أراني معنياً أن أبدأ هذه التناولة بإشارة توضيحية إلى أن ما يفوح من استعارة رياضية في عنوانها إنما يضوع بروائح الأداء الجماعي ومعاني الحيوية والقوة محاطة بالإحساس العالي بمسئولية تقديم صورة راقية عن الروح التعاونية للخليج. وعلى ذات النهج الجماعي للعمل المشترك من أجل تحقيق التكامل والشراكة تأسست وتواصلت مسيرة مجلس التعاون الخليجي وقد استضافت دولة الكويت مؤتمر قمته الثلاثين في الثلث الثاني من شهرنا هذا. وكما أن المشكل الأمني والتطلع الاقتصادي مثلاً منطلق وقاعدة وهدف البناء التعاوني فقد ظلا حاضرين على رأس قائمة أجندات القمم الخليجية. وكذلك هو الحال في القمة الثلاثين مع الفارق, والفارق كما تجلى أمام ناظري ناتج حالة مقارنة بين قمة أسبق حضرتها وعقدت في ذات الدولة الكويت واحتل الهاجس الأمني فيها وما يستدعي من إجراءات احترازية مساحة كبيرة وبتواجد مكثف للأجهزة والجهات المختلفة حول المقار الفندقية لتواجد الإعلاميين والمركز الإعلامي مع التشدد في التعامل مع متطلباتها بحيث كان فقدان البطاقة الأمنية يعني حرمانك من دخول مقر إقامتك الفندقية.. واختلف الأمر وخف الإجراء في هذه القمة على الرغم من ارتفاع منسوب الحرارة ودرجة الخطورة للمسألة الأمنية وصار بإمكان الإعلامي أن يتحرك بأقل الاشتراطات الأمنية، ووصل الأمر لدرجة عدم الإحساس بالإجراءات وفي قاعة انعقاد القمة وقد أصبح الملوك والأمراء في متناول الأيدي الإعلامية، المصافحة، وتبادل التحايا، وتجاذب الحديث، وإطلاق النكات أحيانا،ً وما كان أن حل تذوق طعم الثقة والإحساس بالأمان محل الشعور بالقلق إن لم يكن الخوف في حالة رفع التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، ولهذا التغير في الأجواء الأمنية دلالاته التي تشير بأصابع التأكيد إلى حدوث تطور في البناء البشري والمؤسسي والتقني في هذا الجانب. وبنفس المذاق مضافاً إليه الجو الفرائحي كان الحضور للمجال الاقتصادي, حيث جرى الاحتفال بتدشين مشروع الربط الكهربائي بين دول الخليج بتلك الصورة المبهجة التي تخلصت من الطابع الممل للاحتفالات الخطابية، وقد خصصت دقيقة واحدة لكل وزير كهرباء ليتحدث عبر الصورة الإلكترونية ومنح بقية الوقت - إن لم نقل كل الوقت - للأداء التمثيلي والموسيقى الغنائية وفن استخدام الإضاءة ليغادر جموع الحاضرين الاحتفال ونفوسهم مضيئة بالارتياح. وكانت الكويت الدولة أكثر حضوراً وتميزاً في القمة الثلاثين وبذلك الشكل الذي تطلّع إليه وشاهده المتابعون للجلسة الختامية, وقد خصصت لعرض إعلان الكويت وبالأصح إعلان دولة الكويت وهو الإعلان الاقتصادي الذي لامس الاحتياج الفعلي للنهضة الخليجية وغطى مساحته الزمنية حاضراً ومستقبلاً. وكم هي حاجة الخليج كبيرة وماسة للتأهيل العلمي والمتطلب الزراعي والاحتياج المائي وقد مثّلت هذه القضايا لب وجوهر البيان. إنه البيان الذي يتقدّم بخطوات التعاون في اتجاه التواصل المتكامل مع المقدرات والمقومات الكامنة في الجوار وتوسيع نطاقه التكاملي ليجمع بروابطه الموحدة الجزيرة والخليج معاً. ولا تكتمل التناولة هنا للتميز الكويتي بدون الإشارة إلى الأحداث السياسية التي زادت الأجواء الديمقراطية ألقاً حيث تمكّن البرلمانيون من تحقيق رغبتهم في مساءلة رئيس الوزراء وعقد جلسة تصويت على الثقة ونجح رئيس الوزراء في تجديد الثقة بحكومته وكان الاحتفاء العام بالحدث غالباً لما يمثله ويعنيه من تطور تاريخي في المسيرة الديمقراطية للنظام الكويتي وكأن الأشقاء الكويتيين يقولون لنا: كلما اشتدت كلما ازددنا اقتداراً، وليس كمثله قول بطعم الثقة!