رؤية اليمن للأوضاع العربية الصعبة والمعقدة والدقيقة والتي جعلت الأمة تمر في أحرج فتراتها حملها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الى القمة العربية ال19 بالرياض.. لتمثل تجسيداً لنظرته الثاقبة في التعاطي مع استحقاقات ومتطلبات الخروج منها ليس فقط عبر اتخاذ قرارات تلبي موجبات المواجهة مع تحدياتها وأخطارها ولكن أيضاً تبيان الكيفية التي يمكن بها تطبيق هذه القرارات وتحويلها الى واقع ملموس وهو ما يقتضي تفعيل وتطوير العمل العربي المشترك من خلال التركيز على الاصلاح لمنظومة عمل الجامعة العربية وفقاً لآليات جديدة ترقى الى مستوى الظروف غير المسبوقة في تعقيدات وحساسية أوضاعها الناجمة عن تداعيات أحداث افرزت تحديات خطيرة لحاضر ومستقبل العرب دولاً وشعوباً. وفي رئاسته لجانب من الجلسة المغلقة للقادة العرب في هذه القمة أعاد فخامته التأكيد على موقف اليمن الداعي الى التمسك بالمبادرة العربية دون التراجع او تعديل أي بند من بنودها.. منوهاً في هذا المنحى الى تعنت إسرائيل ورفضها لهذه المبادرة بعد إقرارها في قمة بيروت عام 2002م، وحول الطاقة النووية طالب القادة العرب توحيد جهودهم لإمتلاك التكنولوجيا النووية والاستفادة منها في الاستخدامات السلمية. ان قمة الرياض ليست كسابقاتها من القمم العربية وهذا كان واضحاً في تداخل التحركات التي شهدتها المنطقة عشية انعقادها والحضور الاقليمي الأفروآسيوي والدولي والذي جاء ليعكس مدى الاهمية التي تكتسبها هذه القمة ليخلق ذلك اجواء من الترقب لدى الشارع العربي لما ستخرج به من قرارات ونتائج تجاه الملفات الساخنة العربية والشرق أوسطية في اولويات تتصدرها القضية الفلسطينية واتجاهات الصراع العربي - الاسرائيلي والوضع في العراق والأزمة اللبنانية والتوجهات العربية نحو القرن الافريقي في بؤرته المشتعلة - الصومال - منذ أكثر من عقد ونصف خاصة بعد التطورات التي بقدر ايجابيتها لا تخلو من تداعيات سلبية تعيد هذا البلد الى أوج فترات الحرب والاقتتال الداخلي، وهو ما ينبغي على الدول العربية الاضطلاع بدور اكثر فعالية بتقديم دعم جدي خاصة وان ما حدث مؤخراً أكسب خطورة استمرار الوضع في الصومال على ما هو عليه ملامح واضحة تهدد الامن والاستقرار في كل منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الاحمر ليكون لما يجري في الصومال تأثيراته على الجوار العربي والمصالح الدولية. وفي هذا السياق يأتي التأكيد اليمني المستمر على ضرورة ان يكون للعرب دور أكبر في مساعدة الصومال، كذلك فإن الوضع في دارفور لا يقل أهمية بالنسبة للعرب عن الوضع في الصومال، وهذا يتطلب من القمة الخروج بمواقف أقوى إلى جانب السودان يوازيه عمل أكبر وفاعل للدول العربية لحل مشكلة دارفور على قاعدة أمن واستقرار السودان ووحدته. ويبقى السلام العادل والشامل مع إسرائيل هو الذي يعيد الحقوق العربية طبقاً لقرارات الشرعية الدولية ويؤدي الى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصتمها القدس الشريف وفقاً لمبدأ الأرض مقابل السلام وعودة اللآجئين لديارهم هو حجر الزاوية في الرؤية اليمنية للمبادرة العربية. اما العراق فحان الأوان ليكون للعرب دورهم في مداواة جراحه النازفة بما يحفظ وحدته ويعيد له استقراره واستقلاله بدلاً من تركه ساحة لصراع المصالح الدولية وتصفيات الحسابات الاقليمية. وبالنسبة للبنان صحيح ان اللبنانيين ينبغي ان يكونوا مستعدين لحل أزمتهم ولكن الصحيح ايضاً ان ذلك لن يتحقق بدون اسهام عربي جدي قادر على تحييد التدخلات الاقليمية والدولية ليتمكنوا من الوفاق والتوافق مسنودين بدعم عربي كما توصلوا في الماضي الى اتفاق الطائف الذي حقق الاستقرار للبنان والتعايش بين أبنائه.. خلاصة القول: الجميع ينظر الى قمّة الرياض باعتبارها علامة فارقة في تاريخ التضامن والعمل العربي المشترك فهل ستكون كذلك.. وفي أي اتجاه؟!