. كما اكد المؤتمر علي ضرورة الالتزام الأوربي حيال مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وطالب البيان الختامي الدول الأوربية بالتزام المواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الانسان، وخصوصا تلك المتضمنة لمواد متعلقة بحقوق المهاجرين، كمعاهدة أوربا لحقوق الإنسان، مثلما هي مطالبة باحترام الحقوق الأساسية للمهاجرين السريين وأبنائهم، كالسكن والتعليم والعلاج والتأهيل. فضلا عن دعوة الاتحاد الأوربي لإنشاء لجنة تقصي حقائق حول الهجرة السرية مع تكوين لجنة تعنى بحقوق المهاجرين في مراكز الاعتقال الإداري. كما شدد المؤتمر علي ضرورة قيام الدول الأوربية بتسوية الأوضاع القانونية لكل مهاجر سري مر على وجوده في أوربا خمس سنوات، و مراجعة التشريعات والإجراءات المتعلقة بمنح الإقامة والتأشيرة للأجانب، بما يحول دون تحول بعض المهاجرين من حالة شرعية إلى حالة غير شرعية، و يؤدي إلى إضعاف النظرة الأمنية وتقوية النظرة الحضارية والإنسانية في التعامل مع قضايا الهجرة. واوصي المؤتمر بان تقوم دول الضفة الجنوبية للمتوسط بتفيذ برامج توعية حول مخاطر الهجرة السرية في البرامج التعليمية، كما هي معنية بتنفيذ حملات إعلامية للشباب بهدف مساعدتهم على عدم السقوط في براثن مافيات التهريب، والاستعانة في ذلك بأعمال فنية وسينمائية تتناول قضايا المهاجرين. وشارك في هذا الحدث الذي اقيم بمدينة لاهاي الهولندية عدد من الكتاب والباحثين و الناشطين الحقوقيين، من العرب الأوربيين مثل الدكتور أحمد القديدي رئيس الأكاديمية الأوربية للعلاقات الدولية و الدكتور محمد القريشي الباحث بجامعة ليل الفرنسية و منصف السليمي الإعلامي المعروف بمؤسسة الاذاعة الالمانية –ديتشفيليه- و الناشط الحقوقي عبد الوهاب الهاني و الدكتور محمد البشاري أمين عام المؤتمر العربي الإسلامي في أوربا، والدكتور عيسى بوقانون الإعلامي في مؤسسة "يورو نيوز" التلفزيونية ، بالإضافة إلى عدد من نشطاء الأقلية العربية في هولندا كعبدو المنبهي رئيس المركز الأورو – مغاربي للهجرة والناقد السينمائي حسونة المنصوري و الباحث التيجاني بولعوالي والدكتور خميس بوشهدة رئيس اتحاد الكتاب والصحفيين العرب و محمد بنميمون الباحث المتخصص في قضايا الهجرة.وتناولت أعمال المؤتمر ستة محاور هي:السياسة الأوربية إزاء الهجرة السرية بين المعالجتين الأمنية والتنموية، و أسباب الهجرة السرية من الضفة الجنوبية إلى الضفة الشمالية للمتوسط، و الهجرة السرية و منظمات حقوق الإنسان، دور منظمات المهاجرين في محاربة الهجرة السرية، الهجرة السرية في وسائل الإعلام العربية والأوربية، الحلول الممكنة للهجرة السرية في دول الجنوب: الديمقراطية والتنمية. و يأتي هذا المؤتمر في إطار سعي المنتدى إلى تفعيل دور الأقليات العربية في تنمية العلاقات العربية الأوربية من جهة، والمساهمة في إيجاد حلول للقضايا الرئيسية العالقة بين الطرفين، وفي مقدمتها ظاهرة الهجرة السرية التي تعد أحد أهم التحديات المعوقة للتنمية في العالم العربي، وأحد أهم التحديات المطروحة على صعيد الأمن الأوربي المشترك.