ولد وترعرع في السودان وعمل في السفارة السودانية بباريس حيث درس الدكتوراة وتوفاه الله في اليمن يوم الجمعة 9 فبراير الجاري وبالصدفة بعد أن فرغ عامة الناس من صلاة العشاء، كنت في منزلي على موعد من أحد الأصدقاء الأعزاء الذي أتى لضرب حقنة لابني نشوان، الذي اجريت له عملية في الجيوب الأنفية يوم الخميس 8 فبراير، وإذا بصديقي وجاري إسماعيل المؤذن، يقول لي أن المصلين في جامع العاقل صلوا على روح القنصل السوداني، لم أتمالك نفسي حينها رغم ظروفي الصحية، ولم يكن بحوزتي غير رقم الزميل د. محمد إبراهيم من سفارة السودان، فأجريت اتصالي على رقمه الهاتفي وكانت على الخط زوجة المستشار خالد محمود، فرجوتها الحديث مع د. محمد إبراهيم وكان ردها بصوت غير مسموع آسفة د. محمد إبراهيم توفى ظهر اليوم فتلعثمت الكلمات في فمي، ولم أعد قادر على إكمال المكالمة وما فهمته منها أن السودانيين في منزل سفير السودان الذي لا يبعد عن منزلي، فذهب إلى هناك وقد انفض الجمع المبارك من السودانيين الذين هبوا من كل مكان في صنعاء لتقديم واجب العزاء كعادتهم، وعلى الفور تحدثت مع الأخ وزير الخارجية والمغتربين الذي كلفني بالذهاب إلى المطار لمرافقة جثمان المتوفي وتقديم العزاء للسفير السوداني وأعضاء السفارة نيابة عنه، فتحركت مع سعادة السفير إلى المطار، وهناك وجدت صالة كبار الضيوف تعج بأصحاب العمائم والملابس البيضاء للسودانيين الذي انفجروا بالبكاء, وضرب أعضاء السفارة مثلاً رائعاً وأنموذجاً للأخوة والصداقة والزمالة والحب الشديد لمرحوم لما تركه لدى الجميع من انطباعات تجسد نبل وتواضع أبناء السودان، أينما كانوا داخل أو خارج بلادهم، وكم سعدت بموقف وزير النفط والمعادن اليمني الأخ خالد محفوظ بحاح، الذي عاد من سيارته لتقديم العزاء لسعادة سفير السودان عند سماعه ومشاهدته لأصحاب العمائم البيضاء، بهذه اللفتة ضرب الأخ الوزير مثلاً وأنموذجاً للمسؤول اليمني الذي يكن الحب العميق والتقدير العالي لأبناء السودان الذين ارتبطوا مع إخوانهم في اليمن بمجموعة من السجايا قال ان توجد بين شعوب المنطقة. لقد عرفت الدكتور الشاب محمد إبراهيم السنوسي العام الماضي أثناء قمة تجمع صنعاء- الرابعة حينها كنت رئيساً لدائرة افريقيا، وكان مثلاً راقياً في التعامل، ومتفائل في عمل عربي قومي مشترك يخدم ويطور طموحات الأمة وما شد انتباهي ولفت نظري أثناء وفاة المرحوم أمرين أو ثلاثة: اولاً: العدد الكبير من السودانيين المتواجدين في بلدهم الثاني رجالاً ونساءً في منزل السفير وفي مطار صنعاء الدولي، الذين لم يتوقفوا عن البكاء الشديد والترحم على روحه الطاهرة واحتضانهم طفله الصغير الوحيد. ثانياً: اهتمام الحكومة السودانية بالدبلوماسي السوداني، وإرسال طائرة رئاسية لنقل جثمان الدبلوماسي السوداني فور تلقيها خبر وفاته وطلبها من رئيس ابعثة ومستشار السفارة مرافقة جثمان المرحوم إلى الخرطوم. ثالثاً: اهتمام الجانب اليمني بتقديم كافة الاهتمام والرعاية ممثلاً بوزير الخارجية والمغتربين الذي أوفد رئيس دائرة الوطن العربي لتقديم التعازي ومرافقة الجثمان إلى داخل الطائرة. رابعاً: تقديم معالي الأخ وزير النفط والمعادن التعازي للسفير السوداني الأخ محمد آدم. خامساً: العون الصادق الذي قدمة الأخ خالد العقيلي مسؤول صالة كبار الضيوف في المطار وبقية الموظفين نحو الجالية السودانية إلى أن غادرت الطائرة السودانية مطار صنعاء الدولي. رحم الله فقيد الدبلوماسية السودانية الشاب الدكتور محمد إبراهيم السنوسي وأسكنه فسيح جناته والهم أهله وذويه وزملائه بالخارجية السودانية الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون.