تحرك جديد يقوم به فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في إطار الجهود الحثيثة والمتواصلة التي يبذلها على مختلف الأصعدة من أجل وقف العدوان الإسرائيلي البربري على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لإدراك الجميع بأن قرار إسرائيل الأحادي بوقف إطلاق النار والذي أعلنت عنه في ساعة مبكرة من صباح اليوم ليس سوى مجرد فخ أرادت به ذر الرماد على العيون ومحاولة التشويش على قمة الكويت، بدليل أن ذلك القرار الإسرائيلي لم يحدد موعداً لانسحاب القوات الغازية من قطاع غزة ولم يلب المطلب الفلسطيني بفك الحصار عن غزة وفتح المعابر. ويكتسب التحرك اليمني الجديد أهميته من كونه الذي يربط بين الجهدين العربي والإسلامي ويؤكد على حقيقة أن قضية فلسطين ليست قضية عربية فقط بل هي قضية الأمة الإسلامية بأكملها، وأن ما يجري اليوم من أحداث وتطورات وعدوان يقتضي من جميع الدول العربية والإسلامية العمل سوياً في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية وممارسة الضغط على قادة الكيان العنصري بشتى الوسائل وعلى مختلف المستويات لإجباره على التخلي عن سياسته الإجرامية ومجازره الوحشية التي يرتكبها بدم بارد بحق المدنيين الأبرياء في قطاع غزة وإنهاء الحصار الجائر الذي يفرضه على أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني. ويتعزز طابع الأهمية في دعوة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح يوم أمس إلى قمة إسلامية وذلك خلال استقباله وزير الاسكان وإعمار المدن الإيراني في ظل إصرار إسرائيل على استمرار محرقتها الدموية في قطاع غزة ورفضها لقرار مجلس الأمن 1860 وكذا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اللذين يطالبانها بوقف المذابح البشعة التي تقترفها ضد الشعب الفلسطيني وسحب قواتها فوراً من غزة ورفع الحصار الظالم. إن الصلف الإسرائيلي بات يعكس الأبعاد الاستراتيجية لسياسة هذا الكيان الذي باتت تسيطر عليه النزعة المنفلتة المدفوعة بغرور القوة والتسلط والإجرام وهو ما نتابع تطبيقاته على الأرض في ما ارتكبته الآلة العسكرية الإسرائيلية من قتل وتدمير وحرب إبادة ومجازر جماعية على امتداد مساحة قطاع غزة مما يؤكد تماماً على أن ما تسعى إليه إسرائيل ليس فقط تصفية المقاومة الفلسطينية عن طريق إبادة الصامدين في وجه غطرستها وفظاعتها بل إنها تعد لما هو أكبر من ذلك وهو تهويد فلسطين والقضاء على رابطتها العربية والإسلامية. ولعل ذلك ما سبق وأن حذر منه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح أكثر من مرة وذلك ما ينبغي التنبه له اليوم من قبل الشعوب العربية والإسلامية عبر الأفعال وليس الأقوال، خاصة أن ما جرى في غزة يشير إلى أن هذا الكيان العنصري ماضٍ في مخططه، ولا يلوح في الأفق أي بصيص من أمل في إمكانية اقتراب الموقف الصهيوني من نقطة المراجعة والتعقل والرضوخ لاستحقاقات السلام ما لم يعد العرب والمسلمون أنفسهم لتحرك حازم عن طريق توظيف المصالح التي يقيمونها مع الدول الكبرى ذات الثقل السياسي والتأثير لما من شأنه دفعها إلى الضغط على إسرائيل وإجبارها على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية وبنفس المستوى من الصرامة التي أظهرتها تلك الدول الكبرى في أماكن أخرى من العالم. فالحقيقة أنه قد آن الأوان لكي تفصح المواقف العربية والدولية عن رفضها للتواطؤ الدولي تجاه الإجرام الإسرائيلي الذي ينتهك كل المواثيق والأعراف الدولية، وإفهام الأطراف المساندة لإسرائيل من أن الواجب الأخلاقي والإنساني يقتضي منها الاضطلاع بمسؤولياتها حيال الفظاعات التي ارتكبها الساسة والجنرالات الصهاينة ضد الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني هي أفعال ندد بها مجلس حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وكذا الصليب الأحمر وغيرها من المنظمات التي تأكدت من أن تلك العصابات لم تكتف بالمجازر الجماعية وتدمير المنازل على ساكنيها وقتل الأطفال والنساء والمدنيين العزل، بل عمدت إلى استخدام الأسلحة المحرمة كقنابل الفسفور الأبيض التي عرضت الآلاف من الفلسطينيين للحروق الغائرة وبتر أطرافهم وإصابة البعض منهم بالعمى والأضرار البالغة، وهي جرائم لا ينبغي لها أن تمر مرور الكرام بل لا بد من ملاحقة المسؤولين عنها ومحاسبتهم أمام محكمة الجنايات الدولية لينالوا جزاءهم العادل على ما اقترفوه من جرائم بحق الإنسانية. ومجمل القول أن العرب الذين سيجتمعون يوم غدٍ في الكويت مطالبون بالحذر من الفخ الإسرائيلي وخديعة قرار وقف إطلاق النار أحادي الجانب والذي استبدل عملية القصف التي ظلت تمارسها آلة الموت والخراب طوال 23 يوماً بإعادة الاحتلال لقطاع غزة وإحكام الطوق والحصار على أبنائه لقتلهم جوعاً وعطشاً. حيث وأن من الفطنة عدم الانسياق وراء هذه «الخديعة» والتركيز على الخروج بقرارات فاعلة وجادة وموقف موحد يتصدى للإرهاب الإسرائيلي وأعمال القتل والهدم والتدمير التي تحيق بأهلنا في فلسطين وهو المطلب الذي يفرض نفسه أيضاً على الدول الإسلامية التي لا بد لها وأن تسارع للالتئام في قمة عاجلة واتخاذ موقف حازم للرد على العنجهية الإسرائيلية وإنقاذ إخوانهم في العقيدة الذين يتعرضون لأبشع حروب الإبادة حيث لم يعد الصمت ممكنا ولا مقبولاً تجاه كيان إجرامي أثبتت كل الشواهد تجرده من كل القيم الإنسانية والأخلاقية، لأن ما تطبع عليه من سلوك إجرامي صار متأصلا في داخله، ومن دون إرادة عربية وإسلامية حازمة تردع هذا الكيان الهمجي فلن يغير من سلوكه.