من المؤسف ان المهاترات والمكايدات والمزايدات باتت هي اللغة الطاغية في الصحافة المحلية، والأسوأ ان هناك من اصبح الاستهداف الشخصي هو الاساس عنده حتى ان الخطاب الاعلامي الموضوعي الرصين والمسؤول بدا مؤخراً فكان الاستثناء والإسفاف هوالقاعدة في بعض الصحف التي تظهران القائمين عليها غيرآبهين بمدى التأثيرات السلبية على مصداقيتها مجسدة في كل ماتنشره الإثارة الصحفية في أسوأ صورها الأكثرابتذالاً لرسالة الصحافة واساءة لديمقراطية وحرية الرأي والتعبيرالتي استغلها البعض على نحو يصب في اتجاه الاضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي العام وبمصالح اليمن وتشويه صورته امام الآخرين.. وماحدث في الآونة الاخيرة يتطلب من الصحفيين جميعاً مراجعة جدية لخطاب صحفهم الاعلامي حتى يتبينوا الى اين يمكن ان يصل هذا الخطاب بهم علَّهم يعودون الى رشدهم ويعيدون للكلمة المقروءة اعتبارها الذي لن يكون الا بتوازن حرية الرأي والتعبير والمسؤولية فيكون النقد والاختلاف والتباين من اجل مصلحة الوطن وخير ابنائه محكوماً بضوابط اخلاقية وقانونية تقوم على قاعدة الالتزام بالثوابت الوطنية واحترام الدستور والقانون، وقبل هذا امتلاك الصحفي وعياً وطنياً بأهمية مايكتبه حتى يكون مؤثراً وايجابياً فيما يقوله وينشره متمثلاً قيم الديمقراطية بما، هي وسيلة الغاية منها خدمة الحقيقة والاستقرار الذي هو اساس النهوض والتنمية والبناء الشامل المحقق لتطور وتقدم الاوطان ورقي المجتمعات.. بدلاً من استغلال الديمقراطية في اتجاهات تحول معنى مفهومها الى رديف للفوضى والعبثية واثارة الاحقاد والضغائن في النفوس وهو بالضبط المعنى الذي يمكن ان يخرج به المتابع لذلك الفرع من الخطاب الاعلامي غير المسؤول، ومن قراءته لبعض الصحف والصحفيين والكتاب فيها. وهذا جعل من الضرورة بمكان اعادة النظر بمجمل واقع الصحافة اليمنية وممارسة المهنة الصحفية بعد عقد ونصف من الانطلاقة الديمقراطية التي بدأت مع اشراقة فجر 22 مايو الأغر، وقيام الجمهورية اليمنية، وحيث كانت الديمقراطية رديفاً للوحدة المباركة وصنواً لها. ولأن حرية الصحافة التجلي الأكثر مباشرة للديمقراطية والأكثر ارتباطاً بالحياة العامة للمجتمع، وتعبيراً عن قضايا الناس وهمومهم، تعد السلطة الرابعة في النظام الديمقراطي، وحتى تكون كذلك لابد اولاً من اقتران الحرية الصحفية تجاه قضايا الوطن بالمسؤولية واخلاقيات المهنة التي هي مضاعفة من هذا الاحساس العالي تستمد الصحافة دورها من قوة تأثيرها الفاعل الذي لايتأتى الا بالتزام المصداقية والتجرد من أية اهواء او مصالح ذاتية انانية سواء كانت حزبية او شخصية خاصة غير قابلة للإنزلاق الى مهاوي المكايدات والمماحكات وتصفية الحسابات وتسجيل المواقف على حساب الآخر، الذي تلقائياً يجرها الى الاسفاف والخطاب الاعلامي المبتذل يخرجها من كونها وسيلة تجسد لحرية الرأي والتعبيرالى أداة للابتزاز والتشهير ليتحول الاختلاف من كونه خلافاً لايفسد في الود قضية الى حالة من العداء يفرغ حرية الصحافة من محتواها الديمقراطي مشوهاً الديمقراطية ومشيعاً وعياً سلبياً تجاهها من الرأي العام، مع ان المفترض تعميقه وترسيخه فيه لتصبح الديمقراطية مجسدة في السلوك الفردي والاجتماعي للناس. وهنا يأتي دور نقابة الصحافيين اليمنيين التي ينبغي عليها ان تتمثل مصالح كل الصحفيين بغض النظرعن اتجاهاتهم الفكرية وانتماءاتهم الحزبية باعتبارها كياناً مهنياً طوعياً أولاً واخيراً وبيتاً لكل الصحفيين، وهذا يستدعي من هيئاتها الادارية والتنفيذية المنتخبة استيعاب انها لاتمثل احزابها بل منتسبيها وان تعاطيها مع قضاياهم ينفي ان يكون قائماً على أسس مهنية بحتة. ومن المهم الاشارة هنا الى دعوتنا المستمرة الى ضرورة ان يكون هناك ميثاق شرف صحفي موجباته اليوم يفرضها واقع الحال المؤسف الذي وصلت الصحافة اليه، حيث انتقلت المماحكات والمكايدات والمزايدات المسفة من صفحات الجرائد الى الكيان المهني- نقابة الصحفيين اليمنيين- آخذة صورة المعارك والمواجهات المهددة للكيان المهني بالتمزق وهذا ما لانرجوه، والخروج منه لايكون الا بتجاوز الخلفيات الحزبية لاعضاء النقابة، ومن اختيروا لقيادة هذا الكيان الصحفي المهني.. والتسريع بانجاز ميثاق الشرف الصحفي الذي يضع الضوابط الأخلاقية التي تحمي المهنة من التجاوزات عليها سواء من داخلها أو خارجها, وعلى نحو يكون فيه منظماً للعلاقة وفقاً للروابط المهنية بين منتسبيها على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم وتوجهاتهم، وبذلك تكتسب نقابة الصحفيين مكانتها كمنظمة مجتمع مدني عصرية ديمقراطية تعيد للصحافة اعتبارها, وللكلمة رصانتها المسؤولة في التعبيرعن مصالح الوطن وقضايا المجتمع لتحظى باحترام وتقدير الرأي العام . نتمنى ان يخرج ميثاق الشرف الصحفي الى النور في القريب العاجل, فالوضع لايحتمل المزيد من الانتظار؟! اذا كان هناك من له عقل رشيد من اصحاب مهنة الصحافة أو من له غيرة حقيقية عليها.