على مر العصور وعبر مراحل التاريخ المختلفة لم يجتمع لقب "مناضل" مع لقب "قاطع طريق" إلا في حالة الشعراء الصعاليك. وهؤلاء بالمناسبة كانوا رجال يمارسون صعلتكهم في الصحارى، وليس على الطرق الرئيسية. الأهم من ذلك أنهم كانوا أصحاب مروءة، مسكونين بروح الشهامة. لم تحدثنا كتب التاريخ أن صعلوكا عربيا، أيَّاً كانت صعلكته، قطع الطريق على رجل مسكين وعائلته وأطفاله، واعتدى عليه حتى أسال دمه أمام أطفاله وزوجته، لمجرد أنه كان يمتطي ناقة "فاصل 13"! تصوروا معي لو كان الرسول صلى الله وعليه وسلم حيا بيننا، ووصله الخبر التالي: "قطاع طرق يطلقون النار على أسرة عابرة سبيل، لمجرد أنهم يركبون سيارة فاصل1" (؟!). ثم أين المروءة والشهامة اليمنية التي لا تتحرك في الناس، الذين يفترض أنهم مسلمون، عندما يشاهدون أفرادا يعرفونهم وهم يتقطعون على سيارة فيها نساء وأطفال، ويجبرون السائق على النزول، ثم يجبرون النساء على خلع ما بحوزتهن من الذهب!؟ سار من كل شي أحسنه، حتى الصعاليك، والجاهلية أيضا، جاهلية اليوم أشد من جاهلية زمان. كانوا زمان يتصعلكون لمحاربة العنصرية، التي فرقت بين الغني والفقير، ولهذا تصعلك عروة بن الورد رغم أن والده كان سيد القوم وأثراهم؛ لكنه كره العنصرية التي تتعامل مع الناس وفق العِرْق. وكان من شدة إحساسه بمعاناة الناس يقول: أُقسِّمُ جسمي في جسوم كثيرة وأحسو قراح الماء والماء بارد. أسألكم بالله! أي بطولة وأي نضال وأي مبادئ تلك التي يمكن أن يحملها شخص يعامل الناس وفق ثقافة الفواصل والبراميل والعِرْق والمنطقة، فيحرق محل فلان لأنه ينتمي إلى المكان الفلاني، ويعتدي على فلان لأنه يركب سيارة صادرة من المحافظة العلانية و... و... و... الخ!!؟ الله سبحانه وتعالى اسمه الحق، ولا يمكن أن يكتب الاستمرارية لأي فئة هدفها التفريق والتشتيت وإثارة الفتنة وبث الرعب وقطع الطرق وإسالة الدماء. إن الوحدة اليمنية مكانها في القلوب. ومن سوء حظ دعاة العنصرية أن القلوب ليست مرقمة، ولا يوجد يمني قلبه "فاصل 1"، وآخر قلبه "فاصل 2"... {إن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}، {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات} صدق الله العظيم.