هذا هو اعتذاري للاستاذ الدكتور احمد الحضراني رئيس جامعة ذمار ولأهلي واصدقائي في محافظة ذمار، لعدم حضوري تكريم علم من أعلام اليمن هو الاستاذ محمد عبدالوهاب جباري، من قبل الجامعة ومنتسبيها. لقد منعتني ظروف متعلقة بعملي، وكنت الحريص على الحضور والمشاركة وان كان البعض سيرى أن شهادتي مجروحة، كما هو شأن من ينظر الى الشهادة مع قريب اوصديق، كنت الحريص على التحدث عن تلميذ والدي واستاذي والصديق الحميم لصديقي الحميم الاستاذ الشاعر عبدالله البردوني رحمه الله ، كما انا الحريص على الحديث عمن احسن الي ووقف بجانبي في وقفة انسانية مساوية لوقفة مشابهة كان انسانها الصديق العزيز عبدالرحمن محمد علي عثمان، وأنا بحاجة الى الصديق الانسان.. يبدو ان الفرص الجميلة تمر من فوق الانسان كالسحاب التي لا يستفاد منها، فقبل ما يزيد عن شهرين، لم اتمكن من تلبية دعوة كريمة من وزير الثقافة السوري الى دمشق للمشاركة في حفل تكريم صديقي المبدع وشريكي في أحد عشر عملاً فنياً الموسيقار سهيل عرفة. وبقدر ما كنت الحريص على الحديث عن صديقي الموسيقار الذي ملأ العالم العربي بالحانه الجميلة، كنت المتشوق الى الحديث امام الاستاذ محمد جباري استاذي وصديقي الذي تميز باشياء كثيرة كما هو شأن القادرين على التميز. كنت مشتاقاً لرؤيته بعد أن غيّبه المرض مدة طويلة والوقوف أمامه مستهلا حديثي بالقول: إن كان للاقتصاد اليمني أب فهذا ابوه، وأشير الى محمد جباري.. وان كان للاقتصاد اليمني من وضعوا قواعده فهذا واحد من ابرزهم وان كان لكل بلد من الرجال من يفخر ويفاخر بهم فهذا واحد ممن نفخر ونفاخر بهم. هو الرجل الاقتصادي القادر على الافادة من علمه المتمازج مع حبه لوطنه ومن بين يديه وثنايا قلمه توهجت مشاريع كبيرة، البنك اليمني للانشاء والتعمير ،شركة المخا للزراعة، شركة الخطوط الجوية اليمنية، وغيرها من المشاريع الاقتصادية التي كان له شرف الاسهام في تأسيسها كقطاع مختلط او قطاع خاص. وهو الاقتصادي والمسؤول الذي سبق ولمح أهمية الاستثمار وشراكة الرأسمال العربي، وجلب الاستثمار الكويتي والسعودي الى اليمن. هو الرجل الذي جمع بين علوم الأقدمين والمحدثين فهو الاديب والفقيه والاقتصادي والسياسي والمسؤول القيادي والمثقف المطلع ومن لم يقطع الصلة بالنكتة الذمارية الهادفة والمركبة. هو الانسان وصاحب السماحة والفضيلة التي تمنيت ان يتعلم منه رجال الدين.. وهو المستوعب لعصره وجديده والتعامل مع الآخرين، كان المسؤول في الدولة القيادي في حزب التجمع اليمني للاصلاح.. وعندما عرف عام 1990 أنني من القيادات الوسطية للحزب الاشتراكي اليمني «بأمانة العاصمة» ظلت علاقتي وصداقتي به كما هي، ويستمع الى قصائدي المعارضة المجموع بعضها في ديواني «قراءات في كهف افلاطون» بنفس الاهتمام والتفاعل، ويقرأها في مجلسه أو مقيله. كنت أتحدث معه كرجل متدين وقيادي في حزب الاصلاح ولا أجد داخله الاّ رجلاً معتزلياً، واقتصادياً سبقته رؤيته، هذه الرؤية الاقتصادية المطروحة في إطار العولمة. هذا هو محمد جباري باختصار وكم اتمنى من جامعة ذمار أن تصدر كتاباً يليق ويقوى على التعريف به.