من أهم ما خرج به اللقاء الذي جمع يوم أمس فخامة الرئيس علي عبدالله صالح - بالإخوة قيادات المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المجلس الوطني للمعارضة وكذا حزبي البعث العربي الاشتراكي القومي ورابطة أبناء اليمن «رأي» هو الإقرار بأهمية الاصطفاف الوطني في هذه المرحلة الوطنية الحساسة وتعزيز قاعدة الشراكة في تحمل مسؤولية بناء الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته ومصالحه العليا. وفي هذا الطرح ما يجسد حقيقة انه ومتى ما التقت الإرادات على قاسم مشترك فإن المواقف المتباينة والطروحات المتعارضة والرؤى المتناقضة لا يمكن لها أن تصبح عائقاً يحول وقيام تحالف وطني بين مختلف المكونات السياسية والحزبية طالما كانت مرجعية الجميع هي الثوابت الوطنية وفي مقدمتها الدستور ومبادئ الثورة والجمهورية والوحدة الوطنية والديمقراطية واحترام إرادة الشعب.. حيث يصبح التباين والاختلاف في وجهات النظر في ظل التعددية الحزبية والسياسية عاملاً من عوامل التقارب والتلاحم لا القطيعة والخصام، فمن خلال الحوار وآلياته تذوب المسافات وتتلاقح الأفكار ويتحقق التوافق حول الرؤية الوطنية الجامعة. وبلا شك فقد حرص فخامة الرئىس علي عبدالله صالح خلال لقائه بتلك القيادات الحزبية على إحياء وتكريس مثل هذه القيم الديمقراطية بالتلازم مع إبرازه للأسس الموجبة لعملية الاصطفاف الوطني عن طريق استعراضه بشفافية عالية للقضايا المطروحة على الساحة الوطنية وأهمها ما يتصل بمشروع التعديلات الدستورية ومشروع تعديل قانون الانتخابات وتطورات الأوضاع في محافظة صعدة وما تقوم به الدولة من إجراءات لإنهاء وإخماد الفتنة التي أشعلتها العصابة الإرهابية التابعة للمتمرد الحوثي، وكذا العناصر الخارجة على النظام والقانون والتي تعمل على إثارة النزعات المناطقية الضارة بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي في بعض مناطق المحافظات الجنوبية. والأخ الرئىس بهذا النهج الشفاف إنما أراد وضع الجميع في صورة ما يجري وما يعتمل على الساحة الوطنية لإشراكهم في الجهود التي تضطلع بها أجهزة الدولة من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة وبسط سلطة النظام والقانون في المناطق التي حاولت بعض العناصر الظلامية والفوضوية والارتدادية زعزعة الطمأنينة والسكينة العامة مستغلة مناخات الديمقراطية لتحقيق مآربها الدنيئة والتكسب والارتزاق على حساب الوطن وأبنائه عبر ما تحصل عليه من دعم ومال مدنس من جهات خارجية تقوم بتصفية حساباتها على الساحة اليمنية من خلال أولئك النفر الذين لا يمثلون سوى أنفسهم ومن يسخرونهم لممارسة ذلك الدور الكريه. وانطلاقاً من كل ذلك فإن الواجب الوطني يفرض على جميع المصفوفة السياسية والحزبية والاجتماعية استشعار مسؤولياتها نحو وطنها وأمنه واستقراره والإدراك العميق أن التنافس الديمقراطي لا يعني بأي حال من الأحوال الخصومة مع الوطن والعمل بمقولة « عليَّ وعلى أعدائي»، فالظروف الراهنة لا تحتمل مثل هذه السلبية باعتبار ان الوطن هو وطن الجميع وعليهم أن يجعلوا من مصالحه العليا الإطار الذي يرسم حدود المصالح الشخصية والحزبية وصولاً الى ما يجنب بلادنا وشعبنا مخاطر الاندفاعات غير المحسوبة التي تقود البعض بقصد أو بدون قصد إلى التصرف خارج نطاق المسؤولية دون وعي بالعواقب الوخيمة المترتبة على هذه الممارسات والتي يتسلل منها الحاقدون ومرضى النفوس لإثارة نوازع التعصب والضغائن والأحقاد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. وعلىه فقد جاء تحذير فخامة الرئىس يوم أمس من استشراء ثقافة الكراهية والأحقاد منطلقاً من حرصه الشديد على كل ما يؤمن للوطن ضمانات الأمن والاستقرار والتطور والرخاء ويوفر لأبنائه مقومات الحياة الكريمة، وبالتأكيد فإن مواجهة هذا الوباء يقتضي توثيق عرى الوحدة الوطنية والاصطفاف الديمقراطي الذي ينأى بالوطن والمجتمع عن كل ما يتربص به من مخاطر ودسائس ومكائد أو أية احتمالات عارضة أو استثنائىة، وليس هذا وحسب بل إن الاصطفاف الوطني يصبح أمراً ضرورياً لإسقاط رهانات من يسعون إلى إثارة الفتن والقلاقل ويتحينون الفرصة للانقضاض على الوطن ومكتسباته وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.. بعد أن استوطنت في قلوبهم نوازع الحقد على هذا الوطن وأبنائه وأدمنوا التآمر وبواعث الشر إلى درجة صاروا معها لايحلو لهم العيش إلا في هذه الاجواء المحتقنة بالخبث والخيانة. وفي مواجهة كل ذلك علينا بالمزيد من الاصطفاف والتلاحم لحماية الوطن وصيانة مسيرته المكللة بالخير والنماء.