بوسع أي حصيف تابع كلمة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح التي ألقاها يوم أمس في مفتتح أعمال الدورة الاعتيادية الثالثة للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، أن يقف على حقيقة الزوبعة التي أحدثتها بعض عناصر التخريب في عدد محدود من المديريات في المحافظات الجنوبية بعيداً عن التضخيم الإعلامي الذي ساد تغطيات بعض الفضائيات والمواقع الالكترونية والاصدارات الصحفية سواء منها المحلية أو العربية أو الأجنبية والتي عمدت مدفوعة بهاجس الإثارة وتحقيق السبق إلى تصوير أحداث الشغب والتخريب التي قامت بها قلة من العناصر المأزومة والمأجورة بشكل يثير القلق خاصة لدى من يجهلون وقائع المشهد ويعتمدون على ما تبثه تلك الوسائل الإعلامية دون تمحيص أو تدقيق لمضمون ما تتناوله أو تبثه من معلومات. ولذلك فقد كان من الأهمية أن يضع فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، الجميع أمام الحقيقة كما هي، ليس فقط ليزيل القلق عن أولئك الذين ساورتهم المخاوف على الوحدة اليمنية التي مثلت أهم إنجاز في التاريخ الحديث للأمة العربية بل أن الأخ الرئيس وانطلاقاً من تفهمه لبواعث ذلك القلق قد حرص على أن يطمئن الجميع من أن اليمن بالفعل في خير وأمان ووحدته مصانة ومحصنة بإرادة أبناء شعبه الذين هم أكثر غيرة وأكثر استعداداً على الدفاع والذود عن ذلك المكسب العظيم بأرواحهم ودمائهم. من هذا الإيمان فلم ينتظروا أحداً لكي يحفزهم على القيام بواجبهم في مواجهة تلك الفرقعات التي حاولت بعض العناصر الخارجة على النظام والقانون أن تزج بالوطن من خلالها إلى مالا يحمد عقباه لكن فقد تكفل المواطنون الشرفاء من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية بالتصدي لهم وإسقاط مراهناتهم ومن يقفون وراءهم بمسئولية عالية جسدت عمق الوفاء والاخلاص لمبادئ وقيم الثورة اليمنية ال26 من سبتمبر وال14 من اكتوبر ومسيرتها المظفرة وتحولاتها وإنجازاتها العظيمة وفي الصدارة منها.. المنجز الوحدوي الذي صنعه اليمنيون جميعاً في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م كاستحقاق حتمي لتلك التضحيات السخية والجسيمة التي قدمها آباؤهم على دروب التحرر والانعتاق وتحقيق ذلك الهدف النبيل الذي ارتسم في الوجدان الوطني كحقيقة راسخة لا تقبل الجدل. والحق أنه كان بوسع أفراد القوات المسلحة والأمن تطويق وإخماد مظاهر الشغب والتخريب التي حرضت عليها بعض العناصر الموتورة والضالة من بقايا مخلفات الماضي الأسود على الرغم من مشروعية تلك المهمة لولا حرص القيادة السياسية على عدم إراقة أية قطرة دم الأمر الذي استوعبه المواطنون الشرفاء فقاموا بدورهم في الدفاع عن ثوابتهم ومصالحهم الوطنية من تلك المحاولات البائسة لعناصر الارتزاق والعمالة التي ما زالت أسيرة لأوهامها وفكرها المريض الذي يزين لها أن بإمكانها إعادة عقارب الزمن في هذا الوطن إلى الوراء، دون إدراك أن أمراً كهذا هو من سابع المستحيلات إن لم يكن المستحيل بعينه. ومن الواقعية أن تسارع عناصر التخريب والارتداد إلى التوبة والأوبة واستعادة رشدها قبل أن يحل عليها غضب الشعب ولعنة التاريخ، فالعاقل من اتعظ بغيره وأزال الغشاوة عن عينيه وتخلى عن مكابرته وعناده واستوعب أن الانغماس في الخطايا والتمادي في الغي إنما ستكون عواقبه وخيمة على كل من افتقد القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب والحق والباطل وجعل من نزعاته تتحكم في تصرفاته ليصبح ممن ينطبق عليهم قول المولى عز وجل «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ»