الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    ما لا تعرفونه عن الشيخ عبدالمجيد الزنداني    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وظائف منظمات المجتمع المدني في الاقتصاد العادل!
نشر في 26 سبتمبر يوم 12 - 10 - 2009

على الرغم من الدور الأساسي الذي تلعبه الأسرة في الاقتصاد العادل لكنها تحتاج الى مساعدة كيانات أخرى. لكن هذه الكيانات ينبغي ان لا تنافس الأسرة بل يجب ان تعمل على مساعدتها و ان يكون مجالها منحصرا في تلك المجالات التي لا تتمتع فيها الأسرة بأي ميزة نسبية.
فقد شهد التاريخ البشري ظهور العديد من الكيانات المساعدة للأسرة مثل العشيرة و القبيلة و الجماعة و الطائفة و الملة و المذهب و الأمة و الدولة و منظمات المجتمع المدني.
فالعشيرة هي امتداد للأسرة عندما تنقسم الأسرة الى عدد من الأسرة. و لذلك فان العشيرة لا ينبغي ان تنفس الأسرة على وظائفها الأساسية و إنما ينبغي ان تتولى تلك الوظائف المساعدة للأسرة مثل التضامن في حال حدوث أمور كبيرة لا تستطيع مؤسسة الأسرة مواجهتها مثل الكوارث الطبيعية و الترتيبات الامنية الجمعية و الاحتفالات الموسمية.
و كذلك فان القبيلة ما هي الا تجمع للعشائر. و لذلك فانها ينبغي ان تتولى الوظائف التي تعجز العشيرة القيام بها منفردة. و من أهم الأمثلة على ذلك إدارة الموارد الطبيعية مثل الأرض و المراعي و تعريف حقوق الملكية الخاصة و حمايتها و كذلك الحقوق العامة. بالاضافة الى عملية تطوير العادات و التقاليد و الحفاظ عليها.
أما كل من الجماعة و الطائفة و الملة و المذهب فقد ظهرت الى الوجود كتعبير عن الدين. فالدين بطبيعته اجتماعي و بالتالي فانه ليس فرديا و لا اسريا و لا عشائريا و لا قبليا. انه يقوم على أساس العلاقة بالإله و الذي هو خارج هذه الكيانات. فالجماعة الدينية تقوم على أساس الاعتقاد و الذي يسمح بالمشاركة فيه حتى لمن لا ينحدرون من دم واحد. و لكن المعتقدات الدينية ما تلبث ان تتعدد مما يترتب عليه انقسام الجماعة الى ملل و طوائف و مذاهب.
إما الأمة فانها نتيجة لتداخل العلاقات الأسرية و العشائرية و القبلية من جهة و العوامل الدينية من جهة أخرى فتشكل مزيجا معينا يطلق عليه ثقافة او حضارة. و لذلك فان الأمة تشير الى تنوع اجتماعي و ديني مع وجود قوسم مشتركة اقتصادية و ربما سياسية.
نشأت الدولة تاريخيا نتيجة لتركز السلطة. فعندما تغزو القبيلة الأقوى القبائل الأضعف و تنجح في السيطرة عليها نشوء هذه القبيلة نظاما يمكنها من الحفاظ على سيطرتها هذه. هذا النظام أطلق عليه دولة. و نظرا للتغير الدائم في توازن القوى بين القبائل فان القبيلة التي يختل ميزان القوى لصالحها ما تلبث ان تصبح هي القبيلة الحاكمة و تتحول القبيلة التي كانت حاكمة الى قبيلة محكومة.
و من اجل تفادي ذلك فان الأسرة المسيطرة داخل القبيلة الحاكمة تتخلى عن انتمائها القبلي لصالح الانتماء الى نفسها. و بذلك تتحول الدولة من دولة قبلية الى دولة أسرية تحت اسم مملكة او إمبراطورية. لكن ذلك لم يقضي على الصراع السياسي. فقد انتقل الصراع من صراع بين القبائل الى صراع بين إفراد الأسرة المالكة. و لم يفلح في إيقافه او الحد منه تحويل نظام الحكم الى نظام مؤسسي يقوم على انتقال السلطة من الأب الى الابن الأكبر بشكل تلقائي.
و قد أثمرت جهود الاصطلاحين الا وربين في تحويل الدولة من دولة أسرية الى دولة قومية في أواخر القرن الثامن عشر و بداية القرن التاسع عشر. و تعد الدولة الجمهورية الفرنسية التي قامت نتيجة للثورة الفرنسية و الدولة الأمريكية التي قامت نتيجة لثورة المستعمرات البريطانية في شمال أمريكا على المملكة المتحدة ابرز الأمثلة على ذلك. الا ان هذا الأسلوب في الحكم لم ينتشر بسرعة الى الدول الاخرى الا بعد الحرب العالمية الأولى و الثانية التي نشبتا في النصف الأول من القرن العشرين.
و من الواضح ان التنافس بين العوامل الاقتصادية و السياسية هو الذي يحدد طبيعة كل دولة امة من الأمم سوء عبر المسار الزمني او عبر الإطار الجغرافي. و نتيجة لذلك فهناك تعدد في دولة الأمة سواء من الناحية التاريخية او من الناحية الجغرافية. فدولة الأمة التي تتغلب فيها الاعتبارات السياسية تكون عادة مركزية فيتم تغليب المصالح الاقتصادية للقبائل او الجماعات الدينية المسيطرة. و ينعكس ذلك في وجود فورق بالدخل و المستوى الاجتماعي داخل هذه الأمة.
أما دولة الأمة التي تتغلب فيها الاعتبارات الاقتصادية فان السيطرة فيها تكون للأسر او المناطق او النخب التي تمتلك الثروة او المال. و لا شك ان يترتب على ذلك وجود فوارق و تفاوت كبير بين الأفراد المنتمين لهذه الأمة. و بشكل عام فان الثروة في هذه الأمة تتركز في أيد القلة التي تمثل عشرة بالمائة من السكان في حين الأغلبية تعيش في فقر مدقع.
لقد ترتب على انتهاء الحرب الباردة بين الشرق و الغرب في تسعينات القرن الماضي ظهور هذه الخصائص. و نتيجة لذلك فقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية تطوير دولة الأمة الى دولة اكثر ديمقراطية و عدالة.
و حتى تكون هذه دولة الأمة ديمقراطية و عادلة فانه لا بد من يكون هناك توازن بين الاعتبارات الاقتصادية و السياسية. و في حال تحقق ذلك فانه سيترتب عليه انتشار معقول و مقبول للثروة و السلطة في مختلف شرائح الأمة. فمن الناحية الاقتصادية فان النسبة الأكبر من الثروة تكون في أيد الطبقة الوسطى و التي تضم النسبة الأكبر من السكان. و في نفس الوقت فان نسبة كبيرة من السكان تشارك في السلطة السياسية.
صحيح ان مرتكزات هذا التوجه الأمريكي قد بدأت منذ وقت مبكر قبل انتصار الولايات المتحدة الأمريكية على الاتحاد السوفيتي السابق لكن المحاولة الجدية لنشر هذا التوجه لم تبدأ الا بعد ذلك. فجذور هذا التوجه موجودة في وثيقة الحقوق الأساسية للإنسان التي اقرها الكونجرس الأمريكي و تحولت الى وثيقة دولية باعتماد الأمم المتحدة لها.
و لتحقيق ذلك فانه لا بد من تقليل من دور الدولة لصالح منظمات المجتمع المدني. و قد ترتب على التركيز على الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية تزيد الدور المطلوب من هذه المنظمات.
يمثل ميثاق الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الذي وافقت الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1966 و الذي أصبح ملزما لجميع الدول في عام 1976 حجر الزاوية لهذه الحقوق. انه اقر بوجود حقوق اقتصادية و اجتماعية للأفراد و ليس للأسر. تشمل هذه الحقوق حق العمل و حق الصحة و حق التعليم و حق الملكية و حق الحصول على المستوى اللائق من المعيشة.
و من الملاحظ على هذه الحقوق انها عامة. فعلى سبيل المثال فان حق الفرد بالحصول على العمل الذي يناسبه يمكن ان يخضع تحديد المقصود بذلك لتفسيرات متعددة. و نفس الامر ينطبق على الحقوق الاخرى.
و كذلك فان هذا الميثاق قد اقر بضرورة التدرج في تطبيق هذه الحقوق. و لا شك ان ذلك قد أعطى الدول الموقعة على الميثاق ان تبرر أي انتهك لأي من هذه الحقوق بحجة التدرج.
و على الرغم من ان الميثاق قد نص على ضرورة السماح للأفراد في تنظيم نفسهم بهدف السعي للحصول على حقوقهم هذه من قبل حق تكوين النقابات المهنية و التجارية فان العديد من الحقوق لم يتم تحديد آلية واضحة لكيفية تحديدها او الوفاء بها. و من الواضح ان ذلك يتعلق بمعظم الحقوق مثل التامين الصحي بهدف الحصول على أفضل مستويات الرعاية الصحية المتاحة و حق الحصول على حياة أسرية و حق الحصول على التعليم الأساسي و المهني و حق الحصول على الغذاء المناسب و الخدمات الأساسية مثل المياه النقية و الكهرباء ناهيك عن حق الحياة الكريمة.
و الأكثر أهمية من ذلك كله ان أهم التزام على الحكومات الموقعة على الميثاق هو إصدار القوانين المنسجمة مع ذلك و على وجه الخصوص النص فيها على عدم التميز بين الأفراد على أساس الجنس او الدين او اللون او المولد او أي معاير أخرى. و ما عد ذلك فانه لم يتضمن الميثاق أي عقوبات على الدول التي لا تلتزم بما وقعت عليه. بل انه لا يوجد معيار محدد يوضح ما اذا كانت أي دولة من الدول الموقعة قد بذلت أقصى ما تقدر عليه من جهد.
و بشكل عام فوفقا لهذا الميثاق فان مسئولية تمكين الأفراد من هذه الحقوق تقع بشكل أساسي على الدول الموقعة إما بشكل فردي إما بشكل جماعي. و من اجل تنسيق الجهود فقد تم انشأ مجلس مختص تابع للأمم المتحدة.
و كما هو واضح فان العديد من الدول الموقعة تعاني من محدودية الموارد و ضعف الأولويات و ضعف سياسي و مؤسسي و بالتالي فانها غير مؤهلة لذلك. و كذلك فان ما تقدمه الدول الغنية من دعم لهذه الدول محدود و غير فعال.
فقد كان من الأفضل ان تسند هذه المهمة الى منظمات المجتمع المدني. ذلك ان بعض هذه المنظمات التي تولت بعض هذه المهام في الدول المتقدمة قد حققت نجاحا كبيرا فاق بكثير ما حققته المؤسسات التابعة للدول في هذا المجال.
فمن الواضح الدور الذي تلعبه منظمات مثل المنظمات الخيرية و المؤسسات التي لا تسعى لتحقيق الربح و المنظمات الطوعية و لجان التنمية المجتمعية في هذه المجال. و قد تعددت أساليب إدارة هذه المنظمات من أسلوب الأمانات الى أسلوب الشركات مرورا بأسلوب المشروع و أسلوب المهام المؤقتة.
و على الرغم من ذلك فان أداء هذه المنظمات يمكن ن يتحسن كثيرا لو تم حل ثلاث موضوعات هامة لها علاقة بذلك. يتمثل الموضوع الأول في الضرائب و موارد المنظمات. فالعديد من قوانين الدول تعفيها من كل الضرائب او بعضها الامر الذي يعقد عملية إدارتها من جهة و يعرض للاتهام بتهربها منها. و كذلك فان جزء كبيرا من مواردها يأتي من التبرعات و الهبات مما يترتب عليه سهولة استغلال هذه المورد لإغراض لا علاقة لها بأهدافها المعلنة. فالعديد من هذه المنظمات تتهم في ضلوعها بعمليات غسل الأموال او تمويل الإرهاب.
أما الموضوع الثاني فيكمن في مجال عمل هذه المنظمات الذي يخلط بين النشاطات الاجتماعية و النشاطات التجارية. و لا شك ان ذلك يعقد من طرق أدرتها و تقيمها و ذلك لاختلاف طبيعة النشطين.
أما الموضوع الثالث فيتمثل عملية الرقابة المالية. ان طبيعة هذه المنظمات يشبه الى حد كبيرة طبيعة الشركات التي تنفصل فيها الملكية عن الادارة مما يجعل عملية حوكمتها معقدة جدا. فبالإضافة الى الفصل بين الملكية و الادارة فان هناك تعقيد أخر يتمثل بعدم وجود قوائم مالية يمكن تحليلها لتقيم أداء القائمين عليها.
و لحسن الحظ فان الإسلام قد سبق الغرب في الاهتمام بالدور الذي يمكن ان تقوم به منظمات المجتمع المدني. فالدين الإسلامي هو الدين الأول في العالم الذي كفل و حظ على حرية الدين. و بالاضافة الى ذلك فقد أكد القران مرارا و تكرارا على لتنوع باعتباره طبيعة بشرية. و على هذا الأساس فان الحرص على التوحد ألقسري حتى في ظل الدين الواحد ظلم كبير.
و قد طورت الثقافة و اللغة العربية مصطلحات تخدم عملية التنوع. فالأمُّ، بالفتح: القَصْد. أَمَّهُ يَؤُمُّه أَمّاً إِذا قَصَدَه؛ وأَمَّمهُ وأْتَمَّهُ وتَأَمَّمَهُ ويَنمَّه وتَيَمَّمَهُ. يقال: أَمَّه يَؤمُّه أَمّاً، وتأَمَّمَهُ وتَيَمَّمَه أَي هو على طريق ينبغي أَن يُقْصد. و كما تتعدد الطرق فان الجماعات ايضا تتعدد. والأمة الحالةُ، والإِمَّة والأُمَّةُ: الشِّرعة والدِّين. والأُمَّةٍ، وهي مثل السُّنَّة، وهي الطريقة من أَمَمْت. يقال: ما أَحسن إِمَّتَهُ، قال: والإِمَّةُ أيضاً النَّعِيمُ والمُلك. وتَأَمَّم به وأْتَمَّ: جعله أَمَّةً. والأُمَّةُ: القَرْن من الناس؛ يقال: قد مَضَتْ أُمَمٌ أَي قُرُونٌ.
والأُمَّةُ: الرجل الذي لا نظِير له. والأُمَّةُ الجماعة.
ان التنوع ضروري للحياة و كذلك فانه موجود في كل الأديان و الثقافات. و الدليل على ذلك هو وجود التنوع في مملكة النباتات و الحيوانات. فهناك أنواع متميزة من النباتات و الحيوانات و هناك فصائل متعددة في كل نوع من النباتات و الحيوانات. و ما من دابة في الأرض و لا طائر يطير في السماء الا أمم مثالكم.
و ممن خلقنا امة يهدون بالحق و به يعدلون. و لكل امة رسول. و قيل يا نوح هبط بسلام و بركات عليك و على أمم ممن معك. فالتنوع موجود في كل الديانات السماوية و غير السماوية. فتعدد فرق اليهودية و النصرانية و الإسلامية دليل على ذلك. و نفس الامر ينطبق على الديانات الهندوسية و البوذية و الكنفوشية و غيرها. لم تنج أي ثقافة او حضارة من الثقافات و الحضارات من التنوع. و قطعناهم اثني عشر سبطا. و اختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقاتنا. و قطعناهم في الأرض مما. ليسوا سواء من أهل الكتاب امة قائمة تامروا بالمعروف و تنهى عن المنكر و يسارعون بالخيرات و أمم أخرى تامروا بعكس ذلك. يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا بالونكم خبالا قد بدت البغضاء من أفواههم على الرغم من إنكم تحبونهم. ان تمسسكم حسنة تسؤهم و ان تصبكم مصيبة يفرحوا و مع ذلك فلا تعاملوهم بالمثل فواجهوا تصرفاتهم هذه بالصبر. و من أهل الكتاب امة مقتصدة و كثير منهم ساء ما يعملون.
فممارسة امة من الأمم البعض لسيئات مثل الكذب و الخيانة إشعال نار الفتن و ممارسة الكراهية و التميز و الخداع و أكل اموال لناس بالباطل مثل الربا و السحت لا يبرر إطلاقا العامل معها من الأمم بنفس الممارسات. فقد جاءكم بصائر من ربكم فمن اهتدى فلنفسه و من ضل فعليها. اتبع ما أوحي إليك من ربك و اعرض عن المشركين. و لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله كذلك زينا لكل امة إعمالهم. فلباس التقوى خير من لباس الفجور. ان الله يأمر بالعدل و الإحسان و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي. فالتفاضل بين الأمم أي ان تكون امة هي أربى من امة يتم وفقا للالتزام بالعهد و عدم الحنث بالإيمان. فأي امة لا تحرص على ذلك فانها تقضي على نفسها بنفسها كتلك التي كانت تغزل في النهار فإذا ما حل الليل فانها تنقض ما غزلت. و هكذا سيكون حال الأمة فبعد ان كانت أمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذقها الله لبس الجوع و الخوف.
الأمة الا ربى هي التي تقول للأمم الاخرى تعالوا الى كلمة سواء بيننا و بينكم و ن لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله. فان استجابت فخير و ان تولت فتقول شهدوا بانا مسلمون. انها تتعامل مع الأمم الاخرى بشفافية عالية بعيدا عن لتضليل و الخداع و الكذب و التميز. تعترف لأهل الفضل بفضلهم و تنبه أهل الضلال. تحرص كل الحرص على ان لا تلبس الحق بالباطل. وتؤدي لأهل لحقوقهم و تخون الأمانة مهما كانت المبررات.
انها تحترم الآخرين و ان اختلفت معهم. يا أيها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم و لا تلمزوا أنفسكم و لا تنابزوا بالألقاب. يا أيها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضا. يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ن أكرمكم عند الله اتقاكم.
انها لا تسعى للسيطرة على الأمم الاخرى حتى لو كانت موازين القوى لصالحها. و الدليل على ذلك ان تقر بالتميز بين مكوناتها. فالمهاجرين امة من دون الناس يتعقلون معاقلهم الأولى. وعشائر المهاجرين امة يعقلون معاقلهم الأولى. و الأنصار امة من دون الناس يتعاقلون معاقلهم الأولى و كل عشيرة من عشائر الأنصار امة من دون العشائر الاخرى. و اليهود امة من دون الناس تتعال معاقلهم الأولى و كل فئة من فئاتهم امة من دون الفئات الاخرى يعاقلون معقلهم الأولى.
في الحديث: إنَّ يَهُودَ بَني عَوْفٍ أُمَّةٌ من المؤْمنين، يريد أَنهم بالصُّلْح الذي وقَع بينهم وبين المؤْمنين كجماعةٍ منهم كلمَتُهم وأيديهم واحدة.
فالأمة قد تجمع إتباع كل دين او من المفترض ان تكون كذلك فقد قال كل من إبراهيم و إسماعيل ربنا و اجعلنا مسلمين لك و من ذريتنا امة مسلمة لك. لكن لم يرغب كل ذريتهما بان يكونوا مسلمين و من يرغب عن ملة إبراهيم الا من سفه نفسه. تلك امة قد خلت لها م كسبت و لكم ما كسبتم و لا تسالون عما كانوا يعملون.
فهناك امة وسطا و أمما متطرفة. فالأمة الإسلامية هي خير الأمم و كذلك جعلنكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس. و لكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ينما تكونوا. و ما اختلفوا فيه الا من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم. يا أيها الذين امنوا اعتصموا بحبل لله جميعا و لا تفرقوا. و لتكن منكم امة يدعون الخير ويأمرون المعرفون و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون. و بذلك تكونون خير امة أخرجت للناس.
و المسلمون المؤمنون من المهاجرين و الأنصار امة من دون اليهود و النصارى و المشركين. و المسلمون و اليهود و النصارى و المشركين امة من دون قريش يتعاون على البر و التقوى و يقفون ضد الظلم غير متنصرين على بعضهم البعض بدون حق و ان يدافعوا عن لمدينة كل من جهته و كل من بقي في المدينة منهم فهو امن و كل من خرج منها فهو امن و لا يجير احد مولى أخر بدون إذنه يدهم جميعا على كل من يحدث امرأ فيها. و قد عبر عن مضمون ذلك الايات الأخيرة التالية من سورة الأنفال.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)
و يمكن ان نلحظ ان الإسلام قد طور عدد من المفاهيم الى تلاءم التعدد و التنوع الديني و الثقافي و الاجتماعي و السياسي. و يمكن هنا مناقشة أهمها و ذلك على النحو التالي:
* مؤسسة المسجد
لقد مثل مسجد الرسول في المدين المؤسسة المدنية التي تولت العديد من المهام الاقتصادية و الاجتماعية الى جانب المهم السياسية. و قد حددت صحيفة المدينة هذه المهام. انها تنص على " وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان ، أو فساد بين المؤمنين وأن أيديهم عليه جميعا ، ولو كان ولد أحدهم ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ولا ينصر كافرا على مؤمن وإن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم وإن سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال . في سبيل الله إلا على سواقيل كلبينهم وإن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا ، وإن المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدي وأقومه وإنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ، ولا يحول دونه على مؤمن وإنه من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول وإن المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم إلا قيام عليه وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا ، ولا يؤويه وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل".
المسجَد الذي يسجد فيه و قيل كل موضع يتعبد فيه فهو مسجِد. فالمسجد لله يملكه وحده و من اجله يكون أعماره. فمن اظلم ممن منع مساجد الله و سعى في خرابها من حيث تحويلها الى ملك خاص. فبغض النظر عمن بناء المسجد او عمن يعتني به فانه لا يملكه أبدا و بالتالي فانه لا يحق له ان يستخدمه لإغراضه الشخصية. فمن يفعل ذلك فلن ينجح في ذلك لأنه لن يتمكن حتى من دخوله و هو امن و لن يذكره الناس بالفخر و الاعتزاز بل بالخزي و في الآخرة فان جزائه العذاب الشديد. فإخلاء المساجد من أهلها اكبر عند الله و الفتنة اشد من القتل.
فقد شرعت المساجد لإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة و فعل الخير للناس. و أقيموا الصلاة و أتوا الزكاة و ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله. و كذلك فان المساجد للاعتكاف و لا تبشروهن و انتم عاكفون في المساجد. فالمساجد لم تشرع للترف و اللاعب و لا للحصول على المال و لا للمنظرات الدنيوية أيا كانت. فلا تقاتلوهم عند المسجد الحرم حتى يقاتلوكم فيه. فلا يمكن ان يكون المسجد منطلقا للاعتداء تحت أي ظرف من الظروف.
ان من أهم وظائف المسجد هو تطهير المسلمين من الفحشاء. فيه رجال يحبون ان تطهروا و الله يحب المطهرين. أما الشيطان فانه يعمل بكل ليفتن ابناء أدام لينزع عنهم لباس التقوى بهدف كشف عوراتهم. فإذا ما أصاب المسلم فاحشة فلا يقول وجدنا إبائنا و الله أمرنا بها بل يقول علي ان ذهب الى المسجد للتطهر دنس الشيطان فان الله لا يأمر بالفحشاء.
فالمفترض ان تكون المساجد رحمة و هداية و تعاون على البر و التقوى. فان حولوه الى مكان للفتنة فقاتلوهم حتى يكون الدين كله لله. انه مكان للانفاق في سبيل الله. و تقبلوا بشغله بغير ذلك فان فعلتم فتلقوا بأيديكم الى التهلكة. فالله لا يحب الممسكين و إنما يحب المحسنين فأحسنوا. فإلى جانب ارتبط المسجد بالصلاة و التي هي هم العبادات على الإطلاق فان له ارتبط بالعبادات الاخرى. فمن الأفضل ان يكون له دور في تفعيل عبادة الزكاة. و ما من شك بان له دور في عبادة الصيام على الأقل فيما يتعلق بالاعتكاف وزكاة الفطر.
أما دوره في عبادة الحج و العمرة فأساسي. فلا يتم كل من الحج و العمرة الا في المسجد الحرام. فمن مستلزماتهما فعل الخير للآخرين و ما تقدموا لأنفسكم من خير يعلمه الله. و من مستلزمات الحج و العمرة النسك. و من مستلزماتهما التوقف عن الرفث و الفسوق مما يترتب عليه التزود بالتقوى. فالمتقون لا يحلون شعائر الله و لا الشهر الحرام و لا الهدي و لا أمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم و رضونا و لا يتعاونون على الإثم و العدوان. إنهم يوفون بالعقود و يتعاونون على البر و التقوى. فلباس التقوى ذلك خير.
المسجد منارة للعدل و الإحسان. قل أمر ربي بالقسط و أقيموا وجوهكم عند كل مسجد و ادعوه مخلصين له الدين ان يوفقكم للعدل و ان يثبتكم عليه. قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.
ان ذلك لا يمنع ان تأخذوا زينتكم عند كل مسجد و ان تأكلوا و تشربوا و تسرفوا انه لا يحب المسرفين. و ان اعترض عليكم احد فقولوا له من حرم زينة الله التي أخرجها لعباده و الطيبات من الزق؟ فقد قال الله تعالى انها للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة لهم يوم القيامة.
عمارة المساجد تتم بإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر. إنما يعمر مساجد الله الذين لا يخشون أحدا الا لله فعسى أولئك ان يكونوا من المهتدين. و من عمار المساجد الجهاد بالمال و النفس. و الجهاد في المال هنا بذله في إصلاح أمور المسلمين. أما الجهاد في النفس فيعني هنا بذل الجهد و الوقت و الخبرة لمساعدة المسلمين على تحسين مستوياتهم. و لا شك ان ذلك من أعظم الدرجات عند الله لأنهم يترتب عليه رضاء الله و رضاء المسلمين.
و لذلك فان من وظائف المسجد التزين بأحسن الثياب و التمتع بالطيبات من الرزق من الأكل و الشرب و تعليم القيم الفاضلة و المعارف النافعة و لتعاون على البر و التقوى و التصدي للاثم و العدوان.
و من وظائف المسجد ان يمكن الناس من ن يشهدوا منافع لهم و من ذلك التمتع بما رزقهم الله من بهيمة الأنعام فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها و اطعموا القانع و المعتر. ان ذلك مظهر من مظاهر التساوي. اذ يأكل معا من امتلك بهيمة الأنعام و قدمها لكل من هو في المسجد سواء كان فقيرا او غير فقير. ان ذلك شعيرة من شعائر الله يحمد عليه وحده. فهو ليس منا من ممن قدم بهيمة الأنعام و لا ذلا لمن أكل منها من الفقراء و لا بخلا ممن أكل منها من الاغنياء و لم يقدم منها شيئا. انه منسك يؤدي الى تقوى القلوب.
و من وظائف المسجد لتخفيف مما قد تعانيه بعض الصدور من غل كي يكون مرتاديه إخوانا. و لذلك فقد ذمم الله فعل من اتخذ مسجدا ضرارا و ارصدا. فالمسجد ليس بناء يشيد و لا شعارا يرفع و إنما رسالة تؤدى. فلا يكفي ان يسمى مبنى معين مسجد حتى يطلق عليه مسجد. بل انه لا بد و ان يترفق مع المبنى عمرة المسجد حتى يمكن ان يطلق عليه مسجدا. فالذي توهموا ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم فضحهم الله و رد عليهم ادعائهم. فالذين تخذوا مسجدا ضرارا و أرصادا لمن حارب الله و رسوله و تفريقا بين المؤمنين لم يتخذوا في الحقيق مسجدا لان ما يمارس فيه لا يتفق مع عمارة المسجد الحقيقي. و لذلك فانه لا يستحق ان يصلى فيه بل انه يستحق الهدم و التدمير. فوجده ضرر حتى و ان رفع لافتة المسجد و تدميره خير لان ذلك سيجنب المسلمين ما يمارس فيه من خيانة و مكر و تخريب و تدمير. لا شك ان مثل هذه الممارسات لا يؤدي الى التقوى بل الى الفجور. فبدلا من ن يعمل المسجد على تطهير الجماعة المسلمة فانه في هذه الحالة سيعمل على تلويثها. فقول الزور أثم و قول الحق تطهير.
فإذا كان المسجد كذلك فانه لا ينبغي صد المؤمنين عنه لان ذلك من أعظم الكبائر. المسجد يتيح للمسلم ان يخلع ثياب و أفعال الفجور و الفسوق و يستبدلها بالزينة الطيبة و فعال الخير والبر و الإحسان. من ثياب لفجور التباهي و الإسراف و الرياء. و من فعال الفجور البغي بغير الحق أكل اموال الناس بالباطل و من أفعال الفسوق بيع الوهم للناس و كل أنواع الفواحش الظاهرة و الباطن. و من ثياب الزينة أكل الطبيبات من الرزق و مساعدة المعدمين على ذلك وستر عيوب الآخرين و مساعدتهم على ذلك. و من أفعال الخير العدل أي نصرة المظلومين و من فعال البر تمكين الآخرين من لتغلب على نقاط ضعفهم و مساندتهم على تزكية نفسهم و من فعال الإحسان تامين الخائفين.
و نظرا لأهمية الرسالة التي تقوم بها أماكن العابدة فقد أعطاها الله تعالى حصانة. لقد أوضح الله بان المسجد قد جعله للناس كافة و بالتالي فان الاستفادة منه لا ينبغي ان تكون على ساس النسب او القرابة و المصالح المشتركة. فهو مؤسسة إنسانية تعمل من الناس كلهم بعض النظر عن الدين او العرق او لانتماء السياسي.فالمواطن و غير المواطن سواء أي سوء العاكف فيه و الباد. و لقد توعد الله ان يحاول ان ينحرف به عن مهامه هذه ان يذيقه من عذاب اليم.
و أي امة لا تحترم ذلك فان الله توعدها بالهلاك. لقد أعطى الله حصانة مطلقة لكل أماكن العبادة مهما كان نوعها. و جعل ذلك سببا للحفاظ عليها كلها. و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يذكر فيها اسم لله كثيرا و لينصرن لله من ينصره ان لله لقوي عزيز. و قد حث الله عباده المسلمين على التمسك بذلك حتى و لو لم يتمسك بها غيره. الذين ان مكناهم في الأرض قاموا الصلاة و أتوا الزكاة و أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر. و على الرغم من تعنت قريش فان لله لم يأذن لنبيه ان يدخل المسجد الحرام عنوة.

* مؤسسة الأوقاف
تعتمد مؤسسة الأوقاف على الأخوة الدينية. فإذ لم تستطع كل من مؤسسة الأسرة و ذوي القربى ان تقدم الدعم لبعض الناس الذين لا تربطهم به علاقة النسب فان العلاقات الدينية تحل محلها.
الوقف هو حبس العين او الأصل مع إعطاء حق الاستفادة من منفعتهما لشخص او أشخاص معينين او عير معينين بدافع الخير و البر و ليس مقابل أي تعويض مادي. و لذلك فانه لا يحق للمستفيدين التصرف فيمها بأي شكل من أشكال التصرف التي لها عوض. أي انها لا تباع و لا ترهن و لا تهب.
و على الرغم من هذا النوع من التصرفات لم تكن موجودة في أيام الرسول صلى الله عليه و سلم فانها قد انتشرت انتشارا واسعا فيما بعد. فقد كان الرسول صلى الله عليه و سلم يحض الناس على التصدق بالسلع القابلة للاستخدام مثل القمح و التمر و الحيوانات و الأموال و كان يوزعها على مستحقيها مباشرة. و قد حدث ان احد لصحابة قد تصدق بأحد بساتينه فأمره رسول الله ان يقسمها بين أقارب المتصدق. و لا يختلف الامر في اموال الزكاة المختلفة.
و كل هذه التصرفات كانت تعني ان ملكيتها الى من أعطيت له و بالتالي فانه يستطيع ان يستخدمها او يتصرف فيها كما يشاء. و لا شك ان ذلك يختلف جذريا عما أطلق عليه فيما بعد بالوقف او الاحباس. ذلك ان الموقف يتخلى عن ملكيته لها. لكن المستفيد لا يملك العين و إنما يملك المنفعة.
و قد ترتب على الفصل بين العين و المنفعة تعقيدات كثيرة. و قد ثرت هذه الازدواجية على الحفاظ على العين و إدارة الاستفادة من منافعها. و قد تم التغلب على هذه المشكل جزئيا عن طريق ما أطلق عليه نظارة الوقف أي إيجاد طرف ثالث يتولى أداة العين الموقوفة. لكنه ترتب على هذا الحل مشاكل أخرى. فإذا لم يكن لهذا الطرف أي حوافز مادية فقد لا يهتم بالعين او انه يستغل سلطة الإشراف للاستيلاء عليها بطرق غير مشروعة و خصوصا عندما تكون العين صغيرة و بالتالي فان منفعتها لا يمكن تقسيمها بين المستفيدين و المشرفين. ولقد ترتب على إدخال طرف ثالث تضخيم تكاليف إدارة العين الامر الذي أدى فعليا عدم تحقق الغاية من الوقف. فمنفعة العين تذهب الى الناظر الذي لا يستحقها وفقا لشروط الواقف.
و على الرغم من هذه المشاكل فان الوقف في العالم الإسلامي انتشر انتشارا واسعا و خصوصا ما تم وقفه على المساجد بمختلف أنواعها و في كل مكان في العالم العربي و الإسلامي. و كذلك الأوقاف للتعليم. فقد كان التعليم في العالم العربي و الإسلامي و حتى فترة قريبة يعتمد اعتمادا شبه كلي على العيون الموقوفة. و الى حد ما فان المرافق الصحية قد نالت نصيبا معقولا من العيون الموقوفة.
بالاضافة الى ذلك فقد تم تمويل حفر لعديد من الآبار للشرب عن طريق تمويلات المحسنين. و كذلك قنوات إيصال المياه و خصوصا في المدن المقدسة و الكبيرة. بالاضافة الى شق العديد من الطرق و أماكن إطعام المسافرين عليها و على وجه الخصوص طرق الحج و العمرة.
لكن للأسف فان الإقبال على الوقف في العصر الحديث قد انحسر الى حد كبير. و ربما يعود ذلك الى سيطرة الحكومات على العيون الموقوفة او الى وجود قوانين تحد من ذلك او تمنعه و خصوصا ذا كان مثل ذلك سيفيد المعارضة السياسية و الى سوء استخدام الموارد الموقوفة نتيجة لسوء الادارة.
و مع ذلك فانه يمكن ان يعاد دور هذا المصدر من جديد اذا ما تم بذل الجهد المطلوب للتوعية بأهمية مثل هذه التصرفات و العائد الكبير عليها في الدنيا و الآخرة. و في مقدمة ذلك التأصيل للوقف المالي ذلك ان هذا النوع هو الأكثر احتمالا نظرا لتحول اقتصاديات الدول الإسلامية مثلها مثل الاقتصاديات العالمية الى الاقتصاد النقدي بدلا عن لاقتصاد العيني.
و ينبغي ان ننبه هنا بأنه يمكن الاستفادة من التقدم الكبير في حوكمة المؤسسات المالية و التجارية و الخيرية في تصميم إطار مؤسسي يناسب طبيعة موارد الوقف و أنشطته.
* مؤسسة ذوي القربى (العاقلة)
فنظرا لأهمية ذوي القربى فان الله قد أمر بالإحسان إليهم بعد ان أمر بالإحسان الى الوالدين. و ما ذلك الا شارة الى العلاقة بين المؤسستين من ناحية و الى أهمية الدور المساند لذوي لقربى للأسرة. و يتمثل هذا الدور في الانفاق على مساكين و أيتام ذوي القربى التي لا تستطيع الأسرة العناية بهم إما لفقرها او لعجزها عن مساعدتهم كلهم. أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.
و نتيجة لذلك فلم تكن هناك حاجة للتبني. ما جعل الله ادعياكم أبنائكم ادعوهم لإبائهم فذلك اقسط عند الله فان لم تعلموا أبائهم فإخوانكم في الدين و مواليكم.
المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة منهم نفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وإن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل.
ويقال: اعْتَقَل فلان من دم صاحبه ومن طائلته إِذ أَخَذَ العَقْلَ.
وعَقَلْت له دمَ فلان إِذا تَرَكْت القَوَد للدِّية. وفي الحديث: قَضَى رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، بدية شِبْه العَمْد والخطأ المَحْض على العاقِلة يُؤدُّونها في ثلاث سنين إِلى ورَثَة المقتول؛ العاقلة: هُم العَصَبة، وهم القرابة من قِبَل الأَب الذين يُعْطُون دية قَتْل الخطأ، وهي صفةُ جماعة عاقلةٍ. ومعرفة العاقِلة أَن يُنْظَر إِلى إِخوة الجاني من قِبَل الأَب فيُحَمَّلون ما تُحَمَّل العاقِلة، فإِن حْتَمَلوها أَدَّوْها في ثلاث سنين، وإِن لم يحتملوها رفِعَتْ إِلى بَني جدّه، فإِن لم يحتملوها رُفِعت إِلى بني جَدِّ أَبيه، فإِن لم يحتملوها رُفِعَتْ إِلى بني جَد أَبي جَدِّه، ثم هكذا لا ترفع عن بَني أَب حتى يعجزوا. قال: ومَنْ في الدِّيوان ومن لا دِيوان له في العَقْل سواءٌ.
و يمكن ان تكون القَبِيلة كلها عقلة إِلا أَنهم يُحَمَّلون بقدر ما يطيقون، قال: فإِن لم تكن عاقلة لم تُجْعَل في مال الجاني ولكن تُهْدَر عنه. إِذا لم تكن العاقلة أَصْلاً فإِنه يكون في بيت المال ولا تُهْدَر الدية. وقَضَى النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، في دية الخطأ المَحْض وشِبْه العَمْد أَن يَغْرَمها عَصَبةُ القاتل ويخرج منها ولدُه وأَبوه، فأَما دية الخطأ المَحْض فإِنها تُقسم أَخماساً: عشرين ابنة مَخَاض، وعشرين ابنة لَبُون، وعشرين ابن لَبُون، وعشرين حِقَّة، وعشرين جَذَعة؛ وأَما دية شِبْه العَمْد فإِنها تُغَلَّظ وهي مائة بعير أَيضاً: منها ثلاثون حِقَّة، وثلاثون جَذَعة، وأَربعون ما بين ثَنِيَّة إِلى بازلِ عامِها كُلُّها خَلِفَةٌ، فعَصَبة القاتل إِن كان القتل خطأَ مَحْضاً غَرِموا الدية لأَولياء القتيل أَخماساً كما وصَفْتُ، وإِن كان القتل شِبْه العَمْد غَرِموها مُغَلَّظَة كما وصَفْت في ثلاث سنين، وهم العاقِلةُ.
لا تَعقِل العاقِلةُ عمداً ولا عَبْداً ولا صُلْحاً ولا اعترافاً أَي أَن كل جناية عمد فإِنها في مال الجاني خاصة، ولا يَلْزم العاقِلةَ منها شيء، وكذلك ما اصطلحوا عليه من الجنايات في الخطأ، وكذلك إِذا اعترف الجاني بالجناية من غير بَيِّنة تقوم عليه، وإِن ادعى أَنها خَطأٌ لا يقبل منه ولا يُلْزَم بها العاقلة. وأَما العبد فهو أَن يَجْنيَ على حُرٍّ فليس على عاقِلة مَوْلاه شيء من جناية عبده، وإِنما جِنايته في رَقَبته.
ولا يَعْقِلُ حاضرٌ على بادٍ، يعني أَن القَتيل إِذا كان في القرية فإِن أَهلها يلتزمون بينهم الدّية ولا يُلْزِمون أَهلَ الحَضَر منها شيئاً.
وفي حديث عمر: أَن رجلاً أَتاه فقال: إِنَّ ابن عَمِّي شُجَّ مُوضِحةً، فقال: أَمِنْ أَهْلِ القُرى أَم من أَهل البادية؟ فقال: من أَهل البادية، فقال عمر، رضي الله عنه: إِنَّا لا نَتَعاقَلُ المُضَغَ بيننا؛ معناه أَن أَهل القُرى لا يَعْقِلون عن أَهل البادية، ولا أَهلُ البادية عن أَهل القرى في مثل هذه الأَشياء. والعاقلةُ لا تَحْمِل السِّنَّ والإِصْبَعَ والمُوضِحةَ وأَشباه ذلك، ومعنى لا نَتَعاقَل المُضَغَ أَي لا نَعْقِل بيننا ما سَهُل من الشِّجاج بل نُلْزِمه الجاني.
و قد أقرت صحيفة المدينة العاقلة على ما كنت عليه في الجاهلية. اذ نصت على ان بنُو فلان على مَعاقِلِهم الأُولى من الدية أَي على حال الدِّيات التي كانت في الجاهلية يُؤدُّونها كما كانوا يؤدُّونها في الجاهلية، وعلى مَعاقِلهم أَيضاً أَي على مراتب آبائهم. وفي الحديث: كتب بين قريش والأَنصار كتاباً فيه: المُهاجِرون من قريش على رَباعَتِهم يَتَعاقَلُون بينهم مَعاقِلَهم الأُولى أَي يكونون على ما كانوا عليه من أَخذ الديات وإِعطائها.
* المؤسسة الإنسانية
فإذا لم تستطيع كل من مؤسسة الأسرة و ذوي القربى و الدينية مساعدة بعض الناس لعدم وجود علاقات كهذه فان الأخوة الإنسانية تحل محلها. فقد أمر الله تعالى بالإحسان الى الجار الجنب و الصاحب بالجنب و ابن السبيل بعض النظر عن العلاقة الأسرية و ذوي لقربى و الدين. و قد اعتبر الله الامتناع عن مساعدة هؤلاء تحت أي تبرير بخلا مذموما.
اذ يقول الله تعالى لرسوله الكريم إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاحكم به بين الناس جميعا حتى لو تعددت الأمم لكل جعل الله منها شرعة و منهاجا. و لذلك فأي محاولة لتوحيد الشرعة و المنهاج ستبوء بالفشل لان الله لم يرد ذلك. و بدلا من الانشغال بفرض التوحد بين الأمم بالقوة فمن الأفضل القبول بالتعايش و التسابق على الخيرات.
اذ ورد في صحيفة المدينة هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش و يثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم إنهم أمة واحدة من دون الناس. إنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد صلى الله عليه وسلم وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم وإن لبني الشطيبة مثل ما ليهود بني عوف وإن البر دون الإثم وإن موالي ثعلبة كأنفسهم وإن بطانة يهود كأنفسهم وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم وإنه لا ينحجز على ثأر جرح وإنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته إلا من ظلم وإن الله على أبر هذا ، وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم وإنه لم يأثم امرئ بحليفه وإن النصر للمظلوم وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم وإنه لا يجار حرمة إلا بإذن أهلها ، وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره وإنه لا تجار قريش ولا من نصرها ، وإن بينهم النصر على من دهم يثرب، وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصلحونه ويلبسونه وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم وإن يهود الأوس ، مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة. ويقال مع البر المحسن من أهل هذه الصحيفة .وإن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم وإنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم وإن الله جار لمن بر واتقى ، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و هكذا يتضح ان منظمات المجتمع المدني في الإسلام تتكامل مع الأسرة فتعمل على دعمها لا تحل محلها و بالتالي فانه لا يوجد صراع بينها. و لذلك فانه يمكن القول في ظل هذه المؤسسات يمكن تحقيق اكبر قدر من الحقوق السياسية و بأقل تكلفة ممكنة. و على هذا الأساس فانه يمكن القول بان لاقتصاد الإسلامي هو الاقتصاد العادل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.