ليس بمستغرب على الشعب اليمني المعروف بمعدنه الأصيل وعمقه الحضاري التليد أن يهب من مختلف مناطق الوطن في مواجهة تداعيات فتنة التمرد والتخريب، التي أشعلتها العناصر الإرهابية في بعض مديريات محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان بمحافظة عمران. وليس بغريب أيضاً على هذا الشعب المعتز بانتمائه الوطني ومبادئ ثورته «ال26 من سبتمبر وال14 من اكتوبر» ووحدته، أن يقدم مثل ذلك الموقف المشرف الذي تجسدت فيه أنصع صور الاصطفاف والتلاحم في مجابهة أعمال الخروج على النظام والقانون والشرعية الدستورية والديمقراطية، مترجماً تلك الدلالات بالأفعال قبل الأقوال، من خلال قوافل المدد الشعبي التي تتواصل من كل أرجاء اليمن لإغاثة إخوانهم النازحين جراء تلك الفتنة الخبيثة التي أذكت نيرانها عناصر شيطانية تجردت من كل القيم الوطنية والدينية والأخلاقية، مدفوعة بمشروعها الضلالي والظلامي، المشدود إلى الماضي الكهنوتي الإمامي وحقبه السوداء التي قضى عليها الشعب اليمني بثورته المباركة، التي خلصته من جبروت الاستبداد والاستعباد وصنوف التخلف، التي فرضت عليه من قبل الإمامة وحليفها الاستعمار الأجنبي وأذياله من السلاطين. ومن الطبيعي أن يجن جنون أولئك المسكونين بهاجس الحق الإلهي وأمراض الانغلاق الفكري أمام هذه الإرادة الجماهيرية والتلاحم الوطني بين أبناء الشعب اليمني الواحد، الذين قدموا بمساندتهم ووقوفهم إلى جانب إخوانهم النازحين ملمحاً أبرز الخصوصية اليمنية وما تتحلى به من الصفات النبيلة في السراء والضراء. ولم يخطر على بال تلك العناصر التي ظلت تتمترس في الكهوف والجبال وخنادق التمرد أنها ستكون في مواجهة مع الشعب اليمني كله، وأن هزيمتها التي دنت ساعتها الأخيرة ستكون حصيلة طبيعية لهذا التآزر الشعبي والالتفاف الجماهيري خلف البواسل من أبناء القوات المسلحة والأمن، الذين سطروا الملاحم البطولية وهم يدكون أوكار التمرد والتخريب ويلقنون عناصر الإجرام الدروس التي يستحقونها ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه التآمر على ثوابت هذا الشعب واستهداف مكاسبه وإنجازاته الوطنية. وبقدر اعتزازنا بهذا الموقف الوطني المشرف لأبناء الشعب اليمني فإننا نشعر بالامتنان لكل الأشقاء الذين لم يبخلوا بوقفتهم ومساندتهم لإخوانهم في اليمن، والذين أكدوا بهذه الوقفه أنهم نِعمَ الأشقاء، ونعم الإخوة في أوقات الشدة والمحنة، التي تبرز فيها المواقف والأحاسيس الصادقة والقيم الرفيعة لهذه الأمة، التي ستظل بخير ما دامت تحمل في ثناياها ذلك القدر من التكافل والتوحد والتلاحم والإخاء. ومن الضرورة بمكان استكناه مثل هذا المشهد من التعاضد، وخاصة من قبل تلك القوى التي زينت لها أوهامها أن بوسعها الانحراف عن جادة الصواب، من خلال ضخ ثقافة الكراهية وتفريغ نزعاتها التدميرية صوب مواطنين مسالمين يتطلعون إلى المستقبل الأفضل، أو تلك العناصر المرتدة على الثورة اليمنية، سبتمبر وأكتوبر، من أصحاب المشاريع الصغيرة دونما باعث أو موجب يقودهم إلى مثل تلك المواقف المخزية، وهم يتآمرون على الوحدة اليمنية التي فتحت أمام أبناء الشعب اليمني بأكمله آفاقاً واسعة للعيش المستقر والآمن، بعيداً عن مآسي وويلات التجزئة البغيضة، التي تجرع مرارتها هذا الشعب ردحاً من الزمن، حيث ولابد أن تدرك هذه التحالفات الشيطانية أن الالتفاف على إرادة الشعب التي هي من إرادة الله هو رهان خاسر، وأن الانحراف عن المسار القويم والطبيعي لصالح بعض المشاريع الصغيرة لن يكون له من نتيجة سوى أنه سيلقي بهم إلى محرقة الهلاك، وأن السفينة إذا غرقت فإنهم سيكونون أول من ستبتلعهم الأمواج العاصفة.