دائماً ما يحرص الأخ الرئيس علي عبدالله صالح على التذكير وتجديد التأكيد بأن الحوار والتفاهم ينبغي أن يظلا هما الأساس للوصول إلى التوافق وإيجاد الحلول للقضايا التي تهم الوطن. وذلك هو الخيار الحضاري الذي يتوجب تبنيه من قبل كافة الأطراف الحزبية أو غيرها باعتبار أن أي بديل لهذا الخيار سيكون غير مأمون الجانب في مؤداه ونتائجه التي لا شك وأنها ستلقي بتأثيراتها المدمرة على الجميع. وتمثل الاستجابة لدعوات الحوار حول أي من الموضوعات والقضايا الوطنية واحدة من معالم النهج السلمي للنظام الديمقراطي والتأكيد على خلو المقاصد السياسية من شبهات النزعات المصلحية والجنوح إلى استغلال المناخات الديمقراطية لتمرير ممارسات مرتبطة بغايات نفعية أو أهداف انتهازية. ويجسد الحوار مبدأ الالتزام السياسي والحزبي بتقاليد النظام الديمقراطي وأحكامه التي تضمن للجميع الحق في التعبير عن الرأي والمنافسة الشريفة والسلمية في كسب ثقة الناخبين في صناديق الاقتراع والتربع على كراسي السلطة. وغاية أية دعوة للحوار هي الحرص على تكريس مداميك الشراكة الوطنية وانتهاج سبلها وبما من شأنه خدمة المجتمع وتحقيق تطلعاته وتمتين جبهته الداخلية وللعمل بقيم الحوار متطلباته وشروطه الموضوعية التي تفترض أو تفرض الأخذ بمستلزماتها السلمية في كافة أوجه ومجالات الممارسة والامتناع عن دفع الأمور إلى نقطة القطيعة. ويظل الالتزام بما يتم التوصل إليه من مواثيق وعهود الضمان الحقيقي للنجاح الحواري وليس مجرد التوصل إلى الصيغ المكتوبة لاتفاقاتها ولا تنحصر الانعكاسات السلبية للتنكر لنتائج التفاهمات على إفشال واحدة من الوقائع الحوارية، إذ أن له امتداداته التي قد تقصي الحوار من قائمة الخيارات العملية للتعامل الوطني مع الأحداث والتطورات التي تعتمل داخل الساحة السياسية، وبالرغم مما سبق له الحدوث من تنكر ظل هذا الخيار الإنساني والحضاري معمولاً به في تأكيد يستحيل الطعن أو مجرد التشكيك في مصداقيته على أن المصلحة الوطنية هي الأولى بالرعاية والتنازل أو التخلص من ردود الأفعال الانفعالية أو الانجرار وراء أهداف تآمرية تسعى لتفجير الأوضاع. ولا يمكن إطلاق وصف آخر غير التآمري على توجهات ومسلكيات تسعى لتأجيج الأوضاع واختلاق الأزمات وتتمادى في إتيان كل ما من شأنه إبقاء الحال على ما هو فيه من اضطراب في أحسن التقديرات وإيصاله إلى نقطة التلف ومنطقة الخراب في أسوأ المواقف. وتأتي الدعوة إلى الحوار والتفاهم في ظل المتغيرات السياسية السلمية التي تتخذ الطابع العملي وفي ظرف صار الفرز والتحديد فيه واضح للمواقف تجاه أول الثوابت الوطنية تعبيراً عن التمسك بعملية الإبقاء على فرص وإمكانيات مراجعة النفس وتصويب الممارسات والعودة إلى الصواب. وأرحم بهؤلاء الضالين من أنفسهم من يعمل على مساعدتهم كي يتجنبوا الوقوع في متاهات ومستنقعات السقوط التاريخي والوطني. (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)