بعين الحقيقة، لم نتمكن إلى اليوم أن نرى اليد التي أمسكت بالمطرقة الكبيرة، وهوت بها على رأس لبنان الشقيق، وما نستطيع القول بتأكدنا منه، هو أن المطرقة قد أصابت رأس لبنان. لماذا رأس لبنان، لماذا رفيق الحريري؟! سؤال تعدد وتنوع في الإجابات عليه، ومنها القول: إن شعبا بمستوى لبنان وعيا وثقافة وتعليماً، وتجربة مع الصراع والدماء والدمار وسط الحروب الأهلية وبالنيابة، خبرها قرابة خمس عشرة سنة وخرج منها بالكثير من العبر والدروس.. لابد من إحداث هزة وزلازل في أوساطه، من ضربة قوية وموجعة وفي موضع اكثر حساسية، ولهذا كان الحريري، وفي ظروف ومستجدات كهذه. اما ردود الفعل فلم تكن بالمفاجئة عندما أفرزها الشارع اللبناني وقيادته بهذا التنوع، ما بين عقلاني وحوار، وسياسي، وعاطفي وجد طريقه إلى وسائل إلاعلام المعنية أكثر من غيره.. أما ما يترتب على ذلك أو ما سيجنيه الشعب اللبناني ومن سجرون ذيول ما حدث فمجهول، وما كل علامات التعجب والاندهاش والاستغراب التي ارتسمت على وجه نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني عند سماعه رئيس الوزراء يعلن استقالة حكومته.. إلا بداية المجهول الذي ينتظر لبنان، حتى عند أكثر الناس تفاؤلاً. اننا ومن خلال قراءة ما حدث للبنان وتوقعات ما يترتب على ذلكم الحدث، نتذكر مقولة للكاتب العربي الساخر عبدالله القصيمي بعد اندلاع الحرب اللبنانية في العام 75 من القرن الماضي حيث قال« لبنان ظاهرة حضارية صححها العرب..» نتذكر ذلك ونقول: تلكم الظاهرة الحضارية اللبنانية التي صححها العرب في العام 1975م على رأى القصيمي هل هذه المرة سيصححها اللبنانيون أنفسهم.. خاصة إذا ما تغلبت العواطف على العقل والحوار، وبرزت المذهبية والطائفية، كما تريد لها وسائل إعلام تجعل من استراتيجيتها العمل على تعليب العقول بأغلفه من الانفعالية العاطفية حيث يطلب منها ذلك في أي جزء من الوطن العربي. لا يسعنا إلا أن نقول: حفظ الله لبنان، الشعب الذي يبهرنا برجاله، ومفكريه ومبدعيه وكل ما يقدمه للعالم وكأنه الشعب الذي اصطفاه الله من بين العرب.