واجباتنا الدينية والوطنية هي شيء متلازم ومنظومة واحدة, ومن ليس عنده مخافة الله ولا الحد الأدنى من التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية فهو حتما لن يكون لديه الحد الأدنى من مفهوم القيم الوطنية الحقة التي تحفظ لهذا الوطن مصالحه وتحقق للمواطن تطلعاته وتحفظ له حقوقه وتعزز شعوره بالرضا وبالالتفاف حول قيادته السياسية في مواجهة كل الأخطار والدسائس والمؤامرات التي تحيق بالوطن. وبعض الناس يعتقدون أننا في الصحافة الرسمية لا نمتلك سقفاً من الحرية التي تجعلنا نوجه سهام النقد لكل مظاهر الفوضى والفساد وأننا فقط نجمل الأشياء ونقول أن كل شيء تمام وعلى ما يرام في حين أن العكس هو الصحيح، إذْ أنّ الصحافة الرسمية تسلط الأضواء على كل السلبيات لكن بنقد بناء وصحيح وليس مجرد تشهير ومزايدات ومماحكات ..ونحن نلتزم مسؤولية الكلمة الحرة كما فهمناها من أدبيات الديمقراطية ومن النهج الذي اختطته القيادة السياسية بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي تمنى وحرص على أن تكون الصحافة الحرة عوناً للقيادة السياسية وللحكومة في مواجهة الفاسدين والذين يسيئون بممارساتهم القبيحة إلى الحكومة والسلطة التي منحتهم ثقتها من أجل العمل على ما يرعى مصالح الوطن والمواطن وليس مصالحهم الأنانية الضيقة. وللأسف الشديد أن بعض الصحف الصفراء انحرفت بمفهوم الحرية والنقد إلى مسار آخر لتوجه سهامها الطائشة نحو القيادة السياسية وتنال من رمز الدولة بالتشهير والتجريح بدلا من أن تصوب سهام النقد للممارسات الفاسدة لهذا المسئول أو ذاك وتكون بالفعل عونا للقيادة السياسية.. وللأسف الشديد أيضا أن هذا الانحراف لاقى هوى ومباركة من قبل من يمارسون الفساد والبحث عن المصالح الذاتية والأنانية لكونهم يعتبرون أن الإساءة إلى رمز الدولة تجعل هذه الصحافة تفقد مصداقيتها وبالتالي لا يتم بعد ذلك النظر بعين الاعتبار لها حتى لو كشفت فساداً حقيقيا في هذا المرفق أو في هذه المحافظة أو تلك الوزارة..ولذلك ترى هؤلاء الفاسدين لا تتملكهم الغيرة عندما تسيء الصحافة إلى الوطن ولا تأخذهم الحمية عندما يكون هناك مساس برمز الدولة وتجريح للقيادة السياسية التي منحتهم ثقتها وحملتهم أمانة المسؤولية , لكنهم يزعلون ويجن جنونهم إذا ما تحدثت الصحافة عن حقائق تتعلق بممارساتهم الفاسدة والنتنة ..وتراهم يتوعدون من يحاول الاقتراب من خفاياهم بالويل والثبور. وعندما قرر فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح توسيع سلطة الحكم المحلي بانتخاب المحافظين لم يكن ينتظر من هؤلاء أقوالا ولا خطابات عصماء في المهرجانات والاحتفالات ليظهروا مواهبهم الأدبية ويتصنعوا الشعر والخطابة المزيفة.. ولكنه أراد أن يكون هؤلاء عند مستوى الأمانة والثقة ويتمثلوا تحديات المرحلة وأن يكبروا بحجم الوطن وبحجم طموحات القيادة السياسية التي أرادت تعزيز اللامركزية المالية والإدارية تماشيا مع المطالب الحقوقية المشروعة التي وعدت القيادة بتلبيتها لكي لا يكون هناك حجة على من يتحدثون عن غبن ومظالم ويرفعون شعارات انفصالية ويغذون ثقافة الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. فالسلطة المحلية مهمة قيادتها في أي محافظة من محافظات الجمهورية أن تكون قريبة من هموم وتطلعات الناس ومن تلبية احتياجاتهم الى المشاريع الخدمية والتنموية ولن يتم لها ذلك إلاّ حين تحشد حولها كل الكفاءات والشخصيات المسئولة المعروفة بالنزاهة والإخلاص للوطن وللقيادة السياسية ..وليس مهمتها أن تتفرغ لتحقيق مصالح شخصية وأنانية وتمارس فسادا يكون ضرره على الوطن أكبر من ضرر الإرهابيين والخارجين على القانون. فالسلطة المحلية ما دامت هي الآن حجر الزاوية في عملية البناء والتنمية فإن على قيادتها أن تتفرغ لمصالح الوطن والمواطن وليس لمصالحها الذاتية وأن تترجم أداءها إلى أعمال وليس إلى أقوال وخطب عصماء ..وعليها أن لا تزعل أو يضيق صدرها من النقد البناء والهادف ..فالصحافة المسؤولة سقفها مصالح الوطن والثوابت الوطنية وخطها الأحمر الذات الإلهية ورمز الدولة أما من هم دون ذلك فليسوا فوق النقد ..فلماذا الزعل؟.