تثير المواقف والتصريحات الصادرة عن أحزاب وقيادات اللقاء المشترك تجاه المؤسسة العسكرية والأمنية مخاوف عديدة حيال الرؤية السياسية التي تحملها هذه الأحزاب تجاه هذه المؤسسة الوطنية . وتزداد المخاوف مع حملة التصعيد العدائية التي تشنها أحزاب وقيادات المشترك تجاه تلك المؤسسة وهي الحملة التي بدأت منذ فترة طويلة وتصاعدت حدتها منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية والمحلية التي شهدتها اليمن العام الماضي لتصل ذروتها خلال الأشهر الأخيرة. ووصلت عدائية المشترك وقياداته تجاه مؤسسة الجيش والأمن حد تكرار تغيبها عن حضور أي مناشط أو فعاليات تخص المؤسسة العسكرية والأمنية كما حدث الأسبوع الماضي حيث تغيبت قيادات المشترك عن حضور حفل تخرج دفع من الكليات العسكرية. وعلى الرغم من تحريم القانون للعمل الحزبي في إطار المؤسسة العسكرية والأمنية ،فضلاً عن التصريحات والمواقف الرسمية لقيادة البلد السياسية التي أكدت مراراً على أن المؤسسة العسكرية والأمنية هي حزب الوطن . ولا تقف تأكيدات رئيس الجمهورية على أن المؤسسة العسكرية والأمنية هي مؤسسة الوطن والشعب على التصريحات في المحافل الرسمية بل أن تلك التأكيدات تكررت حتى خلال الاجتماعات التنظيمية للمؤتمر الشعبي العام ،فخلال الدورة الثانية للجنة الدائمة الرئيسية للمؤتمر الشعبي العام المنعقدة في (25-26) أغسطس الماضي ورداً على تساؤل طرحه أحد أعضاء اللجنة مستفسراً عن عدم تعاون القيادات العسكرية والأمنية مع القيادات التنظيمية للمؤتمر في المحافظات رد الرئيس بالقول : إن الجيش والأمن هما مؤسسة الوطن وليس مؤسسة حزبية تابعة للمؤتمر الشعبي العام . بل إن الرئيس علي عبد الله صالح الذي كان يدير الجلسة رفض بعد ذلك فتح النقاش حول هذا الموضوع تماماً . المشترك ,, نماذج لعداء الجيش والأمن وفي المقابل يظهر التناقض الواضح بين مواقف وتصريحات القيادات الحزبية المعارضة في المشترك من الجيش والأمن وبين محاولات المزايدة التي تكررت مع كل عملية انتخابية . ففي الوقت الذي حاولت فيه قيادات المشترك إظهار وقوفها إلى جانب قوات الجيش والأمن وتكرار المطالب برفع مرتبات أفرادها بنسبة (100%) إلا أن تلك المطالب لا تتعدى نطاق المزايدات الانتخابية . وتؤكد التصريحات والمواقف الرسمية لأحزاب المشترك وقياداتها عكس ذلك تماماً حيث تتكرر التصريحات والمواقف العدائية للجيش والأمن من قبل تلك الأحزاب حد .تصوير أفراد الجيش والأمن وكأنهم أعداء لتلك الأحزاب . وتذكر تصريحات المشترك المتتالية وجود حملة إعلامية حزبية منظمة تستهدف المؤسسة العسكرية والأمنية ، ففي ندوة لمنتدى التنمية السياسية في أبريل الماضي هاجمت قيادات المشترك المؤسسة العسكرية والأمنية معتبرة أنها مؤسسة تستخدم لتكريس سلطة الاستبداد . وقال القيادي الإصلاحي محمد قحطان : هذه المؤسسة الوطنية قدمت خيرة ابنائها دفاعا عن حق الشعب اليمني في الحرية والديمقراطية والاستقلال، هذه المؤسسة الوطنية التي تعتبر سليل لهذا النضال التحريري اعتقد أنها جديرة أن تنأى بنفسها ان تتحول الى آلة بيد مستبد يستخدمها لتحقيق نزواته ورغباته الشخصية. وعلى ذات المنوال هاجم القيادي الاشتراكي علي الصراري الجيش والأمن – في ذات الندوة بالقول انه يتم استخدام القوات العسكرية لضرب منافسين الحاكم والتحكم بالمال العام لصالح شخص معين أو حزب معين وتحويل الإعلام إلى" بغبغاء" لصالح الحاكم وتضليل المجتمع. عضو مجلس شورى الإصلاح- والمحامي محمد ناجي علاو هو الأخر هاجم المؤسسة العسكرية والأمنية حد اتهام منتسبيها بنهب الأراضي و قال: إن الانقلاب العسكري في اليمن غير وارد ، وطمأن السلطة اليمنية في مداخلته من أنه لن يحدث أي انقلاب عسكري, فالعسكر حد قوله " مشغولون بنهب الأراضي والتمكين لأبنائهم". وشنت وسائل إعلام المشترك خلال الأسبوع الماضي حملة تحريضية عدائية ضد قوات الجيش والأمن حيث أطلقت مواقع الإصلاح والاشتراكي إتهامات عديدة لقوات الجيش والأمن بممارسة القمع وإنتهاك حقوق الخارجين في المسيرات . حيث اتهم فتحي العزب رئيس الدائرة الإعلامية بالتجمع اليمني للإصلاح المؤسسة العسكرية بتوجيه الرصاص الحي إلى صدر الشعب ، مشيرا إلى أن معسكر بالكامل من الحرس الجمهوري قام بإفشال "مهرجان" "صيفنا نضال" بالجند منذرا بما اسماها الثورة الشعبية. وعلى ذات المنوال نقل موقع الاشتراكي عما سماه احزاب ومنظمات عدن تبريرات لاعمال الشغب بالقول انها بسبب تدخل المؤسسة العسكرية والامنية في الحياة المدنية وتزايد قبضتها الحديدية على مجرى الحياة العامة في البلاد. اللقاء المشترك بذمار اتهم قائد لواء الحرس الجمهوري بالمحافظة بالاعتداء على مواطن نتيجة انتقاده ل " اليمن الجديد " أثناء وقوفه في طابور للحصول على كيس قمح من المؤسسة الاقتصادية اليمنية أمس حسب زعمهم . وفي حين نفى قائد لواء الحرس الجمهوري بذمار اتهامات المشترك طالب المشترك في بيان صادر عنه بالتحقيق مع قائد لواء الحرس الجمهوري ومرافقيه وإحالتهم للقضاء وان قائد لواء الحرس الجمهوري استقوى بسلطته ومرافقيه المدججين بالسلاح مما يعد مواصلة لحملة الاستهداف التي تشنها أحزاب المشترك للمؤسسة العسكرية والحرس الجمهوري تحديداً كما حصل الاسبوع الماضي حين اتهم معسكر الحرس الجمهوري بتعز بمحاصرة منزل المهرج فهد القرني . ولم ينسى البيان تحريض منظمات المجتمع المدني اليمنية والدولية على المؤسسة العسكرية على إدانة هذا الاعتداء. وتناسى مشترك ذمار أن صحفه لم تقف عند حد في انتقاداتها وتحريضها على السلطة واركانها من القمة إلى القاعدة وان قائد الحرس الجمهوري بذمار ليس بحاجة لإسكات مواطن انتقد وضعا في بلد ديمقراطي في حين اشتعلت صحف وإعلام المشترك الدنيا ضجيجاً وشتماً ولم تقابل بقوات الحرس الجمهوري. أسباب عدائية (الإصلاح والاشتراكي) للجيش والأمن: ولعل تفسير أسباب هذا العداء يستدعي التذكير بالماضي التاريخي للأحزاب المنضوية في إطار المشترك خصوصاً التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي. فالتجمع اليمني للإصلاح وهو فرع لحركة الإخوان المسلمين في اليمن لا يختلف في نشأته.وأيدلوجيته الفكرية عن بقية الأحزاب الإسلامية في العالم العربي والإسلامي التي استمدت من مفاهيم الجهاد وبناء الميليشيات المسلحة وسائل في مساعيها للاستيلاء على السلطة. وحزب الإصلاح لا يختلف في تكوينه وبنائه عن بقية الأحزاب الإسلامية فهو يمتلك ميليشيات مسلحة ومدربة على اللجوء إلى أساليب العنف المسلح في أي وقت ، و تعد مشاركة ميليشيات الإصلاح في حرب الانفصال دليلاً على النهج الذي يعتمده الإصلاح في مسار عمله السياسي . وتزداد تأكيدات استمرار ذات النهج لدى الإصلاح خصوصاً وأن معظم -إن لم تكن جميع قياداته العليا -من القيادات ذات التاريخ الأمني والعسكري . ولعل وقوف حزب الإصلاح الرافض لقرار حظر السلاح يعكس حقيقة عدم اختلاف الإصلاح عن بقية الحركات الإسلامية التي تعتبر من الميليشيات المسلحة وسيلة لسيطرتها على السلطة في حال وصلت إليها . الحزب الاشتراكي اليمني لا يختلف في اعتماده على جانب الميلشيات المسلحة في السيطرة على السلطة بل ان الأحزاب الاشتراكية في العالم ومنها الحزب الاشتراكي اليمني اعتمدت على دمج الجيش والأمن في هياكل الحزب إلى درجة تماهي الحزب والجيش والدولة في هيكل واحد هو الهيكل الحزبي الذي يعتمد على القوة المسلحة في السيطرة وإدارة البلد ., ويتذكر الجميع الماسي التي شهدها جنوب الوطن –قبل الوحدة- نتيجة الصراعات المسلحة التي حكمت عمل الحزب الاشتراكي اليمني ولعل أحداث 13 يناير 1986 لا تزال تمثل الدليل الأقوى على الايديولوجية التي اعتمدها الاشتراكي في تصفية الخلافات داخل اطره الحزبية . وكانت صحيفة الثورة الرسمية هاجمت في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي التعبئة الحزبية الخاطئة ضد أبناء القوات المسلحة والأمن وكذا مقاطعة قيادات المشترك لأية فعالية تخص المؤسسة العسكرية والأمنية وآخرها الاحتفال البهيج الذي أقيم بالكلية الحربية يوم الاثنين بمناسبة تخرج عدد من الدفع الجديدة. وقالت أنها ليست المرة الأولى التي تتوارى فيها وجوه تلك القيادات ضيقة الأفق عن المشاركة في مثل هذه الاحتفالات رغم علمها "بأن المؤسسة العسكرية والأمنية هي مؤسسة الشعب والوطن كله، ولاؤها أولاً وأخيراً لليمن، وليست مؤسسة حزبية تتبع هذا الحزب أو ذاك. وأضافت أن المثير للدهشة والاستغراب أن نجد تلك القيادات الحزبية تناصب القوات المسلحة والأمن العداء في حين أن هذه المؤسسة الوطنية هي من تحميهم وهي من وفرت لهم الأمن وهيأت لهم مناخات الظهور وممارسة العمل السياسي والحزبي في العلن وسط أجواء آمنة ومستقرة طيلة السنوات الماضية. متسائلة "فهل يريد إخواننا في الإصلاح كياناً بديلاً من المليشيات المؤدلجة بفكرهم الماضوي حتى يستطيعوا تبعاً لذلك فرض منهجهم الذي يؤمنون بافضليته المطلقة على أي منهج آخر. أم أنه قد أغراهم ما قام به ظلاميون في بعض الساحات العربية فتصوروا أن بإمكانهم الانقلاب على الديمقراطية بدءاً بإفساد مناخاتها؟!". وتابعت "وهل يريد الرفاق في الحزب الاشتراكي العودة باليمن إلى عهد الشمولية والفكر الشيوعي الماركسي الإلحادي الذي مارس أبشع أنواع القمع والتنكيل والتصفيات للكثير من الثوار والمناضلين والمثقفين والسياسيين والعلماء وغيرهم من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية" ، أم أن أحزاب المشترك مجتمعة تنطلق في خصومتها للمؤسسة العسكرية والأمنية من حقد دفين على هذه المؤسسة الوطنية التي حملت على عاتقها مسؤولية الحفاظ على أمن واستقرار الوطن والمجتمع، وحماية الدستور والنظام والقوانين من الانتهاكات والتجاوزات والحيلولة دون تحويل الديمقراطية إلى أداة للهدم والتخريب وتعطيل حركة التطور والتقدم والبناء. * رئيس تحرير المؤتمرنت: