كسابقتها من القمم العربية التي انعقدت وخاصة في السنوات الأخيرة تأتي القمة العربية المقرر عقدها في الرياض بعد أنباء كانت أشبه بالعواصف التي سبقت القمة بأيام طغت على ما سيناقشه القادة العرب من مواضيع وخاصة ما يتعلق بمبادرة السلام العربية ومحاولة فرض الولاياتالمتحدةالأمريكية أجندة خاصة بها في القمة من خلال المطالبة بتعديلها والثاني مشاركة بعض الدول العربية من عدمها ك" ليبيا " التي اعتادت في كل قمة أما تفجر مفاجأة بالاعلان عن عدم مشاركتها أو تغادر أعمالها قبل انتهائها بساعات مخلفة جملة من علامات الاستفهام , وآخر موقف لليبيا مع القمة الحالية الأيام الماضية وتأكيدات أكثر من مسئول عربي بأنها لن تشارك فيها رغم ما بذلته صنعاء من جهود لا قناعها بالمشاركة في القمة حسب تصريحات رسمية يمنية ولادراك السعودية وبعد تأكيد أكثر من زعيم عربي بأن لا تعديل في المبادرة العربية للسلام مع اسرائيل لتوفير أجواء ملائمة لعقد القمة والخروج بقرارات تتناسب ومستوى طموح وآمال الشعوب العربية فقد جاءت تصريحات الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الأحد الماضي لتضع حدا لكل ما أثير أخيرا من أنباء حول ضغوط تتعرض لها القمة العربية عبر وزيرة الخارجية الأمريكية رايس من خلال جولتها في عدد من دول الشرق الأوسط لتعديل المبادرة العربية للسلام مع اسرائيل عندما أكد في مؤتمر صحفي انه لا توجد أية املاءات على القمة العربية، وجدد التأكيد على انه لا تعديل على المبادرة العربية للسلام. وقال الأمير سعود الفيصل الذي اعدت بلاده مبادرة السلام وتبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002، انه "لا تعديل ولا تبديل على مبادرة السلام العربية، لقد سبق أن أكدت ذلك عشرين مرة وهذه آخر مرة سأقول هذا الكلام " وتراهن السعودية على إنجاح القمة معتمدة في ذلك على حنكة الملك عبدالله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين وديبلوماسيتها النشطة وثقلها على المستويين العربي والدولي والأجواء السياسية التي هيأتها نجاح الرياض في جمع الفرقاء الفلسطينيين على طاولة الحوار بعد احتقان دام لأشهر على الساحة الفلسطينية وصولا إلى اتفاق مكة الذي أفضى إلى تشكيل حكومة وحدة فلسطينية وهو ما جعل مراقبون ينظرون إلى المملكة بعين الأمل في قدرتها على تحريك الجامد من الواقع السياسي العربي إلى اتفاقات ذات أثر ملموس غير أن المهم من كل ما سبق أن القمة العربية المقرر عقدها في الرياض خلال يومي الأربعاء والخميس بمشاركة فاعلة من اليمن تنعقد في ظل واقع عربي وإقليمي ودولي غاية في التعقيد , فالمشكلة العراقية شبه اليومية بملامح وأشكال الأزمة الطائفية والاقتتال اليومي وتبعات الاحتلال الأمريكي البريطاني تبرز كواحدة من أهم القضايا التي سيكون على القادة العرب ليس مناقشتها فقط بل وأنه يكون لهم دور الآن وخاصة إذا ما انسحبت القوات الأمريكية من العراق عام 2008م في المشاركة في إيجاد حلول تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في هذا البلد وانهاء الاقتتال الطائفي ووقف العنف واخماد خلايا الارهاب وتصفية الآخر بالهوية سواء كانت طائفية دينية أوسياسية , وقبل ذلك وهي القضية الأسخن والتي ستكون محل اختبار لارادة القادة العرب ودعمهم للحكومة الفلسطينية الوليدة وكسر الحصار وتقديم الدعم للفلسطينيين إلى غير ذلك من المواضيع المتعلقة مباشرة بالصراع العربي الاسرائيلي ومبادرة السلام العربية وتقرير مصيرها . حيث كشفت صحيفة الوطن السعودية " إن من أهم المواضيع التي ستتم مناقشتها خلال هذه القمة الوضع في العراق والملف اللبناني والملف النووي الإيراني، بالإضافة إلى مواضيع أخرى كالصراع في الصومال. لكن القضية الأبرز في نظر الصحيفة ستكون قضية الصراع العربي الإسرائيلي التي يتوقع أن تأخذ الحيز الأكبر من نقاشات القادة العرب باعتبارها القضية المركزية في المنطقة، والتي يستند إلى حلها مفتاح حل جميع القضايا الإقليمية الأخرى تقريبا. وتوقعت أن تعيد القمة المقبلة تبني المبادرة العربية التي أقرها مؤتمر بيروت عام 2002، بقوة دون أي تعديل في بنودها، وخاصة فيما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين والانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967. وقالت الصحيفة إن القمة العربية القادمة تحمل أعباء من نوع جديد بعد أن بدأت بذور صراع طائفي تظهر بقوة في العراق وتهدد بالتوسع نحو دول المنطقة الأخرى ما لم يتم التعامل معها وإلغاء أسبابها، وتقديم فرصة لتحقيق تقدم في الملف اللبناني وإعادة الحد الأدنى من الوفاق العربي. وخلصت إلى أن التحدي الأهم يكمن في نجاح هذه القمة في إيجاد وسيلة لإعادة الحياة لملف السلام بالشرق الأوسط من خلال إقناع العالم بأن المبادرة العربية هي وحدها القادرة على إيجاد أرضية حقيقية للسلام، وأنها هي الحد الأدنى الذي يقبل به العرب من أجل إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل. وفي مقابل ذلك هناك القضية اللبنانية وملف دارفور وكيفية الخروج بالسودان من تبعاته والحد من التدخلات الخارجية في جعل هذه القضية منفذا للتدخل في الشئون الداخلية السودانية وفرض سياسة دولية على الخرطوم تتحكم في ارادته وتوجه قراراته صوب مصالح خارجية. كما أن انعقاد قمة الرياض يأتي والملف الايراني الخليجي محمل بقضايا أبرزها جزر الاماراتالمحتلة من قبل ايران ومشروع الملف النووي الايراني والآلية التي سيتخذها قادة العرب في تحديد شكل العلاقة مع ايران مستقبلا اذاما نجحت في برنامجها النووي حتى النهاية والمخاطر المحتملة نتيجة ذلك وانعكاساته على الأمن الخليجي والعربي بشكل عام يضاف ذلك إلى ملفات أخرى قديمة جديدة كالقضية الصومالية واعادة اعمار الصومال خاصة وأن كان هناك مقترح بإنشاء صندوق لإعادة اعمار هذا البلد , والآثار المترتبة على الأوضاع الجديدة في موريتانيا ودعم الديموقراطية الناشئة فيها التي تكللت بانتخاباتها الرئاسية المواطن العربي وهو العين التي تراقب وتقيم وتقبل وترفض في النهاية ما سينتج عن قمة العرب , لأنه لم يعد يقتنع بقمم اصداؤها الإعلامية أكبر من فاعليتها وانعكاسات قراراتها عليه بشكل مباشر مادام يلمس أن لا تأثير لتلك القمم على حاضره ولا على مستقبله وأن كل ما يصدر عنها من قرارات وتوصيات تحول مع الزمن إلى كلام معتاد اشبه بمقالات الرأي على صفحات الجرائد , فالحالة اليوم قد تغيرت والواقع يقول ان لم يكن هناك قرارات فاعلة تنفذ وتتابع وتصبح واقعا ملموسا فلاجدوى من عقد قمة وان لم تعقد في اجواء خالية من خلافات الدول مع بعضها البعض والقادة مع بعضهم البعض فان نتائجها ستكون معروفة سلفا ولذا كانت اليمن من أوائل الدول العربية التي أكدت حرصها على أن كل قمة عربية تعقد لصالح الشعوب العربية وتترجم آمالها وطموحاتها ‘وهو ما نوه اليه وزير الخارجية والمغتربين بأن الجهود التي يبذلها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية، والذي يرأس وفد اليمن إلى اجتماعات القمة ستحقق المزيد من تعزيز العمل العربي المشترك. وقال: إن الرؤية اليمنية حققت نجاحات تمثلت في التعديلات التي أجريت على ميثاق الجامعة العربية وإقامة البرلمان العربي المؤقت واتفاقية الأمن والسلم العربي وفي مجال التنمية البشرية وإنشاء صندوق وبنك عربيين لدعم التنمية ومكافحة الفقر والارتقاء بالبنى التحتية في البلدان العربية.. موضحاً أن الرؤية اليمنية في قمة الرياض ستركز على إيجاد المعالجات للأوضاع والقضايا العربية المختلفة وتعزيز العمل العربي المشترك وحل الخلافات البينية وإيجاد تحرك عربي داعم للصومال وحكومته الانتقالية . وأعرب الدكتور القربي عن تفاؤله بنجاح قمة الرياض لأن الظروف الدولية الحالية والجهود التي تبذل لإيجاد المعالجات للأوضاع في فلسطين والعراق والصومال ولبنان تظهر أن هناك تحركاًعربياً سيأتي بنتائج إيجابية بالإضافة إلى أن انعقاد القمة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي عرف بمواقفه القومية وحرصه على وحدة الصف العربي وإسهامه في حل الخلافات بين الفرقاء العرب سيجعل القمة قادرة على تحقيق التوافق العربي وضمان نجاحها. وكان الرئيس علي عبدالله صالح حسب القربي قد أجرى على مدار الأشهر والاسابيع الماضية اتصالات مكثفة مع القادة والزعماء العرب لضمان مستوى عال من المشاركة في القمة وأيضاً بحث الأساليب التي يمكن اتباعها خلال القمة لحل القضايا العالقة سواء على المستوى الثنائي أو القضايا المتعلقة بالمنطقة. وقد حرص الأخ الرئيس خلال استقباله فاروق الشرع نائب الرئيس السوري أخيرا في صنعاء على التأكيد على اهمية العمل على كل من شأنه إنجاح القمة العربية القادمة والخروج منها بالنتائج التي تلبي تطلعات أبناء الأمة وتعزز من اقتدارها في مواجهة كافة التحديات , وشدد على اهمية الالتزام بقرارات القمم العربية السابقة وفي مقدمتها مبادرة السلام العربية المقرة في قمة بيروت ودون أي تعديل لها , مشيرا بان تلك المبادرة تمثل السبيل الأمثل لتحقيق السلام العادل في المنطقة وتعكس الرغبة الحقيقية للعرب في التمسك بخيار السلام وتحقيق التسوية العادلة في المنطقة. وبالرغم من أن المراقبين المتفائلين بنتائج ذات مرود ملموس تنعكس مباشرة على المواطن العربي وخاصة ما يتعلق بالجانب الاقتصادي ووضع حد لمشكلات العراق وفلسطين ولبنان والصومال بدعم حكومته المؤقتة فان المتشائمين من خروج قمة الرياض لا يخفون قلقهم من أن تكون القمة القادمة صورة طبق الأصل لسابقتها من القمم في أن تتحول إلى مهرجان التقاء القادة العرب وسط هالة إعلامية ضخمة تنتهي بقرارات معتادة لا تجد تنفيذا ولا متابعة , لكن الأمل مع نظرة هؤلاء يظل قائما ونجاح القمة من عدمها يبقى مرهونا بقادم الأيام لإثبات جدية القيادات العربية في تغيير الواقع العربي الحالي وتحقيق ولو نسبة معقولة من مطالب الشعوب العربية من قادتها وتحويل الحلم العربي بتضامن حقيقي ووحدة صف إلى واقع.