بدت الفرحة واضحة في كل أرجاء العالم فجر أمس الأربعاء بفوز المرشح الديمقراطي الأسمر (باراك أوباما) برئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولم تقتصر الفرحة على شعب من الشعوب بل امتدت إلى كل قارات الدنيا بصورة غير مسبوقة وكأنه سينتخب رئيسا للعالم وليس لبلده فقط ولو أن بلده هذا هو أكبر وأغنى وأقوى بلدان الأرض قاطبة... والأكيد أن هذا التعاطف الشعبي العالمي معه هو بسبب أصوله الإفريقية وصموده وقوة إرادته في بلد لم يعط أقرانه حقوقهم كاملة إلا منذ أكثر قليلا من أربعة عقود، لكن الأكيد أيضا أن هذا التعاطف الشعبي العالمي معه هو نتاج الكراهية العميقة من كل شعوب العالم تجاه الرئيس الأمريكي الحالي المنتهية ولايته جورج بوش الإبن واعتبار هذه الشعوب أن المرشح الجمهوري (جون ماكين) ليس إلا امتدادا لحقبة بوش في حال فوزه! لم يتمن العالم كله وفي مقدمته الشعب الأمريكي رحيل رئيس من كرسي الحكم كما تمنى رحيل بوش، ولذلك كان هذا النجاح الساحق للمرشح الديمقراطي باراك أوباما ليس على الصعيد الشعبي فقط بل كذلك على مستوى الهيئة الناخبة التي حصل فيها على ضعف الأصوات التي حصل عليها ماكين وهو فارق هائل غير مسبوق... لكن ماكين أثبت أيضا أنه منافس جدير بالمنافسة عندما ألقى كلمة الإقرار بالهزيمة فأشاد بأوباما وطلب من الجميع الاصطفاف وراءه والوقوف إلى جانبه... وليت ساسة العالم الثالث يتعلمون منه عندما يسقطون في الانتخابات! لا ننتظر من أوباما خيراً كثيراً على العالم الذي انتظر فوزه بفارغ الصبر لكنا على الأقل قد نعيش عالما أقل توترا وأقل عصبية وأقل ضغينة وأقل عنفا وسنجد الكثير من الانفراجات الضرورية سياسيا واقتصاديا... كما يمكنه أن يعيد للولايات المتحدة الكثير من رونقها الذي ضاع بفعل رعونة الرئيس بوش وأوهامه ومعتقداته الصهيونية المتعصبة... ومن حق الرئيس المنتخب أن يأخذ الوقت الكافي حتى يحكم عليه العالم فالإرث الذي سيتركه له سلفه داخليا وخارجيا أصعب من أن يتم معالجته في وقت سريع أو محدود!