تتواصل الجهود والتحضيرات الخاصة بإجراء الانتخابات النيابية القادمة التي بات من المؤكد أنها ستجرى في موعدها المحدد في السابع والعشرين من إبريل 2009م في مناخات حرة ونزيهة وشفافة كاستحقاق دستوري وديمقراطي كبير يهم أبناء الشعب اليمني بكافة فعالياته السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها باعتبار أن الشعب اليمني هو صاحب المصلحة الحقيقية في الديمقراطية التعددية التي اختارها عن قناعة راسخة كنهج حضاري يتجسد فيه مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وبعيداً عن اللجوء لأساليب التآمر والانقلابات والعنف والالتفاف على الإرادة الشعبية الحرة وهي الأساليب التي لم يعد لها من مكان على أرض يمن ال22 من مايو العظيم. وانطلاقا من ذلك فإن على الجميع في السلطة والمعارضة وخارجهما الاستعداد لاستحقاقات هذه المرحلة الديمقراطية التي تتطلب منهم جميعاً وعياً سليماً بحقائق الديمقراطية التعددية. وحيث ينبغي ان يتنافس الجميع التنافس الشريف عبر البرامج الانتخابية لنيل ثقة الناخبين ومن ثم السعي لترجمتها في الواقع العملي من خلال التواجد في المؤسسة التشريعية وتحت قبتها. إذ لا مجال اليوم لأن يفرض أي طرف من أطراف العملية السياسية رؤاه وأجندته بعيداً عما تفرزه نتائج الانتخابات والتي هي المحك الحقيقي لأن ترى تلك الرؤى والأجندة طريقها للتنفيذ الفعلي في واقع الوطن الذي ينبغي ان يعمل الجميع من أجل تحقيق مصالحه ووضعها فوق كل اعتبار ذاتي أو حزبي. ومن مصلحة الجميع ان تتضافر الجهود الوطنية من أجل خلق الأجواء الودية والأخوية والابتعاد عن أجواء التوتر والمشاحنات والمكايدات أو التمترس وراء المواقف المتصلبة أو العناد الشخصي والحسابات الخاطئة فالجميع في سفينة واحدة والوطن ملك الجميع دون استثناء ويفرض الواجب الوطني والأخلاقي على الجميع الاستشعار العالي بالمسؤولية بما يجنب الوطن أية أضرار أو خسائر محتملة وتفويت الفرصة على تلك العناصر الموتورة أو المريضة من خارج منظومة العمل السياسي والتي تسعى إلى دفع الوطن إلى تلك المنزلقات خاصة وهي من ظلت تتربص بهذا الوطن وبمنجزاته السياسية والديمقراطية والتنموية وغيرها تحركها نوازعها المريضة وأحقادها الدفينة ضد الجميع والإضرار بهم مردّدة في أعماقها تلك المقولة الشمشونية الشهيرة «عليّ وعلى أعدائي يارب». ولهذا فإن المصلحة الوطنية العليا تقتضي أن تدرك كافة أطراف منظومة العمل السياسي في الساحة الوطنية تلك الحقائق وان تتضافر جهودهم على قاعدة الاصطفاف من أجل تهيئة الأجواء الهادئة والمناخات الملائمة لخوض الاستحقاق الدستوري والديمقراطي الهام والمتمثل في الانتخابات النيابية القادمة والمنتصر الأكبر في كل ذلك هو الوطن حيث أن من سيفوز في النهاية في هذه الانتخابات أو في غيرها مستقبلاً أياً كان هذا الفائز هو واحد من أبناء هذا الوطن الذي يتسع لجميع أبنائه بغض النظر عن الحزب الذي ينتمون إليه. ومما لاجدال فيه أن الحزبية في جوهرها ليست غاية في حد ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق الأهداف والتطلعات الوطنية المنشودة ومرتكز للعمل الديمقراطي السلمي التعددي والذي يتنافس في ظله الجميع بالبرامج السياسية عبر صناديق الاقتراع ومن يقتنع الشعب ببرنامجه ويمنحه الثقة للحصول على الأغلبية البرلمانية لتنفيذ ذلك البرنامج وتحمل مسؤوليته في الحكم، فإن على البقية واجب احترام تلك الإرادة ومواصلة السعي عبر المسلك الصحيح للمعارضة والمعترك الانتخابي المتجدد لكسب ثقة الجماهير وإقناعها بجدوى أطروحاتهم ورؤاهم وبرامجهم والحصول على أصواتهم في صناديق الاقتراع وذلك هو أساس وجوهر العملية الديمقراطية التعددية التي تصبح لا معنى لها ولا قيمة إذا ما افتقدت لتلك المحددات. وبالتالي فإن كل صاحب منطق سليم وعقلاني ينبغي له أن يؤمن بذلك ويعمل من أجله وإلا فهي الخسارة للوطن وللجميع وهو ما لا يجب أن يكون بأي حال من الاحوال والله الموفق.