الانتخابات هي جوهر العملية الديمقراطية الحقيقية وبها يتجسد مبدأ التداول السلمي للسلطة المحوري للنظام الحزبي التعددي، ومشروعية الانتخابات ونتائجها لاتستند الى رغبة وارادة حزب او مجموعة احزاب، بل الى الدستور والقانون الذي بموجبه يعبر الشعب عن ارادته في حكم نفسه بنفسه عبر صناديق الاقتراع..كما ان تلك المشروعية لاتستمد من اعتراف هذه الجهة الخارجية أو تلك، بل من الشعب الذي هو مصدر السلطات وصاحب المصلحة الحقيقية من الممارسة الديمقراطية وبهذا المعنى فإن الانتخابات هي للشعب، وليس للاحزاب.. فالاحزاب ليست إلاَّ وسيلة للممارسة السياسية والديمقراطية والتعبير عن الرأي والمواقف اذ ان الاحزاب ليست غاية الديمقراطية بحد ذاتها، بل الديمقراطية هي إنبثاق النظام السياسي المؤسسي من الشعب.ومن هنا نقول لمن يسعون الى تعطيل الانتخابات تحت ذرائع ومبررات وشروط تعجيزية انما يرمون الى استنزاف الوقت والمواعيد الزمنية القانونية الخاصة بتحضيرات العملية الانتخابية واجرائها في موعدها المحدد طبقاً للقانون، وبغيتهم الوصول الى مأزق المشروعية الدستورية، ومن ثم الدخول في حلقة جديدة من المساومة السياسية خارج إطار الدستور والقانون بالالتفاف على الارادة الشعبية الحرة المعبر عنها بصناديق الاقتراع.إن من سيلجأون الى خيار التخلف عن الركب الديمقراطي، والانزواء السياسي بعيداً عن خيارات الشعب لاشك انهم سوف يخسرون كثيراً بهذه المواقف غير المدروسة والمتسرعة، وسيجدون انهم وضعوا انفسهم في مأزق حقيقي بتعميق عزلتهم في المجتمع.. ليلفظون خارج نطاق الحلبة الديمقراطية، وحيث ينبغي ان يتنافس الجميع في إطارها تنافساً سلمياً بالبرامج والرؤى لنيل ثقة الجماهير، وتحقيق الاهداف المرجوة والمنشودة في اطار التزامها باحترام الدستور والقانون وقواعد الممارسة الديمقراطية التعددية المتعارف عليها في جميع الأنظمة الديمقراطية.. ويبقى التأكيد بأن الانتخابات النيابية القادمة ستجرى في موعدها، وعلى ذلك النحو الذي تحدث به فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح خلال لقائه يوم أمس بمدير المعهد الديمقراطي الامريكي.. مشدداً بأن اجراءها في موعدها المحدد يوم ال27 من ابريل القادم الزاماً قانونياً لايحتمل التأجيل باعتبار الانتخابات البرلمانية استحقاقاً وطنياً دستورياً للشعب ينبغي يعمل الجميع من اجل نيله وخوض معتركه بايجابية بعيداً عن أية حسابات ضيقة وخاطئة لاتستقيم مع حقائق الواقع، وتتصادم مع الدستور الذي استفتى عليه الشعب ليكون عقداً اجتماعياً ملزماً للجميع، ولامجال للخروج عنه أو تجاوزه تحت أي مبرر كان وهذا مايتوجب ادراكه واستيعابه ممن يسعون الى تعطيل العملية السياسية الديمقراطية، وآن الأوان ان يفهموا ان الانسياق في هذا الاتجاه قد بلغ مداه، وعليهم مراجعة مواقفهم وتصويبها لأن فيها مصلحتهم ومصلحة الشعب وابنائه في الحاضر والمستقبل.