القمة العربية التي ستعقد في العاصمة السعودية الرياض الأسبوع المقبل يفترض ان تكون بماسيتمخض عنها من نتائج ويخرج عنها من قرارات، خطوة نوعية على طريق الإنتقال الى مستويات ايجابية واكثر فعالية في العمل العربي المشترك فالأوضاع العربية الراهنة تضع أمام القادة العرب ملفات ساخنة بمتطلباتها واستحقاقاتها ينبغي التعاطي معها بجدية ومسؤولية وهذا يوجب تضامناً حقيقياً يوحد الصف والمواقف بصورة ترقى الى مستوى التحديات التي يواجهونها في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة. وتأتي في مقدمة اجندة القضايا التي تحتاج الى وقفة جدية وحاسمة موضوع المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت عام 2002م فرغم كل ماقدمه العرب من تنازل عن الحقوق العربية المشروعة مقابل الحصول على السلام العادل والشامل فان اسرائيل تسعى اليوم إلى تعديلها وهنا لايجب الرضوخ للضغوطات الاسرائيلية فالحقوق العربية غير قابلة للمساومة والتنازل أبعد من انسحاب اسرائيل الى حدود الخامس من حزيران عام 1967م واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس وهي في مجملها تعكس حقيقة الرغبة العربية في اعادة الاستقرار والهدوء إلى هذه المنطقة وعلى قاعدة الأرض مقابل السلام ولم تخرج المبادرة عن قرار الشرعية الدولية فيما يخص اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وحق الفلسطينيين في الشتات والذين شردهم كيان الاحتلال في مختلف مراحل الصراع العربي- الاسرائيلي وهنا لابد من العمل العربي المثابر في الساحة العالمية باتجاهات تجعل من هذه المبادرة أحد مرتكزات السلام الشامل في المنطقة وهذا يقتضي إحداث تحول يؤدي الى ضغط المجتمع الدولي والدفع باتجاه إقناع اسرائيل بالحل العادل والذي هو أقصر الطرق لتحقيق السلام. والمنتظر من قمة الرياض الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من خلال الخروج بقرار ينهي حصاره الاقتصادي والسياسي وبالتالي ينهي معاناته والذهاب الى ماهو أبعد من خلال تقديم كل أشكال الدعم في مواجهة الاحتلال. كما ان على هذه القمة ان تشكل نقطة تحول في التعاطي مع الوضع العراقي بحيث يكون هناك دور أكثر للعرب في إعادة الاستقرار اليه عبر حضور عربي فاعل في المصالحة العراقية الوطنية وبمايحفظ وحدة العراق ويضمن لابنائه لمشاركة في بناء عراق ديمقراطي حر ومستقل ومزدهر بالاضافة الى ايجاد حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في العراق والبالغ عددهم حوالى 25 الف فلسطيني يتعرضون اليوم لعملية الإبادة من قبل فرق الموت المذهبية وهي مشكلة ينبغي للقمة العربية ان لاتغفلها وبما من شأنه ايجاد حل لهذه المأساة الانسانية والتي لاينبغي تجاهلها سواء بتوفير الحماية لهم أو اعادة ترحيلهم الى خارج العراق واستيعابهم في اطار دول عربية قادرة على استقبالهم بالاضافة الى اقرار تقديم العون المادي لهؤلاء بمايضمن لهم حياة كريمة كما لايجب إهمال الصومال وضرورة نقل قضيته من الهامش الى مركز الاهتمام العربي حيث يجب على اشقائه تقديم العون له ليستعيد هدوءه ويتفرغ ابناؤه لاعادة بناء وطنهم خاصة وان هناك مؤشرات ايجابية عبرت عنها انتقال الحكومة الصومالية الى العاصمة مقديشو ولأول مرة منذ 16 عاماً وينظر الى الدور العربي في القرن الافريقي ليس من الجانب العاطفي ولكن لما يشكل حضورهم الفاعل من مصلحة جيوسياسية واقتصادية وأمنية على المدى القريب والبعيد وهذا سيكون له بالغ الأثر في إعادة بناء الصومال وتقديم البديل للاقتتال والحروب الداخلية هذه هي الأجندة المحورية امام قمة الرياض ولاخيار الا ان تكون نتائجها وقراراتها في مستوى استحقاقاتها وهو مايتطلع اليه كل عربي من القمة. التي نتمنى ان تكون بالفعل هي قمة التضامن العربي.